ما هو اصعب أنواع الابتلاء ؟.. بالأمثلة .. والفرق بين الابتلاء والعقوبة
أصعب أنواع الابتلاء بالأمثلة
يوجد أنواع مختلفة من الابتلاء، ويمكن أن يكون الابتلاء المصاحب للعطاء أكثر صعوبة من الابتلاء المصاحب للمنع، فالعلماء يتفقون على أن الابتلاء بالعطاء هو الأشد قسوة، ويتعلق الأمر بالصبر، حيث لا يملك الجائع خيارات سوى الصبر، بينما يمكن للمشبع أن يتعرض للفساد والزنا والغطرسة والافتراء وترك العبادة، ولذلك يعتبر الشبع أكثر صعوبة، بينما يواجه الجائع اختبارا واحدا فقط وهو الصبر.
من بين الأزمات الأكثر صعوبة التي يمكن أن يواجهها المسلم هي تأخر الله في عقابه له على معصية ارتكبها في الآخرة. لذلك، دعا سيدنا علي بن أبي طالب الله ليعجل عقابه في الدنيا، فأمره الرسول بالصلاة من أجل العافية. ومع ذلك، إذا تم معاقبة شخص ما في حياته، ينبغي أن يعلم أن الله يترحم عليه بهذا.
فيما يلي بعض الأمثلة على ما سبق للتوضيح:
- الهدف الأسمى من ابتلاء الإنسان بالخير هو أن يشكر العبد الله، لأن الثناء والحمد لله يجلبان رضاه، فإذا من الله بنعمة على العبد، يجب عليه أن يثمنها ويشكرها حتى لا تتحول إلى بلاء، كما حدث مع سيدنا سليمان عليه السلام الذي أنعم الله عليه بعطايا لم يمنحها لغيره، فشكره الله على ذلك، ونجح سيدنا سليمان في هذا الاختبار عندما حول الابتلاء إلى نعمة دائمة بسبب شكره الله بدوام.
- كما شرحنا سابقا، فإن الهدف الأسمى لاختبار النعمة هو أن نشكر. من يشكر الله، يزيد الله نعمه عليه ويرضى عنه. وعلى العكس، من ينكر نعم الله ولا يشكره، يجلب غضبه في أوقات غير متوقعة، كما في قصة صاحب الجنتين، حيث أعطاه الله ثروة كبيرة جعلته يندهش وينسى شكر الله عليها، فتحولت هذه النعمة التي أنعم الله بها عليه إلى امتحان بسبب اعتقاده أنها ستظل نعمة دائمة. ولكن غضب الله أصابه وتحول الازدهار إلى خراب، حيث دمرت جنته، ومن هذا يظهر بوضوح أن أقسى أنواع الاختبارات هي تلك المرتبطة بالعطايا.
- أما بالنسبة للابتلاء المصاحب بالمنع، فقصة سيدنا يعقوب وفقدانه لابنه يوسف هي أقوى مثال، حيث أظهر سيدنا يعقوب من الصبر على فقدانه إبنه ما لم يظهره غيره، ونتيجة لهذا الصبر الذي طال كثيرا ولم يشوبه أي جزع، أن جمعه الله بابنه يوسف وهو على ملك مصر، ومن هنا تحول هذا الابتلاء إلى نعمة.
هل الابتلاء عقوبة
إن ابتلاء الله لعباده ليس بالضرورة عقابا لارتكاب الإثم، بل هو امتحان من الله سبحانه وتعالى، حيث يكون هدفه مكافأة الحسنات ومغفرة السيئات. قد يكون أيضا للعبد مكانا في الجنة لا يحققه بأعماله المعتادة، لأن هذه الدرجة أعلى وأعلى من درجة عمله. فيبتليه الله ويكافئه بالوصول إلى هذه الدرجة بعد ابتلائه، كمكافأة لصبره.
انواع الابتلاء
عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: ” قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلَاءً ؟ ، قَالَ: ( الأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الأَمْثَلُ فَالأَمْثَلُ ، فَيُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ ، فَإِنْ كَانَ دِينُهُ صُلْبًا اشْتَدَّ بَلَاؤُهُ ، وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ ابْتُلِيَ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ ، فَمَا يَبْرَحُ البَلَاءُ بِالعَبْدِ حَتَّى يَتْرُكَهُ يَمْشِي عَلَى الأَرْضِ مَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ ) صححه الألباني في “صحيح الترمذي”.
إن تعريف الحديث للبلاء واسع حيث يشمل جميع أنواع البلاء وهم:
- البلاء المصاحب للازدهار والشدائد.
- البلاء المصاحب للحروب والفتن والاضطرابات.
- البلاء المصاحب للالتزامات.
البلاء لا يقتصر على المرض أو الفقر أو عوامل أخرى، بل يبتلي الله العبد بالمصائب والنعم في أوقات مختلفة.
الفرق بين الابتلاء والعقوبة
بعض المحن والمصائب، التي يطلق عليها اسم البلاء والعقاب، هي من بين الأمور التي يتعرض لها الإنسان في الحياة الدنيا، وعلى الرغم من أن كلاهما يحمل درجة عالية من الشدة والمعاناة لأصحابهما، إلا أن هناك اختلافا يميز بينهما، وهذا الاختلاف يميز كل فرد عن الآخر، وكذلك الأمة عن الأخرى.
