ما حكم الاستمطار الصناعي ؟.. وأقوال أبرز العلماء
ما هي تقنية الاستمطار الصناعي
الاستمطار هو استخلاص الماء من السحب بعد تطعيمها علميا، ويعرف باسم السقيا، ويتم ذلك من أجل زيادة كمية المياه في منطقة معينة للاستخدام في الري أو توليد الكهرباء من المحطات الكهرومائية، وتسمى المطر المسكوب من السماء بالمطر والجمع أمطار، ويمكن استخدام الاستمطار لتوليد المطر.
كما تستخدم هذه التقنية أحياناً في بعض المناطق من أجل تقليل كمية الأمطار على مناطق معينة، قد يصبها المطر بأضرار وخيمة فيتحكم في كمية الأمطار وتقليلها وذلك من أجل الحفاظ على المناطق الزراعية من كثرة المياه التي قد تتلف المحاصيل، وبات في العصر الحديث هناك المزيد من الأساليب الحديثة التي يتم الاستمطار من خلالها خاصة في الدول الغربية التي بدأت في استخدام تقنية الأمطار من أربعينات القرن العشرين.
بالنسبة لطرق الاستمطار الصناعي، فهي متعددة ومنها الطرق الجوية والأرضية، ويمكن استخدام بعض المواد الكيميائية لإذابة السحب الثلجية وتساعد على سقوط المطر، ولفهم حكم الاستمطار يجب البحث في القرآن والسنة وأقوال أهل العلم.
حكم الاستمطار الصناعي في الإسلام
بحث الدين الإسلامي في جميع الأمور الكبيرة والصغيرة، ووضحها بشكل كامل حتى لا يحتار الإنسان في مسائله. والقرآن الكريم والسنة النبوية المباركة يحتويان على التشريعات الدينية والدنيوية التي توضح كل شيء. ومع ذلك، هناك بعض المسائل الجديدة التي تطرأ بسبب التقدم العلمي والتكنولوجي، وبسبب حاجة الإنسان لتحسين حياته، وفي هذه الحالات يظهر تباين الأزمات وتطور التقنيات وظهور أمور جديدة في العلم.
بالنسبة لحكم الاستمطار وطرق الاستمطار الصناعي في الدول العربية، يتساءل الناس عما إذا كان الاستمطار جائزا شرعا أم لا. انقسم العلماء في هذا الأمر، حيث يرى بعضهم أن الاستمطار مباح لتلبية احتياجات البشر وإنقاذ الأرض، ويرى البعض الآخر أنه لا يوجد دليل واضح على حلالية أو حرمة الاستمطار، ويجب تقييم الآثار البيئية والفوائد البشرية، ويعتبر البعض الآخر أنه لا يجب على الإنسان التدخل في خلق الله تعالى. وكل فريق يستند إلى أدلة شرعية وعقلية، وذلك على النحو التالي:
- الفريق الأول
يتفق بعض علماء الدين والفقه على جواز الاستمطار بواسطة الطرق العلمية النقية، من أجل تنمية الأرض وخدمة الإنسان. ويرتكز هذا الرأي على أن السحاب هو جزء من مكونات الكون التي سخرها الله تعالى للإنسان، وكما سخر البحر لنأكل منه ونسافر فيه، فإن السماء أيضا سخرت لتعطينا نعمها. ويؤكد أصحاب هذا الرأي أنه لا يمكن الحصول على خيرات البحر دون الإبحار فيه والبحث في أعماقه، وكذلك في السماء.
استند فريقنا في هذا البحث إلى قول الله تعالى `وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه. إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون`. وهذا يشير إلى أن كل ما في الأرض والسماء مخصص للإنسان. فالأشجار والجبال والشمس والقمر والنجوم والأمطار والسحب والثمار والنعم والبحار والمحيطات والطيور والحيوانات، كلها خلقت لتساعد الإنسان على العيش والتغذية والتفكر والنوم والسكن والعمل. والهدف من خلق الكون والإنسان هو تطوير الأرض. لذلك، فإن هذا الفريق من العلماء لا يرون أي تعارض شرعي في هذا الاستدلال.
على الرغم من عدم رؤية هذا الفريق من العلماء أي جرم أو فاحشة في الاستمطار، إلا أنهم وضعوا قيودا عليه. فمن غير المسموح للإنسان أن يتدخل في الأرض بطريقة تسبب الفوضى والتدمير، على الرغم من مشاركته في البناء والتطور واستخدام التكنولوجيا والعلم. إذا لم يكن هناك حاجة حقيقية للاستمطار وإذا لم تكن المنطقة التي يعيش فيها تعاني من نقص الأمطار أو المياه، فلا يوجد سبب لاستخدام تقنيات حديثة أو إدخال أشياء غريبة إلى البيئة. لأن التكنولوجيا، مثل أي شيء اصطناعي يدخل عملية تصنيعه، يمكن أن تكون مفيدة أو مضرة على حد سواء.
