جمهور العلماء وسبب الاختلاف في آرائهم
يشهد التاريخ أنه وعلى مر الدهور والعصور وإلى الآن يوجد اختلافات في الآراء والمفاهيم وتعدد في وجهات النظر، وقد اقتضت حكمة الله عز وجل شأنه أن يكون هناك تفاوت في العقول أيضًا، ويحدث هذا التفاوت في الآراء بين العلماء والفقهاء بصورة كبيرة وذلك لعدة أسباب وهذا ما سنوضحه من خلال السطور القادمة .
من هم جمهور الفقهاء :
جميع المسائل والاختلافات الفقهية يكون الحكم فيها بالرجوع إلى المذاهب الإسلامية الأربعة وهم ” المذهب الحنفي، المالكي، الشافعي، الحنبلي “، فإذا ما كانت هناك مشكلة فقهية ما، اجتمع العلماء فإذا اتفق الرأي فيها عند ثلاث مذاهب وتخلف مذهب من الأربعة، تم الأخذ بها، والعلماء المتفقين مع المذاهب الثلاثة في هذا الموقف يطلق عليهم جمهور العلماء .
أسباب اختلاف جمهور العلماء في آرائهم :
هناك أسباب متعددة وراء اختلاف آراء العلماء، وسنوضح بعضها وتشمل ما يلي:
1 – أسباب تعود إلى رواية السنن :
كان النبي صلى الله عليه وسلم يتحدث ويقضي في الأمور ويفتي في الأشياء، ويسمع من الحاضرين في هذا الوقت، ثم ينقل ذلك إلى باقي المسلمين ليستفيدوا منه، وبالتالي يكون هناك مجموعة من الصحابة على دراية بأمور ليس لغيرهم دراية بها، وهذا يعني أن هناك من يمتلك المعرفة والعلم حول أمور ليست معروفة لدى الآخرين .
يحدث الاختلاف في الرأي بين المذاهب وجمهور العلماء في المسائل الفقهية بسبب وصول الحديث الشريف إلى بعضهم وعدم وصوله إلى البعض الآخر، مما يؤدي إلى اختلاف الآراء والتفسيرات حول الأحكام الشرعية، وهذا الأمر يعود إلى الصحة والصدقية للحديث .
2 – نسيان الحديث :
لم يتم تدوين كلام النبي صلى الله عليه وسلم وسنته في الإسلام في بدايته، ولذلك قد يحصل أن ينسى أحد الصحابة بعض الأحداث ويتذكرها شاهد آخر من الصحابة، وهنا يحدث الاختلاف ويقوم جمهور العلماء بالبحث عن المعلومة الصحيحة أو المشابهة لدى المذاهب الأربعة .
3 – الاختلافات بين المجتهدين في فهم النصوص :
بعض الفقهاء والعلماء قد ينظرون إلى النص الظاهر ويستندون إلى ذلك لبناء آرائهم وأحكامهم، وقد ينظر البعض الآخر إلى المعاني المخفية للنص ويحاولون ربطها بالأدلة الأخرى لتأكيد رأيهم وموقفهم. وقد حدث هذا بين الصحابة في العديد من المواقف، وعندما تعرض الصحابي الجليل أبو بكر الصديق لمسألة فقهية لم يرد عليها الرسول في حديث مباشر، تجتمع العلماء ويطرحون المشكلة عليهم ويتبادلون الآراء للوصول إلى حل من قبل الأغلبية العلمية لتوضيح النصوص المتعلقة بهذه المسألة وإصدار الفتوى فيها .
4 – تعارض النصوص :
قد يكون هناك روايتين متعارضتين من الصحابة لشئ ما يخص الرسول أو حديث أو واقعة ما حدثت، مثلما حدث في تعارض روايتى السيدة عائشة والصحابى الجليل أبو بكر الصديق عن صلاة الكسوف، فكلاهما روى قصة مختلفة عند عدد ركعات صلاة الكسوف، وهنا اختلف انقسم العلماء جزء رجح رواية السيدة عائشة وأخذ بها والجزء الآخر تبنى رواية أبو بكر الصديق .
5 – اختلاف القراءات :
تشير هذه القراءات إلى الاتجاهات المختلفة في النطق في القرآن، حيث يتبع الإمام المذهب الذي يتميز بطريقة نطق معينة، وقد يختلف آخرون عنه في ذلك، ومع ذلك، فإن هذه الاختلافات تعتمد على سند النقل الذي يرجع إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ولذلك يحدث الاختلاف بين العلماء بسبب اختلاف القراءات للنصوص .