معلومات عن ” علم الفلك الكوبرنيكي “
في بداية القرن الخامس عشر الميلادي، أظهر العالم البولندي نيكولاس كوبرنيكوس اقتراحا يفيد بأن الكواكب تدور حول الشمس، بعد أن كان الجميع يعتقدون أن الأرض هي المركز الرئيسي للكون. وبالرغم من عدم صحة نظريته بالكامل، فقد شكلت أساسا قويا لعلماء الفلك فيما بعد لبناء نظريات فلكية أدت إلى فهم محسن لحركة الأجرام من خلال العديد من الأبحاث في هذا المجال.
في الواقع، بنوا علماء الفلك نظرياتهم لاحقا على أساس عمل كوبرنيكوس الذي أثبت أن كوكبنا مجرد جزء بسيط يدور حول نجم واحد في عالم شاسع مليء بالكواكب والنجوم، وأن الأرض لا تشكل الجزء الأكبر من الفلك. في هذا الموضوع، سنعرض معلومات عن علم الفلك الكوبرنيكي.
من هو نيكولاس كوبرنيكوس
تم ولادة نيكولاس كوبرنيكوس في مدينة تورون بولندا في الثالث عشر من فبراير سنة 1473، وسافر بعد ذلك إلى إيطاليا عندما بلغ الثامنة عشر للالتحاق بكلية القانون، وكان من المفترض أن يدرس قوانين وأنظمة الكنيسة الكاثوليكية ليصبح بعدها مشرعا وكاهنا، ولكنه قضى معظم وقته في دراسة الرياضيات وعلم الفلك.
بسبب تأثره بعمه، انتقل كوبرنيكوس للعيش في وارميا، ولكنه فيما بعد طلب العودة إلى إيطاليا لدراسة الطب واستكمال الدكتوراه في القانون. خلال تواجده في جامعة بولونيا، عمل مع أستاذ علم الفلك دومينيكو ماريا دي نوفارا وأجرى معه العديد من الأبحاث وساعده في تدوين الملاحظات حول السماء والفلك.
يتحدث هذا الرقم عن حياة نيكولاس كوبرنيكوس، الذي ترك مشاريعه في دراسة القانون والكهنوت وعمل كمعاون لعمه في وارميا، ثم عاد إلى مسقط رأسه حيث عمل في أحد الأبراج المحيطة بلبدة، وقضى وقتا كبيرا في دراسة الفلك وحركة النجوم. توفي كوبرنيكوس بسبب نزيف دماغي في 24 مايو 1543، وأثارت كتاباته جدلا في الأوساط العلمية والدينية الأوروبية بسبب تحديه للعديد من المعتقدات الدينية التي أصبحت عقيدة منذ نهاية العصر الكلاسيكي قبل ألف عام.
معلومات عن ” علم الفلك الكوبرنيكي “
جاء علم الفلك الكوبرنيكي بنظام جديد للكون، وهز كل النظريات التي قدمها بطليموس في الفترة الماضية بما يقارب 150 عامًا. ويقوم جوهر نظرية النظام الكوبرنيكي على أن الأرض لا تدور حول الشمس، بل تدور حول نفسها وأن القمر يدور حولها، بينما تدور الأرض والكواكب الأخرى حول الشمس.
وجاء علم الفلك الكوبرنيكي بعدة مبادئ فلكية أظهر فيها أنه لا يوجد مركز واحد في الكون، وأن مركز الأرض يختلف عن مركز الكون الذي يتموقع بالقرب من الشمس. وأظهر كذلك أن المسافة بين الأرض إلى الشمس مهملة وغير محسوسة بالمقارنة مع المسافة بين الأرض إلى النجوم. كما أن دوران الأرض حول نفسها يمثل الدوران اليومي الظاهر للنجوم.
ولم تقتصر نظريات علم الفلك الكوبرنيكي على هذا فقط، بل وضحت أن الدورة السنوية الظاهرة لحركة الشمس إنما هي ناتجة عن حركة الأرض أثناء دورانها حول نفسها. وكذا أن الحركة التراجعية الظاهرة للكواكب تعود تتسبب فيها حركة الأرض أيضًا. ومن الأمور الأساسية في نموذج الفلك الكوبرنيكي ، أن للأرض ثلاثة حركات مميزة تشمل الدوران المحوري اليومي ، الدورات السنوي حول الشمس، وحركة ثالثة تعكس الوضع المتغير للأرض في الفضاء.
كانت نظريات علم الفلك الكوبرنيكي هي أول النظريات التي اعتمدت على الجمع بين الفيزياء وعلم الفلك والرياضيات في نموذج يستند على الحقائق الكونية. ومن المثير للدهشة أن مؤسس هذهالنظريات، على الرغم من كونه كاثوليكيًا متدينًا، لم يجد تناقضًا بين ما اكتشفه وبين ما يتعلق بدينه حول بنية الكون.
وعلى الرغم من أن ردود الفعل الأولية حول ما قدمه علم الفلك الكوبرنيكي ، إلا أنه بحلول عام 1700 ميلادي ، تبني معظم العلماء نظرياته. وبعد المزيد من الأبحاث التي قام بها الفلكيون من بعده وعلى رأسهم يوهانس كيبلر اعتمد علم الفلك الكوبرنيكي كمرجع في علم الفلك الحديث و غير نظرة الإنسان للكون إلى الأبد. ولم تتفق الأبحاث التي جاءت بعد ذلك حول نظرية أن الأرض تدور حول الشمس فقط، بل كذلك أن الفضاء قد يكون لا متناه وأن النظام الشمسي ليس سوى واحد من أنظمة كونية كثيرة . كما يوجد احتمال وجود عوالم أخرى مأهولة بكائنات قد يكون لديها ذكاء مساو أو يفوق ذكاء الإنسان.
تم تسمية الكويكب 1322 بإسم كوبرنيكوس تيمناً بمؤسس علم الفلك الكوبرنيكي، كما تم تسمية إحدى جامعات تورون في بولندا باسمه تخليداً لذكراه وتمجيداً للحقائق التي كشف عنها في علم الفلك والأبحاث التي بنيت عليها في حياة البشر.