اسلامياتالقران الكريم

مقاصد سورة محمد .. وفوائدها التربوية

مقاصد سورة محمد

لكل سورة في القرآن الكريم مقاصد وأهداف وغايات شرعها الله سبحانه وتعالى لمصلحة العباد سواء كانت مصالح دنيوية أو أخروية، وتوجد مقاصد محددة لكل سورة في القرآن الكريم، ووضحها العلماء وشرحوها للمسلمين في كتبهم، وسورة محمد هي إحدى سور القرآن الكريم

سورة محمد هي السورة السابعة والأربعون في ترتيب المصحف العثماني والسورة السادسة والتسعون في ترتيب نزول سور القرآن الكريم. نزلت سورة محمد بعد سورة الحديد وقبل سورة الرعد. وهي سورة مدنية وتحتوي على تسع وثلاثين آية، وتتضمن بعض الأهداف التالية:

يعلن هذا البيان الهام للناس بأن الله يبطل أعمال الكفار لأنهم يصرون على اتباع الباطل ويقاومون دعوة الحق، ويكفرون سيئات المؤمنين، وذلك ليصدوا الناس ويبعدوهم عن دين الله سبحانه وتعالى

ويتمثل الهدف من ذلك في دعم الحق واتباع طريق الحق والالتزام بما أنزل الله سبحانه وتعالى على محمد صلى الله عليه وسلم، وهذا ما يضمن للمؤمنين النصر على أعدائهم.

يجب علينا أن ندافع عن الحق ونتخذ الإجراءات اللازمة في مواجهة الكفار في بداية المعركة وفي نهايتها، مذكرين بالجزاء الذي ينتظر الشخص الذي يموت في سبيل الله

يتضمن الوعد للمجاهدين بدخول الجنة، والأمر للمسلمين بالجهاد ضد الكفار، والابتعاد عن دعوتهم للسلم، والتحذير للكفار بأنهم سينالون مصير الأمم الماضية التي كذبت على رسلها

– تحذير الكفار من أهل مكة من ما ينتظرهم من سوء المصير، مع إعطاء أمثلة عن الظالمين والمستبدين من الأمم السابقة، وتوضيح أن الله قد هلكهم بسبب الإجرام والظلم {أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كانت نهاية الذين من قبلهم} (محمد: 10)، وذكر لهم أيضا جزاء المؤمنين الذين يعملون الأعمال الصالحة

وعلى العكس من ذلك، فجزاء الذين يتمتعون بألذ المأكولات في الدنيا وشبيههم في تناول الطعام كالأنعام هو النار، مثواهم الأبدي، والتنبيه إلى أن سنَّة الله في إهلاك القرى التي وصفها بالظالمة.

تشير هذه القرى إلى قرى كانت أشد قسوة من قرية النبي صلى الله عليه وسلم، والتي تم طرد أهلها منها، كما يذكر في القرآن الكريم: `وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِن قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكَنَاهُمْ فَلَا نَاصِرَ لَهُمْ` [محمد 13].

وصف وبيان للجنة والنعيم المنتظر للمؤمنين الصالحين، بالإضافة إلى وصف جهنم وعذابها وما ينتظر الكافرين والمشركين والعصاة

– وصف المنافقين وحالتهم المدهشة عندما ينزل سورة تحث من رب العالمين المسلمين على القتال وعدم قدرتهم على فهم القرآن والتآلف مع المشركين، وتهديدهم بأن الله سبحانه وتعالى يخبر النبي صلى الله عليه وسلم بصفاتهم ومظاهرهم، وتحذير المسلمين من أن يصابوا بالنفاق الذي يقع فيه المنافقين

كما يوضح السورة، فإن الذين يصدون عن سبيل الله ويشاقون الرسول بعدما أصبح الحق واضحًا والهدى ظاهرًا، لا يمكنهم أن يضروا الله بأي شيء، وسوف يفشل أعمالهم، وإذا ماتوا وهم كفار، فلن يغفر لهم الله.

( وَلَنَبۡلُوَنَّكُمۡ حَتَّىٰ نَعۡلَمَ ٱلۡمُجَـٰهِدِینَ مِنكُمۡ وَٱلصَّـٰبِرِینَ وَنَبۡلُوَا۟ أَخۡبَارَكُمۡ * إِنَّ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ وَصَدُّوا۟ عَن سَبِیلِ ٱللَّهِ وَشَاۤقُّوا۟ ٱلرَّسُولَ مِنۢ بَعۡدِ مَا تَبَیَّنَ لَهُمُ ٱلۡهُدَىٰ لَن یَضُرُّوا۟ ٱللَّهَ شَیۡـࣰٔا وَسَیُحۡبِطُ أَعۡمَـٰلَهُمۡ ) [محمد 31، 32].

ختام السورة يشير إلى الوعد الذي قدمه الله للمسلمين بأنهم سيحصلون على التمكين في الأرض، ويحذرهم إذا وقعوا في الفساد الذي وقع في الأرض من قبل غيرهم، ومن القطيعة للرحم، ويذم الله البخلاء في إنفاقهم، ويؤكد على أهمية الاستغناء عن الخلق

الفوائد التربوية لسورة محمد 

تحتوي سورة محمد على العديد من الفوائد التربوية الهامة، مثل سور أخرى وآيات أخرى للمسلمين والناس عامة، وتعمل على توعية الناس وتوجيههم نحو الحياة الصالحة والمساعدة على الوصول إلى الجنة وتجنب النار، ومن بين تلك الفوائد:

  • تعليم الخوف والتقوى من الله، وضرورة اتباع الطريق المستقيم لتجنب الضلال، سواء للفرد أو للمجموعة
  • من الأركان الهامة في الإيمان معرفة الإيمان بالله، والعمل الصالح، والإيمان بما نزل على محمد صلى الله عليه وسلم، وجزاء التمسك بهذه الأركان في الدنيا هو تحسين الحال النفسية، وفي الآخرة هو التكفير عن الذنوب.
  • تعتبر ضرب الأمثال للأبناء ولغيرهم وسيلة لتبسيط وفهم السورة والمعنى بشكل جيد.
  • قد يؤخر النصر وربما يأتي بشكل عظيم للمؤمنين، وفي كلتا الحالتين، قد يكون هذا الانتصار اختبارا من الله سبحانه وتعالى للناس
  • من يريد النصر في الحياة الدنيا والآخرة، فليساعد الله في نصرته.
  • تعرف على الكافر والمنافق وكيف يكرهون ما أنزل الله، سواء كان ذلك بالكراهية أو الإنكار أو المعارضة لدين الله.
  • من الضروري التفكر في خلق الله وتدبر حال الأمم السابقة ومصائرهم، وذلك يعتبر واجبًا للإنسان.

تفسير سورة محمد 

سورة محمد تعتبر من السور التي تحتوي على العديد من الدروس والمنافع، وهي سورة هامة في التعامل مع الحروب والمشركين والكفار، وهناك الكثير من الفوائد التي يمكن استخلاصها من سورة محمد ويمكن معرفتها من خلال دراسة تفسير السورة، وذلك على النحو التالي:

الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله أضل أعمالهم” هي تفسير هذه الآية المأخوذ من التفسير الميسر، الذي يتبع مجمع الملك فهد. وتعني “الذين جحدوا أن الله هو الإله الحق وحده لا شريك له، وصدوا الناس عن دينه، فسوف ينتزع الله أعمالهم ويبطلها، وسيجعلهم أشد سوءًا بسببها.

﴿وَٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ وَءَامَنُوا۟ بِمَا نُزِّلَ عَلَىٰ مُحَمَّدࣲ وَهُوَ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّهِمۡ كَفَّرَ عَنۡهُمۡ سَیِّـَٔاتِهِمۡ وَأَصۡلَحَ بَالَهُمۡ﴾، تفسيرها من خلال المختصر في التفسير التابع لمركز التفسير، ” والذين آمنوا بالله، وعملوا الأعمال الصالحات، وآمنوا بما نزله الله على رسوله محمد ﷺ – وهو الحق من ربهم – كفّر عنهم سيئاتهم فلا يؤاخذهم بها، وأصلح لهم شؤونهم الدنيوية والأخروية “.

﴿ذَ ٰ⁠لِكَ بِأَنَّ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ ٱتَّبَعُوا۟ ٱلۡبَـٰطِلَ وَأَنَّ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ ٱتَّبَعُوا۟ ٱلۡحَقَّ مِن رَّبِّهِمۡۚ كَذَ ٰ⁠لِكَ یَضۡرِبُ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ أَمۡثَـٰلَهُمۡ﴾ [محمد ٣]

في تفسير الإمام السعدي، ذُكِرَتْ قوله تعالى: “﴿كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ﴾” وأوضح تعالى لهم صفات أهل الخير وأهل الشر، وأشار إلى ما يميز كل منهم، قائلًا: “﴿لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ﴾.

﴿فَإِذَا لَقِیتُمُ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ فَضَرۡبَ ٱلرِّقَابِ حَتَّىٰۤ إِذَاۤ أَثۡخَنتُمُوهُمۡ فَشُدُّوا۟ ٱلۡوَثَاقَ فَإِمَّا مَنَّۢا بَعۡدُ وَإِمَّا فِدَاۤءً حَتَّىٰ تَضَعَ ٱلۡحَرۡبُ أَوۡزَارَهَاۚ ذَ ٰ⁠لِكَۖ وَلَوۡ یَشَاۤءُ ٱللَّهُ لَٱنتَصَرَ مِنۡهُمۡ وَلَـٰكِن لِّیَبۡلُوَا۟ بَعۡضَكُم بِبَعۡضࣲۗ وَٱلَّذِینَ قُتِلُوا۟ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ فَلَن یُضِلَّ أَعۡمَـٰلَهُمۡ * سَیَهۡدِیهِمۡ وَیُصۡلِحُ بَالَهُمۡ * وَیُدۡخِلُهُمُ ٱلۡجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمۡ * یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ إِن تَنصُرُوا۟ ٱللَّهَ یَنصُرۡكُمۡ وَیُثَبِّتۡ أَقۡدَامَكُمۡ * وَٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ فَتَعۡسࣰا لَّهُمۡ وَأَضَلَّ أَعۡمَـٰلَهُمۡ * ذَ ٰ⁠لِكَ بِأَنَّهُمۡ كَرِهُوا۟ مَاۤ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأَحۡبَطَ أَعۡمَـٰلَهُمۡ ).

وفقًا لتفسير الميسر، يجب على المؤمنين أن يقاتلوا الكفار الذين يلتقون بهم في ساحات الحرب، ويجب أن يقطعوا رؤوسهم حتى يضعف الكفار بكثرة القتل وتحطيم شوكتهم، ثم يجب أن يسجنوا الأسرى.

يمكن أن تفكوا أسر المأسورين بدون مقابل، أو يمكن للأسرى الإفادة من أنفسهم بالمال أو بأي شيء آخر، أو يمكن لهم أن يتم استدراجهم أو قتلهم، ويجب أن يستمر هذا الأمر حتى نهاية الحرب. وهذا هو الحكم الذي يتم تطبيقه في ابتلاء المؤمنين بالكافرين وتبادل الأسرى في الحرب.

ولو شاء الله لانتصر المؤمنين على الكافرين بدون قتال، ولكنه جعل عقوبتهم على أيديكم، وأقام الجهاد ليختبركم بهم ولينصر دينه بكم. ومن قتلوا في سبيل الله من المؤمنين، فلن يبطل الله ثواب أعمالهم، سيوفقهم في أيام حياتهم في الدنيا لطاعته ورضاه، وسيحسن حالهم وأمورهم وسيمنحهم الثواب في الدنيا والآخرة، وسيدخلهم الجنة ويعلمهم بمكانها ونعيمها، وسيوفقهم لأداء ما أمرهم به – بما في ذلك الشهادة في سبيله-، ثم سيعلمهم عند دخولهم الجنة منازلهم فيها.

تدبر سورة محمد

عند النظر إلى سورة محمد، التي يُشار لها أيضًا باسم سورة القتال، يمكن فهمها وتفسيرها بعدة معانٍ واستنتاجات مختلفة، بما في ذلك الأسئلة التي يمكن توجيهها لها

  • يقارن القرآن بشكل دائم بين مواقف الكفار ومواقف المؤمنين.
  • يتضمن القرآن مقارنات بين جزاء الكفار وجزاء المؤمنين.
  • التوضيح للمؤمنين والاستمرار في حثهم على اتباع دين الله هو مهم للغاية.
  • استخدام الأمثلة بغرض التعلم.
  • استخدام ألفاظ وكلمات الحرب بدقة هو شيء معجز.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى