المجتمعمنوعات

لماذا يعتبر الفساد الأخلاقي أخطر أنواع الفساد .. وسبب في سقوط الأمم

أهمية الإخلاق في الاسلام

تحتاج الأمة العربية اليوم بشدة إلى أخلاق الإسلام في زمن تسود فيه المادة وتضعف فيه القيم الأخلاقية، ويتنافس الناس على متاع الدنيا الزائل والهوى

نحتاج إلى اخلاق الإسلام لكي تستقيم أمورنا ويصلح حالنا ويحسن إسلامنا ويكتمل إيماننا، فلا يمكن أن يكون هناك عمل بدون أخلاق حسنة، وقد أثنى الله عز وجل على النبي محمد صلى الله عليه وسلم الذي اختير قائلا {وإنك لعلى خلق عظيم} [القلم:4]، وعندما سئل النبي عليه الصلاة والسلام: من المؤمنين أفضل إيمانا؟ قال صلى الله عليه وسلم: «أحسنهم أخلاقا» (الترمذي 1162، أبو داود 4682). وسمى الله الإيمان بالبر، فقال تعالى: {ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين} [البقرة:177].

البر هو جامع لمكارم الأخلاق، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (البر حسن الخلق)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (الإيمان بضع وستون شعبة، فأفضلها قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان) (مسلم 35).

يتميز المؤمنون بالتفاضل في الإحسان والأخلاق، وتعددت الأسباب التي أدت إلى دخول امرأة النار، بما في ذلك حبسها لهرة فماتت جوعًا. وكلما تحسنت الأخلاق، كلما اقترب المسلم من خلق النبي محمد صلى الله عليه وسلم، حيث قال: “إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسًا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقًا”، وهذا ما رواه البخاري.

أثر حسن الأخلاق على الامم

عن سفيان بن عبد الله رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله، قل لي كلمة في الإسلام لا أسأل أحدا غيرك عنها. قال: `قل آمنت بالله ثم استقم`. رواه مسلم

هذا الحديث الشريف دل على امرين وهما: الإيمان بالله والاستقامة هما أساس الدين، والإيمان بالله يتضمن الإيمان بالله وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر، والمؤمن الصادق يختلف عن المؤمن المنافق، ويعتبر الخشوع والتفكر في آيات الله من علامات الإيمان، وأن يكون الله تعالى والرسول عليهما الصلاة والسلام أحب إلينا من أنفسنا وأموالنا وأصدقائنا، والاستقامة ضرورية للإيمان الكامل، والمؤمن الصادق يترك كل ما نهى الله عنه ويتبع رضا الله، ولذلك بشر الله المؤمنين بأن الاستقامة هي أساس الفوز والنجاح في الدنيا وسر السعادة في الآخرة.

فنجد أن الشخص المستقيم يكون صحته جيدة وثروته محفوظة (باستثناء الابتلاءات التي يتعرض لها المؤمن ليكفر عن ذنوبه في الدنيا ويزيد درجاته في الآخرة)، وعلاقته بأهله قوية، والناس من حوله يحبونه. وعندما يتحسن وضعه الشخصي، يتحسن وضع عائلته، وعندما تتحسن الأسرة، تتحسن الأمة وتستقيم وتتحرر من البؤس والذل وتصبح سعيدة ومكرمة. والكمال أو النقص في الأخلاق ليس إلا دليلا على قوة الإيمان أو ضعفه. وإذا أردنا تحقيق نهضة أخلاقية ترفع مستوى الأمة إلى التفوق الإنساني، يجب علينا أن نغرس الإيمان الصحيح في أنفسنا وأنفس أبنائنا وأن نقاوم الشرور التي تنذرنا بسوء المصير. ولا ينبغي أن ننسى ما وعد الله به المستقيمين في الدنيا والآخرة، كما قال الله تعالى: `إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون ۝ نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون ۝ نزلا من غفور رحيم` [سورة فصلت: 31، 32]

