مقارنةمنوعات

ما الفرق في مرحلة الكتابة والتدوين بين الفترة الأولى والثانية

ما الفرق في مرحلة الكتابة والتدوين بين الفترة الأولى والثانية

يتميز علم التفسير بالتركيز على تفسير آيات الله الكريمة وفهم أسباب نزولها. وقد اهتم الرسول صلى الله عليه وسلم ومن بعده الصحابة والتابعون بعلم التفسير وتدوينه، وسوف نتعرف سويا على الفرق في مرحلة الكتابة والتدوين بين الفترة الأولى والثانية.

الفرق بين الفترة الأولى والثانية في مرحلة الكتابة والتدوين هو أن التفسير كان جزءا أساسيا من علوم الحديث في الفترة الأولى، بينما كان التفسير والتدوين من العلوم المستقلة التي لا تتبع علم الحديث في الفترة الثانية، ولذلك كان منفصلا عن علم الحديث.

أسباب كتابة وتدوين التفسير

هناك العديد من الأسباب التي تجعل كتابة التفسير وتوثيقه أمرًا مهمًا، ومن بين هذه الأسباب:

  • دخول عدد كبير من غير العرب في الدين الإسلامي، وبالتالي لم يتمكنوا من فهم الآيات القرآنية بشكل صحيح بسبب عدم إتقانهم اللغة العربية.
  • تتميز الدول الإسلامية بتعدد اللهجات وامتزاجها بالأعجمية، وعدم معرفة المسلمين بالقواعد السليمة للغة.
  • تفسير الرسول الكريم للقرآن الكريم ينقله المسلمون والصحابة والتابعون.

مراحل علم التفسير

تمر علم التفسير بعدة مراحل حتى وصل إلينا في شكله المعروف، وساهم في هذه المراحل مجموعة من الصحابة والعلماء الذين بذلوا جهودًا كبيرة في تفسير أشرف الكتب بشكل صحيح وسليم. وتضمنت هذه المراحل ما يلي:

المرحلة الأولى: عصر الرسول الكريم

تسمى هذه المرحلة بنشأة علم التفسير في العصور الأولى والذهبية للإسلام، ولم يكن علم التفسير معروفا في ذلك الوقت بسبب عدم وجود نص قرآني سابق. وكان الرسول صلى الله عليه وسلم أول من فسر القرآن وقام بتعليمه للمسلمين.

 وكانَ الرسولُ الكريمُ هو مصدَرُهم لفهمِ هذا الكتابِ الكريمِ وتوضيحِ ما جاءَ بهِ من معاني ومفاهيم، وكانَ منهجُهُ في هذا الوقتِ هو قراءةُ القرآنِ على الناسِ وتوضيحُ معانيهِ وألفاظِهِ وكيفيةِ تلاوتِهِ أيضًا.

المرحلة الثانية: عصر الصحابة

بدأت هذه الفترة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وامتدت حتى عهد الصحابة رضوان الله عليهم، واستندت خلالها على ما يعرف بتفسير القرآن بالقرآن، أو تفسيره بأقوال النبي الكريم عليه الصلاة والسلام، وكان دور الصحابة بعد ذلك هو اتباع منهج الرسول في التفسير ليكونوا أول طبقة من المفسرين في تاريخ هذا العلم، ولا نزعم أنهم كانوا جميعا على دراية كاملة بعلم التفسير، بل بعضهم أو النخبة منهم .

مميزات علم التفسير في عصر الصحابة

تميزت علوم التفسير في عهد الصحابة رضي الله عنهم بالعديد من المزايا الهامة، منها ما يلي:

  • إنه تفسير صحيح لما كان يعرف عن الصحابة من الصدق والموضوعية والعدالة.
  • تميز صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم بلسانهم العربي الفصيح، وهو لسان القرآن الكريم الذي نزل باللغة العربية، وهي لغة أهل الجزيرة العربية في ذلك الوقت.
  • شاهدوا نزول القرآن الكريم على أشرف الخلق جميعًا.
  • تميزوا بفهمهم الحسن لمحتويات النصوص الشرعية التي تشملها القرآن الكريم.