- الفريق الثاني
الفريق الثاني من العلماء لم يحرم بشكل قاطع الاستمطار ولكنهم نفوا معرفتهم بحكم هذا الأمر، استنادا إلى عدم وجود تحريم صريح له في القرآن والسنة وعدم وجود إذن صريح له، وعاد هذا الفريق للاستشارة مع العلماء المتخصصين في مجال البيئة والعلوم المتعلقة بها ليعبروا عن آرائهم حول ما إذا كان هذا الأمر يضر بالبيئة أم لا، فإذا كان يؤثر بشكل سلبي على صحة الإنسان والبيئة ويؤثر على الكون، فبالتأكيد لا يجوز، وإذا كان الله هو الذي خلق السماوات والأرض وأنزل الماء من السماء لتنمو به الثمار وتكون رزقا للبشر وسخر لهم السفن للإبحار في البحر بأمره وأعطى لهم الأنهار؛ فهذا يشير إلى أنه الله وحده هو الذي ينزل المطر، إذا انتهى الأمر ولو تدخل الإنسان، فإنه لا يتم إلا بمشيئة الله، وباستخدام ما أعطاه الله للإنسان من معرفة.
- الفريق الثالث
هناك عدد قليل من العلماء الذين حرموا حرمة قطعية استخدام التساقط المطري وأعلنوا أنه حرام شرعا ولا يجوز للمسلم القيام بهذه الأعمال، فالله خلق كل شيء بقدر محدد وجعل الحياة متاحة للإنسان ولكن بشكل محدود. وفي القرآن الكريم، خص الله تعالى نفسه بإرسال المطر قائلا “أفرأيتم الماء الذي تشربون * أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون”، ثم يقول عز وجل “هو الذي أنزل من السماء ماء لكم شرابا ومنه تنمون الأشجار، تنبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب وجميع الثمار، إن في ذلك لآية للقوم الذين يتفكرون”، ويقول “فلينظر الإنسان إلى طعامه، نحن صببنا الماء بكثرة، ثم شققنا الأرض، فأنبتنا فيها الحبوب والعنب والقضب والزيتون والنخيل والحدائق الخصبة، والفواكه المتنوعة، وهي متاع لكم ولأنعامكم
أقوال أبرز العلماء في الاستمطار الصناعي
يتساءل الجميع عن رأي العلماء في الاستمطار الصناعي في السعودية لتعزيز المخزون المائي، وكان رأي العلماء كالتالي
- رأي الشيخ عطية صقر رحمه الله في الاستمطار
سؤال الشيخ هو إن كان بعض العلماء يتوصلون إلى تحقيق المطر الاصطناعي، هل يتعارض ذلك مع قوله تعالى `وينزل الغيث`؟ فأجاب: `نحن جميعا نعلم أن تكاثف بخار الماء الموجود في السحاب أو في الجو عموما يحدث بواسطة عوامل، وبالتالي ينزل المطر أو الندى، ولا يوجد في ذلك مشاركة لقوله تعالى `وينزل الغيث`؛ لأن تكون السحاب وامتلاء الجو ببخار الماء بهذا النطاق الواسع هو صنع الله بواسطة العوامل التي خلقها، فإنه الخالق للبخار ولحرارة الشمس والمتحكم في برودة الجو والرياح، وهو من يدفعها نحو السحاب وبقدرته أن يتحكم فيها حتى لا تنتج أثرا، كما قال تعالى: `ألم تر أن الله يزجي سحابا ثم يؤلف بينه ثم يجعله ركاما فترى الودق يخرج من خلاله وينزل من السماء من جبال فيها من برد فيصيب به من يشاء ويصرفه عن من يشاء ۖ يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار`.
- رأي علماء اللجنة الدائمة للإفتاء
أوضح الشيخ عبد العزيز آل الشيخ والشيخ صالح فوزان والشيخ أبو بكر زيد، أعضاء اللجنة الدائمة للإفتاء رأيهم في هذا الأمر قائلين إن ما يسمى بالمطر الصناعي لم يثبت حسب معرفتنا أنه يحدث بالفعل، بل هو مبالغ فيه. والحمد لله، فإن الله أخبرنا أن المطر يحدث بقدرته من خلال تفاعل العوامل الطبيعية، وأنهم يحاولون تقليده بوسائل مصنعة، وقد يحدث بعض التأثير، وقد لا يحدث، وإذا حدث، فإنه يكون في نطاق ضيق وليس مثل المطر الذي ينزل الله تعالى من السماء. ولذلك نعلم، وكما يعلم غيرنا، أن الدول التي تقوم بتجربة ما يسمى بالمطر الصناعي لا تستفيد منه، وإذا لم ينزل الله تعالى عليها المطر الحقيقي من السماء، فإنها تعاني من قحط.