خطر الفساد الاخلاقي واضراره

فقد تخلى العالم العربي والشرقي عن القيم والأخلاق التي ميزه الله تعالى بها عن الحيوانات، وذلك بسبب انتكاس الأخلاق والتنكر للفضيلة. امتلأ العالم بمن يدعون للمعصية، وانتشر الفساد الأخلاقي وأثره سلبا على المجتمع، حيث بدأوا بنشر الرذيلة بينهم، وأصبح في قلوبهم مرض، يروجون فيه لستر المرأة على أنه التراجع والجهل، وأن العري هو التقدم والحضارة. أصبحت المرأة سلعة رخيصة للرجل لأنها لم تعرف قيمتها، وانتشرت محلات الخمور، وانتشر الزنا في الأرض، وظهر عالم من الأولاد غير الشرعيين، وبنيت بيوت الدعارة. وقد جاء في الحديث الشريف ما معناه أن الله لم يسلط عقابا على أسلافهم قط إلا بسبب انتشار الزنا في قومهم، وكان العقاب هو انتشار الأمراض الجنسية مثل فيروس الورم الحليمي البشري وفيروس الإيدز وغيره.

انتشار الفساد الأخلاقي له أشكال متعددة غير الزنا وارتكاب الفواحش. يعتبر الربا أيضا من أكبر الذنوب، ويحاول العديد من الأشخاص اليوم التبرير بأن البيع مثل الربا وانتشرت البنوك الربوية الشاهقة وقامت بابتلاع أموال الناس تحت مسميات مختلفة مثل الفائدة. وتم نشر الفواحش في أيامنا هذه من خلال تغيير اسمها وتقريبها من الناس لكي يتعودوا عليها ويروها أمرا عاديا. فتم تغيير اسم الزنا إلى الحرية الشخصية، والربا إلى فائدة، وقتل النفس المريضة تحت مسمى الموت الرحيم، ورفض الأديان وتركها تحت مسمى حرية التدين، وترك الحشمة والحياء بمسمى التقد.

أدى الأمر إلى اختفاء الكثير من القيم الإسلامية مثل الشجاعة والعدالة والإنصاف والكرم والإيثار والتواضع والشهامة، واستبدلت بالاستغلال من الأقوياء للضعفاء والغش والكذب والخداع، وفقدت الرحمة مكانتها في قلوبنا واختفت العدالة والنزاهة، واختفت عاطفة الحب واستبدلت بالكراهية.

واحدة من أخطر التهديدات على السلام هي عندما يدعي الأشخاص أنهم يتبعون الإسلام ولكنهم يحاربونه. فمن بين هؤلاء الأشخاص، يحارب بعضهم عقوبة الزنا بحجة أنها تنتهك حريات الأفراد، ويقولون أن ارتداء الحجاب يظلم المرأة وأن الحشمة تعتبر شيئا من الماضي، بالإضافة إلى العديد من الأشياء الأخرى التي حث الإسلام على التمسك بها وحاربها أعداؤه.

لم يعتبر الفساد الاخلاقي سبب في سقوط الامم

يؤكد الله تعالى أن السعادة لا يمكن للإنسان أن يصل إليها إلا بطاعته، وأن الشقاء هو نتيجة المعصية، وهذا الأمر بدأ منذ خلق آدم وعصيانه لله وسماعه لإبليس، فطرده الله من الجنة وحرم عليه نعيمها، وأنزله إلى الأرض ليعاني هو ومن معه من آلام الحياة وشقائها

والمعاصي والفساد الاخلاقي ليست فقط من اسباب غضب الله عز وجل وزوال نعمه، إلا انها من اسباب استعباد الامم وإبادتها ومحوها من الارض، وقد حذر الله عز وجل من ان تخالف الامم شريعته فيصبها العذاب الشديد، قال تعالى: وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِۦ فَحَاسَبْنَٰهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَٰهَا عَذَابًا نُّكْرًا، فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَٰقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْرًا. سورة الطلاق.

تم تنفيذ هذا الأمر والقانون السماوي في الماضي والحاضر، ولا يزال الإنسان يتعلم الدروس من القصص حول الفساد الأخلاقي، مثل فرعون وعاد وثمود وما ارتكبوه من فواحش ومنكرات، والظلم والتجبر واستغلال حقوق الضعفاء، وانتشار الزنا ومنع الزكاة وشح الأغنياء وفساد نفوسهم. وقال الله تعالى: (ألم تر كيف فعل ربك بعاد إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد وثمود الذين جابوا الصخر بالوادي وفرعون ذي الأوتاد الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد فصب عليهم ربك سوط عذاب إن ربك لبالمرصاد)، وهذه الآية توضح أن العصيان يؤدي إلى عقاب الحرمان من النعم، وأن استمرار النعم يتوقف على طاعة الله والابتعاد عن الشرك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى