يتضمن مفهوم دولة داخل دولة العديد من الجوانب المتداخلة التي تحمل أسباب قوية أدت إلى وجود بعض الدول داخل دول أخرى، أو وجود مدن في دولة أخرى خارج حدود دولتها الرئيسية .
مفهوم دولة داخل دولة
ينقسم هذا المفهوم إلى عدة أنواع هي :
Inclave
يمكننا أن نجد في بعض المناطق حول العالم بلدًا محاطًا ببلد آخر بشكل كامل، ويُعرف ذلك باسم `الأرض المحاصرة` أو Inclave، ويمكن أن تتشكل الأرض المحاصرة داخل المياه الإقليمية أيضًا .
Exclave
يقع الجزء المنعزل من بلد أو إقليم في خارج حدودها وداخل حدود دولة أخرى، ويُعرف هذا بـ Exclave .
في كلتا الحالتين، الدول التي تحوي هذه المناطق المحيطة بها لا تمتلك أي سيادة سياسية على المنطقة التي تحتويها .
semi-enclaves
المناطق أو الولايات شبه المعزولة تكون محاطة من جميع الاتجاهات باستثناء جهة واحدة بسبب امتلاكها للحدود البحرية غير المحاطة، ويمكن أن تكون هذه المناطق الشبه معزولة دولا مستقلة، ومن أمثلتها بروناي، وموناكو، وحامبيا .
ولهذه الحالات القليل من الأمثلة التي نذكر منها ما يلي :
أمثلة على دولة داخل دولة
ليسوتو
ليسوتو هي دولة أفريقية تقع داخل جنوب أفريقيا، في منطقة جبال دراكنزبرج المعروفة بأنها منطقة شبه قاحلة، وهذا يقلل من فرص الزراعة. لذلك، يبحث الكثير عن العمل في دولة جنوب أفريقيا المجاورة. بالإضافة إلى ذلك، السفر محدود جدا، ويتطلب الوصول إلى العديد من المناطق استخدام الحصان. وحتى الآن، تعاني ليسوتو من اضطرابات سياسية وتزايد معدلات الفقر .
سان مارينو
سان مارينو هي دولة صغيرة محاطة بإيطاليا من جميع الاتجاهات، وتقع بالقرب من قمة شبه الجزيرة الإيطالية التي تشبه الحذاء. تعد سان مارينو واحدة من أقدم الجمهوريات في العالم، ولقد التزمت هذه الجمهورية بالحياد رغم وقوعها في إيطاليا خلال الحرب العالمية الثانية .
كامبيون ديتاليا
كامبيون ديتاليا هي منطقة إيطالية تقع في الأراضي السويسرية، وهي منطقة منعزلة عن الدولة الرئيسية إيطاليا .
أسباب وجود دولة داخل دولة
ربما يعود السبب الرئيسي لهذه الظاهرة بأنواعها المختلفة إلى الاستعمار الذي اجتاح العالم في القرون الماضية، حيث شكل الخريطة العالمية والحدود السياسية والإقليمية لكل دولة ومستعمراتها .
المناطق الرئيسة التي شكلت حدود الاستعمار بشكل خاص هي أفريقيا وشبه القارة الهندية قبل عصر التوسع والحدود السائدة آنذاك، وقد تطورت هذه الخرائط في أوروبا وكان شغف الاستكشاف هو ما دفع إلى صنع الخرائط في أفريقيا وأوروبا .
على الرغم من عدم اهتمام الاستعمار والمستكشفين التابعين له برسم خرائط خاصة بالدول التي استعمروها في أغلب دول آسيا وأميركا وأستراليا، إلا أن الاستعمار في هذه المناطق لم يدم طويلاً، وذلك يفسر عدم رسم خرائط مفصلة لهذه المناطق .
في كل من أمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية، لم يتمكن الأوروبيون من استكشاف الأرض بشكل كامل بما فيه الكفاية .
_ لم يكن هناك مستكشفون استعماريون متميزون في شمال القارة الآسيوية وشرقها في ذلك الوقت .
تتميز أرض أستراليا بكثرة مرتفعاتها، وهذا الأمر جعلها واحدة من الأراضي التي لم تستطع إثارة شغف المستكشفين لرسم خريطة مفصلة لها .
يأتي رسم الخرائط الخاصة بكل من أفريقيا والهند في توقيت يتزامنمع زيادة نفوذ الأوروبي وانتشاره في أرجاء العالم .
القارة الأفريقية
استهدفت الحركة الاستعمارية الأوروبية العديد من الدول والمناطق في القارة الأفريقية، حيث أسست حركة تجارية وأعمال تبشيرية، وجعلت تلك المناطق مستعمرات تابعة لها .
على الرغم من الاستعمار، لم تتمكن أغلب دول أوروبا من فرض سيطرتها الإدارية الكاملة على المستعمرات الأفريقية حتى نهاية القرن التاسع عشر الميلادي .
كما أن أغلب الخرائط القليلة التي صُنعت آنذاك من قِبَل المسافرين الأوروبيين اهتمت بالتفاصيل الخاصة بالمناطق الداخلية في المناطق التي تواجدوا فيها ، وأيضًا المناطق الساحلية ، ولعل أشهرها هي الخريطة التي خُططت بشكل واضح على يد البحارة البرتغال ، وذلك في القرن الخامس عشر الميلادي .
اختلفت التفاصيل الموجودة في الخرائط التي تم صناعتها باختلاف نوع المسافرين الأوروبيين إلى أفريقيا ومقصدهم من السفر إليها، حيث اختلفت خرائط الصيادين عن خرائط المبشرين وعن خرائط تجار الرقيق .
تتضمن هذه الخرائط معلومات حول المواقع العامة التي يتواجدون فيها، حيث يمكن رؤية مناطق الصيد والمستوطنات الرئيسية، وكذلك بعض المعلومات المتعلقة بسكان هذه المناطق .
ومن الأسباب الأخرى أيضًا، أن الاستعمار الأوروبي في أفريقيا في الفترة التي سبقت القرن التاسع عشر، لم يمتلك المعدات الثقيلة .
مع سيطرة القوى الاستعمارية على القارة الأفريقية، اهتمت الخرائط الأوروبية بتفاصيل المناطق الجغرافية والسياسية بشكل مفصل، مما جعلها ذات أهمية كبيرة بالنسبة لحكومات الاستعمار الأوروبية .
تم إعداد خرائط للسكك الحديدية والبرقيات في وقت لاحق، وكان لهذه الخرائط أثر كبير في تقسيم أفريقيا إلى مجموعات وثقافات مختلفة في العديد من الجوانب، وأدت إلى نشوء الصراعات التي أجبرت العديد من الجماعات على الانخراط فيما بينها بسبب وجود حدود على الخرائط .
الهند
نتيجة لاعتماد طرق التجارة البرية القديمة في العصور الوسطى للوصول إلى الهند، من خلال المرور بشبه الجزيرة العربية أو شمال أفريقيا، عبر الساحل الذي يربط شرق أفريقيا بغرب الهند .
في القرن الخامس عشر، كانت الطرق البرية الرئيسية التي تؤدي إلى الشرق تحت سيطرة الاستعمار التركي، وكانت هذه الطرق غير مربحة من الناحية التجارية .
كان كريستوفر كولومبوس يعتقد في ذلك الوقت أنه سيتمكن من الإبحار حول العالم للوصول إلى ساحل الهند الشرقي، بينما وصل فاسكو دا جاما إلى الهند بالإبحار حول الجهة الجنوبية لأفريقيا، وبذلك شكلت أفريقيا عقبة كبيرة في رسم خرائط تشمل جميع سواحلها .
في القرن السابع عشر، كانت الخرائط الهندية تحتوي على أنهار الداخلية في البلاد، وكان المرشدون السياحيون يولون اهتمامًا للجوانب الجغرافية والاجتماعية والثقافية أيضًا .
بعد فترة طويلة من الحروب بين الهند وإنجلترا، تم تقسيم الهند إلى عدد من الممالك في عام 1799. سيطرت إنجلترا على جزء كبير من الأراضي الهندية في ذلك الوقت، ومع مرور الوقت زادت المناطق التي تم استعمارها تدريجيا. وبناء على ذلك، تم رسم خرائط دقيقة لمعرفة طرق المواصلات والاتصال. في ثلاثينات القرن التاسع عشر، بدأ رسم خرائط دقيقة للمعالم الرئيسية في الهند .
الاستقلال
بعد استقلال العديد من المناطق التي تم استعمارها في العالم من قبل هذه القوى الاستعمارية، وخاصة في الهند وأفريقيا، بقيت بعض المناطق القليلة التي لم تنال استقلالها، مما أدى إلى انتمائها إلى دول أخرى خارج الحدود التي تضمنها .