المرحلة الثالثة: عصر التابعين

هي المرحلة التالية لفترة الصحابة الرضوان الله عليهم، حيث اتبعوا مثل الصحابة في تفسير القرآن بالقرآن أو بأقوال الرسول الكريم، وأضافوا إلى ذلك تفسير القرآن بأقوال وأفعال الصحابة الكرام، وكذلك من خلال الاجتهاد الذاتي، وظهرت في هذه المرحلة الكتابة والتدوين في علم التفسير.

تميز هذا العصر بأن التابعين ورثوا علم التفسير من الصحابة الكرام رضوان الله عليهم، ويتميز عصرهم بالصدق في النقل والتفسير، ومن أبرز المفسرين الذين ظهروا في هذا العصر مجاهد بن جبر والحسن البصري رحمهم الله.

المرحلة الرابعة: التدوين

وبدأت هذه المرحلة بعد انتهاء عصر التابعين، وفيها كان يُعتبر علم التفسير فرع من فروع علم الحديث، ولم يتم تدوين تفسير القرآن بشكل كامل في هذه المرحلة، ومن ثم تم التدوين للقرآن كاملاً، حيث قام العلماء والفقهاء بتلك المرحلة بوضع العديد من التفاسير التي اشتملت وجمعت جميع ما وصلوا إليه من تفسير للصحابة والتابعين واجتهادات أخرى، وقد تميزت هذه المرحلة بالآتي:

  • تدوين علم التفسير لأول مرة في كتب ومصنفات تتضمن جميع ما سبق من تفاسير خاصة بالصحابة والتابعين وكذلك ما ورد من تفاسير عن النبي الكريم.
  • يجب اتباع منهج دقيق في البحث يتميز بضبط الرواية عن أصحابها من الصحابة والتابعين، من خلال نقل الأقوال الصحيحة لهم أو الأقوال ذات الثقة، والابتعاد عن غير ذلك من الأقوال.
  • يمكن إضافة بعض الاستنتاجات على ما تم نقله من التفاسير، وخاصة فيما يتعلق بقواعد اللغة العربية والجوانب الفقهية والقراءات.

نتائج جهود علماء التفسير في المرحلة الرابعة

أسفرت جهود علماء التفسير في تدوين علم التفسير عن عدد من النتائج، ومن أبرزها:

  • توسّعت الاختصاصات نتيجة ظهور العديد من العلماء البارزين في مجال التفسير.
  • ظهرت بعض المؤلفات في علم التفسير التي كانت نتيجة جهود علماء اللغة، وظهر ذلك في توضيح بلاغة مفردات القرآن الكريم وجزالة ألفاظه والإعجاز اللغوي به.
  • على إثر اطلاعهم على الجوانب الفقهية للقرآن الكريم، قام علماء الفقه بتأليف العديد من الكتب الفقهية الهامة، منها كتاب “أحكام القرآن” لأبي بكر ابن العربي، وكتاب “الجامع” للقرطبي.
  • يهتم علماء الكلام والتوحيد بإنتاج مؤلفات تعتمد بشكل أساسي على التفسير، ليتمكنوا من استنباط فروع ودلائل علم التوحيد.

أهمية علم التفسير

علم التفسير هو أحد أهم وأعظم العلوم لعدة أسباب، وهي كالتالي:

