متى يجب الغسل من الجنابة
لا يوجد خلاف بين العلماء حول وجوب الغسل عند خروج المني بشهوة، وكذلك في وجوب الغسل عند الجماع مع نزول المني، واتفق الجمهور من العلماء على أن الجماع يتطلب الغسل حتى ولو لم ينزل المني، وهذا هو الرأي الراجح بين أقوال الفقهاء.
الجنابة الموجبة للغسل
هناك حالتين يوجب فيها الغسل وهما:
الحالة الاولى
الإنزال اللذيذ هو إخراج المني من الرجل أو المرأة، سواء كان ذلك ناتجًا عن الجماع أو المداعبة أو الاحتلام أو الاستمناء أو النظر أو التفكير في الموضوع الجنسي، سواءكان هذا حلالًا أم حرامًا، وسواء كان ذلك في اليقظة أو أثناء النوم.
استندوا في ذلك إلى ما رواه الشيخان عن أم سليم، حيث قالت: `يا رسول الله، هل يلزم المرأة الاغتسال إذا احتلمت؟` فأجاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: `نعم، إذا رأت الماء`.
ونجدان الرجل ماؤه أبيض غليظ ، وان المرأة ماؤها أصفر رقيق، ولكن لو احتلم الرجل أو المرأة، ولا ينزل ماء، أو لا يكون هناك بللا فلا يوجب غسل. لان الغسل مرتبط بالبلل وجودا وعدما، لأن البلل هو مني ولا يكون مذيا، ولكن ان وجد المني بغير شهوة، سواء كان بسبب مرض أو بَرْد، أو لأي سبب آخر، فلا غسل فيه.
الحالة الثانية
الجماع هو التقاء الختانين، وهما ختان الرجل وختان المرأة، حتى وإن لم يحدث انتصاب.
واستندوا في ذلك إلى حديث صحيح عن عائشة رضي الله عنها: `إذا جلس بين شعبها الأربع ومس الختان الختان، فقد يجب الغسل`، وفي رواية لمسلم: `وإن لم ينزل`.
وفي حديث أبي هريرة: إذا جلس بين شعبها الأربع وضغطها، فإن الغسل يكون واجباً.
ذكر الإمام النووي أن معنى الحديث يتعلق بأن وجوب الغسل لا يعتمل على الإنزال الذكري.
وأشار بعض الناس بأن الجهد أو الإجهاد المطلوب من المرأة هو الإنجاب، لأنه هو الهدف النهائي، وليس هناك دليل على ذلك.
هذا هو الرأي السابق وهو مذهب جمهور العلماء من الفقهاء .
و ان داود، قال انه لا يجب ما لم ينزل، لحديث: “إنما الماء من الماء”.
وهذا مؤكد في الصحيحين وغيرهما، وقد ذكره الكثيرون من الصحابة.
وقد روى البخاري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أن عروة بن الزبير أخبره أن أبا أيوب الأنصاري سمع هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ذكر في الصحيحين عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسل رجلا من الأنصار، فجاء ورأسه يقطر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “لعلنا أعجلناك!” فقال الرجل: “نعم”. فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: “إذا أعجلت أو أقحطت، فعليك بالوضوء”، وفي رواية أخرى: “لا غسل عليك، وعليك بالوضوء.
ويشير السابق إلى أنه إذا حدث الجماع ونزل المني فلا يوجب الاغتسال.
وقد روى البخاري حديثا في هذا الصدد عن أبي بن كعب، حيث قال: يا رسول الله، إذا جامع الرجل المرأة ولم ينزل، ماذا يجب عليه فعله؟ فأجاب النبي قائلا: يجب عليه غسل المنطقة التي تلامسها المرأة، ثم يتوضأ ويصلي. وقد أكد البخاري أن الغسل هو الأفضل.
إذا قال البخاري أن الغسل أحوط، فهذا يدل على أن الغسل ليس واجبًا بل هو أحوط.
هذا يدل على وجود اختلاف كبير بين الصحابة والفقهاء والعلماء في هذا الموضوع.
حكم تأخير الاغتسال من الجنابة
يجوز التأخير في الاغتسال من الجنابة، ما لم يكن هناك ضرورة لذلك كالصلاة، حيث لا يلزم الغسل من الجنابة على الفور، ولكن يمكن تأجيله قليلاً، ولكن من المستحب أن يتوضأ الذي يكون على جنابةالنوم قبل الغسل.
وهذا هو الرأي الأكثر وزنا بين جمهور الفقهاء، حيث قالوا إن دليل ذلك هو ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، حيث كان يتوضأ وهو جنب، عندما يريد الأكل أو النوم. وفي الحديث (أن النبي صلى الله عليه وسلم لقي أبا هريرة في بعض طرق المدينة وهو جنب، فانخنست منه، فذهب فاغتسل ثم جاء، فسأل أبا هريرة: “أين كنت يا أبا هريرة؟” فقال: “كنت جنبا، فكرهت أن أجلسك وأنا على غير طهارة”، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “سبحان الله، إن المسلم لا ينجس.
متى يكون الاغتسال مستحباً
هناك حالات معينة يفضل أن يغتسل الرجل فيها مثل تغيير البدن، وقد أفتى بها فقهاء الشافعية، كما أنه إذا أراد الاجتماع بالناس، فمن المستحب للشخص أن يغتسل عندما يرغب في التجمع مع الآخرين، وكذلك التطيب، وأيضا في العيدين، وأثناء الكسوف، وعند الإحرام لأداء العمرة أو الحج، وعند الوقوف بعرفة ورمي الجمرات، وبعد الحجامة، وأيضا بعد استعادة الوعي من الإغماء، وفي ليلة القدر أو في حالة الجنون، وأثناء صلاة الاستسقاء، وأيضا يفضل الاغتسال بالماء الجاري على الأرجح عند غسل الميت، وأيضا عند إسلام الكافر، وهذا هو الرأي الأكثر تفضيلا لدى جمهور العلماء.