الابتلاء مرتبط بالمؤمن وله وظيفة أساسية في اختبار صدق إيمانه وتعليمه الصبر والاستمرارية في العمل الصالح، لأن الله لا يختار إلا الخير للمؤمن، وذلك وفقا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: `عجبا لأمر المؤمن، فإن أمره كله خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر، فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر، فكان خيرا له`، ويتعلم المؤمن من خلال هذا التحدي معاني العبادة الحقة لله تعالى، إذ يتم فحص سلوكه باستمرار.
أما عقاب الله للعبد، فيكون بسبب العصيان الذي يتخلف فيه عن فرائض الله، ويمكن أن يكون عقاب الله للعبد فرصة لمراجعة نفسه وترك المعصية والتوبة إلى الله تبارك وتعالى.
واجب المؤمن عند حدوث الابتلاء
عند وقوع المصيبة، يجب على المؤمن الصادق أن يستجيب برضا وصبر، متجهًا إلى الله تعالى بدلًا من الذعر، وعليه أن يعلم أن الخير كله خير في ما يختاره الله له، وعليه أيضًا أن يعلم أن الله يرى به خلال ابصاره لنفسه ونال اعلى درجات العبودية بهذا الصبر، والصواب أن نلجأ إلى الله سبحانه بالدعاء، وأن يختار دائما ما فيه الخير له، ويريحه، ويهديه، ويصبر عليه في المآسي.
متى ينتهي الابتلاء
كما ذكرنا سابقا، البلاء هو اسم يشمل الأمور الخطيرة ومشاكل الحياة، ولكن الله سبحانه وتعالى يزيل هذه المشاكل من خلال توفير وسائل. ولهذا الأمر أسباب متعددة، بعضها ملموس ومادي، وبعضها يتعلق بالإيمان العميق. وعندما يتعلق الأمر بالأسباب المادية، فإنها تشمل التفكير العقلاني والحذر، والبحث عن العلاج والدواء، والسعي لإيجاد حلول للتحديات والمشكلات التي يواجهها المسلمون، كما يلي
- الإلتجاء إلى الله في الدعاء للتخلص من القلق والضيق: في سورة غافر قال الله تعالى: (ادعوني أستجب لكم).
- التوبة من الذنب والمعصية هي الوسيلة الوحيدة لعلاج البلاء الذي يصيب المسلم، لأن الإصرار على الذنب والتسامح مع المعصية هو السبب الرئيسي للبلاء.
- الثبات على الحق والرضا بقضاء الله وقدره: بلا شك، تأتي المحن لاختبار ثبات المسلم وإظهار مدى إيمانه الحقيقي بالله .
- تقوى الله: التقوى هي اجتناب ما يكرهه الله أو ينهى عنه، وفعل ما يحب ويأمر، وتتجاوز التقوى إلى أمور المسلم المختلفة حيث يخاف الله – تعالى – في غفلة بصره، ويحفظ الفرج وأمور الشراء والكساء والبيع، وتعتبر التقوى لله شيئا مهما جدا في كل شيء، لذلك يجب على المسلم أن يدرك أهمية التقوى في إزالة البلاء.
- طاعة الله في السراء قبل الشدائد: كثير من الناس لا يتوجهون إلى الله إلا بعد أن يصابوا بالمتاعب والهموم، وهذا ليس بالأمر السيء، ولكن يمكن أن يكون الوضع كما لو أن العبد لا يتوجه إلى ربه إلا بعد تعرضه للألم، أما من يذكر ربه في الفرح قبل الشدة، فينعم بالطاعة ويحصل على نعمة العبادة، ولا يخاف من الدعاء، ولا يشعر بثقل الدعاء.
- قم بقراءة القرآن وصلِّي في الليل : القرآن هو شفاء كما ورد في كتاب الله الجليل، وقيام الليل هو نوع خاص من العبادة حيث يتجلى الله لعباده بنزوله في وقت معين من آخر الليل للاستجابة لدعائهم.
- التصدق لوجه الله تعالى:قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: `الصدقة تطفئ المعصية`، لأن الناس بحاجة لبعضهم البعض، فالمرضى، بما فيهم المدينة، وظروف الناس متنوعة. فمن استطاع أن يساعد أخاه في حاجته، أو يتصدق بطعامه أو ماله أو ملابسه، فإنه سيستفيد من ذلك في حزنه ومشقته.
الحكمة من الابتلاء
الابتلاءات والفتن تزيد من أعداد المؤمنين المحسنين والصادقين، ولا يشترط أن تكون الفتنة أو الابتلاء عقابا على فعل مسلم، بل يفيد في الآخرة برفع مكانته، لأن مراتب الآخرة ترتبط بصراعات الدنيا، والبلاء يميز المؤمنين بعضهم عن بعض، كما ذكرنا سابقا أن البلاء دليل على صدق ادعاء الإيمان، بالإضافة إلى تعزيز إيمانه بالقضاء والقدر وأن الله يكافئ كل شخص على نصيبه من البلاء، ويزيد ثقته في القضاء والقدر، والمحن والابتلاءات وسيلة لتقوية في الأرض، حيث أن جميع الأنبياء ابتلوا بتجارب عظيمة قبل أن يتم تمكينهم في الأرض، فسجن سيدنا يوسف – عليه السلام – ظلما لعدة سنوات، وطرد سيدنا موسى – صلى الله عليه وسلم – من أرضه واستغرقت سنوات لعمل سيدنا إبراهيم، وسيدنا نوح – صلى الله عليه وسلم – دعا قومه لألف سنة وقليلون من يؤمنون به، وهكذا.