  • يستخدم هذا الأداة لفهم معاني القرآن الكريم وتوضيح الأحكام والمعاني الخاصة به.
  • يوضح أخبار اللاحقين والسابقين من الناس.
  • الهدف منه هو التعمق في كتاب الله الكريم وتشجيع الناس على التمسك به، وهذا مثبت في قوله تعالى: `كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ`.
  • يتم توضيح المقصود من كلام الله سبحانه وتعالى بالمعنى الدقيق الذي ورد في كتابه الحكيم، وذلك للرضا من الله عز وجل.
  • يعتبر علم التفسير من العلوم التي ترشد الناس إلى الهدى والصواب، لأنه يوضح الأهداف والغايات من كتاب الله العظيم، وهو المنهج الحق الذي يوضح الأحكام والشرائع للناس، ويبين ما هو سنة وفرض والذي نزل على النبي الكريم من خلال الوحي.
  • يدعو علم التفسير إلى تحفيز الناس على العبادة والطاعة لله سبحانه وتعالى، وتحقيق الإخلاص الحقيقي لله وحده دون شريك.
  • الدليل على أهمية علم التفسير أن الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام كان يهتمون بعلم التفسير وبذلوا الكثير من الجهد لتوضيح معانيه وأسراره وذلك عملاً بقول الله سبحانه وتعالى، (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ).
  • تزداد أهمية علم التفسير مع مرور الوقت بسبب التطور العلمي والانشغال بالوقت، وبالتالي يزداد الحاجة لكتب متخصصة في التفسير لتوضيح معاني القرآن الكريم للناس بعد انعدام الاهتمام بتعلم علوم اللغة.
  • يُعتبر علم التفسير هو أسرع الطرق لتطبيق تعاليم الله سُبحانه وتعالى في الحياة، ولذلك يُعد من فروض الكفاية، ويُعتبر المفسرون من أهم العلماء في أي أمة لأنهم يؤدون واجبًا دينيًا هامًا.
  • لذلك، كان علماء التفسير يتبعون نهجًا في بداية مؤلفاتهم يتمثل في كتابة نبذة عن أهمية هذا العلم بالاستشهاد بالآيات القرآنية التي تشير إلى أهمية التفكير والتدبر في آيات الله سبحانه وتعالى.

فضل علم التفسير

فإن علم التفسير له فضل عظيم، وكيف لا يكون كذلك وهو واحد من العلوم الشريفة التي تنير العقل الإنساني بالفكر والمعرفة بشريعة الله سبحانه وتعالى المكتوبة في القرآن الكريم. وبالتالي، فإنه يحمل أهمية كبيرة للأمة الإسلامية، ويعتبر علماء التفسير مكرمين بتفسيرهم لمعاني القرآن. ويعود الناس إلى هذه التفاسير لفهم معاني كتاب الله بسهولة ويسر، خاصة لأولئك الذين لديهم قدرة محدودة على الفهم. ودليل على فضل هذا العلم هو قول الله تعالى، `يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورا مبينا فأما الذين آمنوا بالله واعتصموا به فسيدخلهم في رحمة منه وفضل ويهديهم إليه صراطا مستقيما`. ومن هنا، يشجع ذلك الانسان على تعلم علم التفسير والاستفادة منه.

أهمية علم التفسير عند العلماء والفقهاء

تنوعت آراء العلماء والفقهاء والسلف الصالح حول أهمية علم التفسير، ومن بين هذه الآراء ما يلي:

  • ذكر عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن الصحابة كانوا لا يتجاوزون العشر آيات من القرآن دون فهمها والتأمل والتدبر فيها، وذلك حسب ما ورد عن أبي عبد الرحمن السلمي.
  • وفقًا لما نقله قتادة عن الحسن رضي الله عنه، كان يولي اهتمامًا خاصًا بمعرفة سبب نزول الآية والغرض منها قبل تجاوزها.
  • قول إياس ابن معاوية: من يقرأ القرآن الكريم ويفهم تفسيره مثل الرجل الذي يحمل مصباحا يضيء به الليل، لأن التفسير يوضح معاني الآيات التي تعتبر النور الذي يضيء ظلمة الكفر والضلال.
  • يروي مسروق في قصته أنه عندما سافر إلى مدينة البصرة ليتعرف على تفسير إحدى الآيات، وجد أن المفسر الذي كان يريد زيارته قد غادر إلى الشام، فسافر خلفه.
  • يشير الزركشي في كتابه البرهان إلى أن حاجة الناس لعلم التفسير في الوقت الحاضر أكثر أهمية من حاجة الصحابة إليه في عصرهم، نظرًا للقصور الحاصل في فهم معاني الآيات وتفسيرها إلا من خلال المفسرين.
  • أوضح الزركشي أن هناك بعض الشروط التي يجب توافرها في المفسر، ومنها معرفة الدلالات الخاصة بالألفاظ والمعنى المقصود من الآيات، لتحقيق التفسير الصحيح لها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى