معركة بروزة البحرية مجد الدولة العثمانية
في عصر السلطان سليمان القانوني، كانت الدولة العثمانية في أفضل حالاتها، وكان يطلق عليها “العصر الذهبي” للدولة الإسلامية العثمانية، التي انتشرت في العديد من الأقاليم في القارات الثلاث، وفي الوقت الذي كانت فيه أوروبا تعاني من الصراعات الدينية والسياسية الشديدة، كانت هذه فرصة للدولة العثمانية للتوسع في أوروبا، وقام السلطان سليمان بالعديد من الغزوات الناجحة التي بدأت في عام 937 هـ
تجهيزات الجيش العثماني للمعركة
كان الأسطول العثماني مكونا من حالي ١٢٢ قطعة بحرية تكمل على متنها ما يزيد عن ٢٠٠٠٠ محارب ، كان القائد الرئيسي للأسطول هو خير الدين ، وساعده مجموعة من أمهر للبحارين العثمانيين، مثل صالح رئيس، وطرغوت رئيس، وسيد علي المرادي رئيس، حسن رئيس. ولقب رئيس أو ريس يعني قبطان السفينة .
كانت السفن العثمانية خفيفة وصغيرة لتيسير الالتفاف والمناورة مع السفن الأعداء الضخمة. وقد استخدم الأتراك مدافعا أكثر تطورا من مدافع الأوروبيين. تم تطوير هذه المدافع بواسطة البحار التركي كمال رئيس، الملقب بأبو البحرية العثمانية، قبل نصف قرن من تاريخ المعركة. وكانت مدافع الأتراك ذات مدى بعيد، بينما كانت مدافع الأوروبيين ذات مدى قصير، مما سمح لهم بالوصول إلى السفن الأوروبية دون أن تصل إليهم .
معركة بروزة الخالدة
في ٢٥ من سبتمبر عام ١٦٣٨توجه الأسطول العثماني بقيادة خير الدين باشا باتجاه جنوب غرب بحر إيجة ، ورسا بميناء أغريبوز، وفي هذا الوقت علم بقيام أندريا دوريا بمحاصرة وقصف قاعدة بروزة التي كانت تعتبر أحد أهم قواعد الأسطول العثماني على الساحل اليوناني، قام خير الدين طورغوت بإرسال مجموعة بحرية مكونة من ٢٠ قطعة بحرية من أجل مراقبة الأسطول الصليبي وقام هو بالتوجه مع بقية الأسطول العثماني إلى قاعدة مودون على السواحل الشرقية لشبه جزيرة المورة.
عندما علم أندريا دوريا بقرب اقتراب الجيش العثماني بقيادة خير الدين بربروسا، قام برفع الحصار عن بروزة والانسحاب شمالا بهدف جذب الأسطول العثماني إلى موقع ضيق لخوض معركة غير متكافئة. وهذا سيساعده على تدمير الجيش العثماني بسهولة. حدث ذلك في ليلة يوم ٢٨ سبتمبر. ومع ذلك، فوجئ أندريا موريا بوجود الأسطول العثماني بالقرب من الأسطول الصليبي، لأن خير الدين قام بنفس المناورة واستعد للمعركة في المياه البحرية. اعتبر بربروسا أن الحرب البحرية يجب أن تدور في المياه الواسعة وليس على الساحل، وأن المدافع ذات المدى البعيد ستفقد تفوقها عند اقتراب سفن العدو.
ولذلك قام بربروسا بالابتعاد بأسطوله عن ساحل بروزة مسافة ٩ كم، ونظم أسطوله البحري على شكلِ هلال، وقام بتغيين القائد المجاهد على رأس جناحه الأيمن، و سيدي على على رأس جناحه الأيسر، وقام خير الدين بقيادة الجناحَ الأيسر بنفسه، وأمر القائد طرغوت بأن يكون قائدا احتياطى للأسطول ويظل في الخلف.
في الرابع من جمادى الأولى عام 945 هـ / 28 سبتمبر عام 1538 م، هاجم بربروسا الأسطول الأوروبي فور ظهوره في المياه واستخدم أسطوله والمدافع ذات المدى البعيد لتدمير أسطول أندريا. تسببت عدم قدرة السفن الصليبية على التحرك بسرعة في هزيمة الأوروبيين وتدمير جزء من سفن التحالف في هذا الهجوم.
أدى انقلاب اتجاه الرياح الشديدة نحو الأسطول الصليبي إلى تطور المعركة لصالح الأسطول العثماني، وبقيادة طرغوت، قام الأسطول العثماني بتنفيذ التفاف حول سفن الأعداء وتدمير وإغراق عدد كبير منها
انسحب أندريا دوريا بشكل مفاجئ وسريع وترك أسطول البندقية وأسطول البابوية يواجهان النيران العثمانية، وعندما جاء الظلام، أمر قواته المتبقية بإطفاء المصابيح والانسحاب، وبهذا كانت هذه أكبر وأسرع هزيمة في تاريخ الحروب البحرية حتى ذلك الوقت .
.
فأمر خير الدين بتعقب السفن الهاربة، وبعد ذلك قام طورغوت رئيس بمطاردتها، والاستيلاء على عدد من السفن التي لم تتمكن من الفرار. وبلغت خسائر الصليبيين في هذه المعركة ١٢٣ سفينة حربية بين سفن غارقة، وأخرى معطوبة، واستولى العثمانيون على ٣٦، وأسروا ٣٠٠٠ جندي محارب ، أما العثمانيون فكانت خسائرهم ٤٠٠ شهيد و٨٠٠ جريح وسيطر العثمانيون على وسط وشرق البحر المتوسط .