معركة فتح المدائن
الإسلام هو الدين الحق النازل على نبينا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، ومنه إلى الأمة الإسلامية. وكان الهدف من رسالة الإسلام هو إكمال الديانات السابقة التي جاء بها الأنبياء، وعلى عكس الأديان الأخرى، فإن الإسلام لم يرسل لقوم محددين، بل وجهت رسالته للعالم أجمع، ولذلك انتشر بسرعة وهو الأحق من بين جميع الرسالات التي وجهت للعالمين.
انتشار الدين الإسلامي
حدث أول نشر للإسلام في شبه الجزيرة العربية، وكانت مكة واحدة من الأماكن المفضلة للنبي، ولكن الكفار لم يتركوا النبي وشأنه، بل طردوه من مكتبه وأذوه، وهذا دفعه إلى الهجرة إلى المدينة المنورة، وأصبحت المدينة المنورة مركز الخلافة الإسلامية في ذلك الوقت. ومع ذلك، لم يترك الرسول مكة، بل بقي على اتصال معها وأهلها، وعاد إليها مرارا حتى تمكن من تحقيق النصر الذي أمره به الله عز وجل.
مكة بعد انتشار الدين الإسلامي
وبعد فترة قصيرة من انتشار الإسلام، أصبحت مكة المكرمة منطلق الفتوحات الإسلامية، حيث سار الصحابة على نفس المنهج الذي سار عليه النبي الكريم، وأصبحوا يفتحون البلدان واحدة تلو الأخرى، فتم فتح الأمصار بشكل تدريجي، حتى وصل الصحابة إلى بلاد فارس والروم. وعلى الرغم من القوة المعروفة لفارس والروم في ذلك الوقت، إلا أن الصحابة استطاعوا تحقيق العديد من الانتصارات، بفضل الله عز وجل، لنشر الدين الإسلامي في كل مكان.
تعريف المدائن
هناك سبع مدن، وكانت المدائن هي العاصمة الرئيسية لآل ساسان لفترة طويلة، كما كانت هناك مدينتان تقعان على الجانب الشرقي من نهر دجلة، وخمس مدن تقع على الجانب الغربي من النهر.
معركة المدائن
ساعد الله عز وجل المسلمين بشكل كبير في معركة القادسية ومنحهم النصر، مما دفعهم إلى الطموح بفتح مختلف بقاع العالم لنشر الإسلام والدين الإسلامي في كل مكان، وفي هذا الوقتبدأت الجيوش الإسلامية التحضير لفتح بلاد فارس والمدن الأخرى.
فتح المسلمون عاصمة الفرس وهي المدائن، وهي أيضا عاصمة آل ساسان في ذلك الوقت، وكانت تسمى أغز مدينة بسبب قوتها وقدرتها. بدأ المسلمون بتحقيق العديد من الانتصارات فيها وألحقوا بهم العديد من الهزائم، وتمكنوا في تلك المعركة من القضاء على معظم قادة وكبار الفرس بقيادة الجليل الصحابي سعد بن أبي وقاص.
تنفيذ معركة المدائن
مع حلول شهر صفر في العام السادس من الهجرة، أمر الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه الجيش بلحظة الفتح، وكان الفاروق عمر بن الخطاب يجلس في المدينة المنورة في ذلك الوقت، لكنه كان على علم بكل ما يجري في الفتوحات الإسلامية، وكانت مهمته في هذا الوقت إرسال المدد إلى الجيوش الإسلامية التي كانت تعاني في ذلك الوقت من بعض الخوف من الفرس.
انصياع المسلمين لأوامر عمر بن الخطاب
وبالفعل استمع المسلمين لأوامر الفاروق رضي الله عنه وقاموا بفتح المدائن، وكانت الخطوة الأولى التي قد نجحوا بها في هذا الوقت هو أنهم قاموا بسقوط مدينتين بها وهما مأخوذة وملاش أباد، حيث فر كل ما بها إلى مدينة بهرسير، وهنا بدأت الجيوش الخاصة بالفرس أن يقوموا بتجهيز العدة من أجل التصدي للفتح الإسلامي، وبالفعل اتجه المسلمين في هذا الوقت إلى مدينة بهرسير، وذلك من أجل أن يقوموا بإحكامها وتضييق الخناق على أهلها، ولكن شهد المسلمين بأن أهل المدينة كانوا صامدين ولم يستسلموا بشكل سهل، فقد عاشوا فترات كبيرة على تناول لحم الكلاب والقطط.
هروب أهل بهرسير من المدائن
ومع ذلك، لم يستطع أهل المدينة الصمود لفترة طويلة، فقد فروا إلى مدينة أسفانير عبر الجسر العائم كوسيلة وحيدة للهروب في ذلك الوقت. تركوا المدينة بكل ما كان بها. بعد ذلك، دخل المسلمون إلى بهرسير وفتحوها بقيادة سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه. وبعد أيام قليلة، سافروا إلى تلك المدائن عبر الخيول التي كانت تغطي الأنهار، حتى أصبح من الصعب رؤية النهر بسبب كثرة الخيول. هذا تسبب في شعور أهل الروم بالخوف الشديد. وفي ذلك الوقت، نزلت الآيات التي تقول إن الله عز وجل قذف الرعب في قلوبهم.
فتح المدائن بشكل رسمي
وبعد فتح المدائن في هذا الوقت دخل إليها سعد بن أبي وقاص ودخل إلى القصر الأبيض وبدأ يتلو ما قاله الله عز وجل في كتابه الكريم } كَمْ تَرَكُوا مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ*وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ*وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ*كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ*فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ{ (سورة الدخان، الآية 25- 29)، وبعدها قامت بأداء صلاة الفتح وكانت ثمانية ركعات بدون أي فصل بينهم.