متى كانت غزوة ذات الرقاع
حث الدين الإسلامي على الجهاد لتعظيم كلمة الله في الأرض ونشر الدين الإسلامي، وقد قام الرسول صلى الله عليه وسلم بالعديد من الغزوات، وبعد وفاته، استمروا الصحابة في تحقيق تلك الفتوحات، ومن أبرز وأشهر الغزوات التي شارك فيها الرسول صلى الله عليه وسلم هي غزوة ذات الرقاع، والتي تركت تأثيرا قويا في نفوس المسلمين .
نبذة عن غزوة ذات الرقاع
: يوجد العديد من الأقوال التي تشير إلى سبب تسمية غزوة ذات الرقاع بهذا الاسم، ومن بينها أن المكان الذي وقعت فيه المعركة هو السبب، وهناك آراء أخرى تشير إلى أن السبب مختلف تماما عن اسم المكان، وإنما هو بسبب آخر، فقد يراه بعض الفقهاء أن السبب وراء تسمية تلك المعركة بهذا الاسم هو لأن الصحابة رضي الله عنهم تعرضوا للجروح في أقدامهم بسبب الحجارة والأشواك التي واجهتهم في طريقهم، وقاموا بتقطيع أرقعهم بالخرق لوقف النزيف والوصول إلى وجهتهم، ولذلك سميت تلك المعركة بذات الرقاع .
يتفق فريق آخر من الفقهاء على أن سبب تسمية غزوة ذات الرقاع بهذا الاسم يعود إلى أن المنطقة التي جرت فيها الغزوة تسمى ذات الرقاع، وذلك بسبب وجود جبال مختلفة الألوان بين السواد والحمرة والبياض، والتي تشكل شكلاً على شكل رقع .
وقت حدوث غزوة ذات الرقاع
: “يعتبر غزوة ذات الرقاع واحدة من الغزوات الإسلامية الأهم، وتختلف آراء الفقهاء حول توقيت حدوثها، فبعضهم يقول إنها وقعت في السنة الرابعة للهجرة بعد غزوة الخندق، وبعضهم يقول إنها وقعت بعد غزوة خيبر، ومن الفقهاء الذين توجهوا لهذا الأمر البخاري رحمه الله، وهناك آخرون يقولون إنها وقعت في السنة الخامسة للهجرة، وبعضهم يقول إنها وقعت في السنة الرابعة للهجرة بعد إجلاء بني النضير من المدينة المنورة .
أحداث غزوة ذات الرقاع
– كانت غزوة ذات الرقاع بقيادة الرسول صل الله عليه وسلم ، مع مجموعة من الصحابة ، و كانت تلك المعركة لمحاربة بني محارب و بني ثعلبة ، و كلاهما من قبيلة غطفان ، حيث كانوا قد أعدوا العدة لمهاجمة المسلمين ، و قد كان عدد جيش المسلمين الذين خرجوا لكبح أطماع العدو من غطفان فيما قيل أربعمئة أو سبعمئة مقاتل من المسلمين .
– كانت هناك العديد من العقبات التي واجهت المسلمون أثناء سيرهم في الطريق لهذه المعركة و منها قلة الرواحل ، و على الرغم من كثرة الصعوبات إلا أن جيش المسلمين واصل تقدمه إلى أن بلغ مكاناً لبني غطفان اسمه نخل ، و في هذا المكان وصل الخبر للأعراب القُساة من بني غطفان ، فشعرت قلوبهم خوفاً و هلعاً ، و أدركوا أنفسهم بالهروب إلى أعالي الجبال ، و لمْ يأبهوا بمن خلفهم من نسائهم و أبنائهم و أموالهم .
– خشي النبي -صلّى الله عليه وسلّم- على جيش المسلمين من هجوم الأعراب من على رؤوس الجبال مع حلول وقت الصّلاة ؛ فجاء الأمر الإلهيّ بتشريع صلاة الخوف، حيث قال الله عزّ وجلّ: (وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِن وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةً وَاحِدَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُم مَّرْضَى أَن تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا) .
بعد هروب الأعراب الطغاة وتحقيق المسلمين لمرادهم الذي هو تأديب هؤلاء الطغاة، رأى الرسول صلى الله عليه وسلم أنه يجب على الجيش الإسلامي أن يأخذ ويعود إلى المدينة المنورة. وأثناء توزيع المسلمين للحراسة، وأثناء تأدية عباد -رضي الله عنه- لنوبته الأولى في الحراسة، تعرض للإصابة بأكثر من سهم من قبل أحد المشركين الذين تعقبوا المسيرة العسكرية للمسلمين .
– و على الرغم من ذلك واصل المسلمون رحلة عودتهم إلى المدينة المنورة ، و قد انتهت أحداث غزوة ذات الرقاع بتحقيق أهدافها دون قتال و مواجهة ؛ حيث ألقى الله -عزّ وجلّ- في قلوب الأعراب الرعب من الجيش الإسلامي ؛ و لم يتجرأ أحد من المشركين بعد ذلك على أذية المسلمين لا بالسلب و لا بالنهب في صحارى نجد التي كانوا يسكنون بها ، بل إن الله -تعالى- كتب لهم الهداية ؛ فأسلمت قبائل غطفان و كان لها نصيب في المشاركة في فتح مكة المكرمة ، و القتال مع رسول الله في غزوة حُنين .