ما الذي يشعر به الجنين في الرحم
: قبل أن يحصل الجنين على حواس الشم والتذوق والرؤية والسمع، فإن حاسة اللمس تتطور لديه أولا، ورغم أن الشخص قد لا يفكر فيها كما يفكر في باقي الحواس، إلا أنها وسيلة للبقاء، فكلا من الحيوانات والبشر يتجنبون الأشياء الضارة عندما يشعرون بعدم الراحة بالقرب منها، ويتجهون نحو الأشياء الدافئة والناعمة، وتعد حاسة اللمس وسيلة التعلم الأولى للطفل لاكتشاف عالمه المحيط به.
ما هي حاسة اللمس
لكي يشعر الجنين بدفء الجسم، يحتاج إلى نظام حسي جسدي، وهذا يتم عن طريق شبكة من مستقبلات الجسم المنتشرة على طول الجسم ومرتبطة بالدماغ عن طريق الخلايا العصبية، حيث يتم ضبط كل مستقبل بشكل فريد لاستشعار واحدة من مكونات اللمس، مثل درجة الحرارة أو الضغط أو الألم، على سبيل المثال.
لدى البالغين، توجد هذه المستقبلات في جميع مناطق الجسم تقريبًا، بما في ذلك تحت جلد الأصابع (للإحساس بالأشياء التي يلمسها الشخص)، وفي جميع أنحاء المعدة (للإحساس بالألم في المعدة)، وفي الشفتين واللسان (لتمييز الأطعمة التي يتناولها الشخص).
ما هي الحاسة الأولى التي يطورها الجنين
الحاسة اللمس هي أول حاسة يتطورها الجنين قبل حاسة الشم والتذوق والرؤية والسمع. يتشكل بعض أجزاء النظام الحسي الجسدي قبل أسابيع قليلة فقط من الولادة، وعند بلوغ الأسبوع الثامن من الحمل، يكون الجنين قد طور مستقبلات اللمس في وجهه، ومعظمها على الشفاه والأنف، وتكون متصلة بالدماغ النامي. وفي الأشهر اللاحقة، تبدأ مستقبلات اللمس في التشكل في الجسم بأكمله، وهذا يشمل الأعضاء التناسلية وراحة اليدين وأرضية القدمين عند الأسبوع 12 وفي البطن بحلول الأسبوع 17. وعند بلوغ الأسبوع 32 من الحمل، يكون لدى كل جزء من الجنين حس كاف باللمس ليشعر بشعرة واحدة تنتشر عبر الجسم.
من خلال الإحساس بالمنبهات داخل الرحم، كالإحساس بالسائل الأمنيوسي، تساعد المستقبلات الحسية الجسدية على تطوير الجهاز العصبي بالكامل، بما في ذلك الدماغ والنخاع الشوكي والجهاز الهضمي.
متى يمكن للجنين أن يشعر بالألم
على الرغم من أن الجنين يمكنه الشعور بأدق لمسة، إلا أنه لا يمكنه الشعور بالألم مثل البالغين، وذلك لأن الشعور بالألم لا يتطلب فقط مستقبلات اللمس، بل يتطلب أيضا بنية دماغية معقدة واتصالات عصبية معينة، وهذه الأخيرة لا تتطور حتى الأسبوع 24 من الحمل. وعلى الرغم من وجود هذه البنية والاتصالات العصبية، فإنها لا تعني بالضرورة أن الجنين يشعر بالألم، فالحلقة العصبية المعقدة التي تمكن من التمييز بين اللمس العادي والمؤلم لا تتطور حتى الثلث الأخير من الحمل.
أظهرت تقنيات تصوير الدماغ أن الجنين يشعر بالألم في الوقت الذي ينتهي فيه تطور النظام الحسي الجسدي، ويتم ذلك حوالي الأسبوع 29 أو 30 من الحمل، وقبل ذلك الوقت يمكن للجنين التفاعل مع اللمس من خلال تغيير ضربات القلب أو المستويات الهرمونية، ولكن مركز الألم في الدماغ لا يستوعب فكرة الألم بوضوح.
حركة الجنين داخل الرحم
يمكن للأجنة أن تبدأ الحركة قبل أسابيع قليلة من الشعور بها من قبل الأم، والأفراد الذين يحاولون ملاحظة حركة الجنين من الخارج قد لا يلاحظونها بشكل جيد إلا إذا كانوا من المتخصصين الطبيين المدربين، ويتحرك الأجنة بشكل مختلف في أوقات مختلفة من اليوم، ولا يتحركون خلال فترات النوم التي تتراوح عادة بين 20-40 دقيقة.
وفقا لكلية الأطباء النسائيين والتوليد، تكون حركة الجنين أكثر نشاطا في فترة ما بعد الظهر والمساء، وتشير دراسة أخرى إلى أن النساء يشعرن بزيادة حادة في حركة الجنين في المساء، ويستمر الجنين في التحرك خلال المخاض وأثناءه.
متى يجب القلق
في حال توقف الجنين عن الركل، يجب أن تستشير المرأة الطبيب من أجل التأكد من عدم وجود أمر خاطئ، لكن عادةً لا يشير قلة الركل لدى الجنين إلى اضطراب طبي. هناك العديد من العوامل التي تمنع المرأة من الشعور بركلات الجنين. في بعض الحالات، يتحرك الجنين بصورة بسبب ضيق المكان في الرحم عندما ينمو.
عندما تلاحظ المرأة تغيرًا واضحًا في حركة الجنين أو نقصًا فيها، يجب استشارة الطبيب على الفور، وعلى الرغم من أن ذلك قد يكون طبيعيًا، فإن الكشف المبكر يساعد على التحقق من عدم وجود أي اضطرابات.
هل يمكن أن يشعر الجنين بوجود أشقائه التوائم
يعتقد العلماء أن الأجنة التوائم أو المتعددة قد يشعرون ببعضهم في الرحم، ويمكن أيضا أن يتفاعلوا مع بعضهم في وقت مبكر في الثلث الثاني من الحمل، حتى قبل الولادة. لقد أصبحت الأجنة اجتماعيين بالفعل. هناك دراسة أجريت على خمسة أزواج من التوائم في الرحم واستنتجت أن الأجنة قد تبدأ في التفاعل اجتماعيا عند اقتراب الأسبوع 14 من الحمل. يعتقد الباحثون أن عدد التفاعلات بين الأجنة يزداد بعد الأسبوع 14. وبحلول الأسبوع 18، يلمس الأجنتان بعضهما البعض بشكل أكبر من لمسهما لأنفسهما أو جدار الرحم.
يمكن أن يقوم الجنين بالتربيت أيضًا على رأس أخيه التوأم أو ظهره، وهذه الأفعال تكون مقصودة، وتستمر لفترة أطول وتكون دقيقة، من ملامسة الأجنة لأعينهم أو فمهم. لذلك استنتج الباحثون أن هذا يعني أن الجنين لا يدرك فقط وجود أخيه التوءم في الرحم، لكنه يمكن أيضًا أن يتفاعل معه بوسيلة محددة ومخطط لها.
تطور حاسة اللمس لدى الجنين
الأصوات التي يسمعها الجنين ونمط الإضاءة والظلام التي يراها في الرحم تستعد له من أجل المنبهات الصوتية والبصرية التي سوف يختبرها في العالم الخارجي. ومع ذلك، فإن هذا الأمر لا يشبه حاسة اللمس لدى الجنين، حيث لا يمكن للجنين أن يشعر بأي شيء في العالم الخارجي قبل الولادة.
بدلا من تهيئة الجنين للتكيف مع الحياة بعد الولادة، الإحساس باللمس لدى الجنين له دور هام في استقبال الانعكاسات والتفاعلات. فالقدرة على الشعور بالسائل الأمنيوسي في الحلق، على سبيل المثال، تساعد الطفل على تعلم كيفية البلع في الرحم. في اللحظات الأولى بعد الولادة، يساعده الإحساس باللمس على السعال (استجابة للشعور وتصفية السائل في الحلق) والبكاء (استجابة للتغيير المفاجئ في البيئة) واحتضان أمه.
يصبح حاسة اللمس أساسية للطفل منذ لحظة ولادته، ليتفاعل بذلك مع العالم من حوله، حيث يساعده الشعور بلمس جلد أمه على الاسترخاء وتكوين علاقة قوية معها. ومع نمو الطفل، يبدأ بالشعور بالأشياء من حوله والضغط على الأرضية عندما يتحرك، ويعتقد الباحثون أن حاسة اللمس تلعب دورا في اللغة أيضا، حيث يساعد توجيه الأصابع نحو الأشياء ولمس الكلمات أثناء النظر في الكتب الطفل على إدراك تلك الكلمات بشكل أسرع.