قصة كلثوم بن الأغر مع الحجاج بن يوسف
كلثوم بن الأغر هو أحد قادة جيش الخليفة عبد الملك بن مروان، وكان يتميز بالذكاء والفطنة وسرعة الرد. كان هناك كراهية وعداء بينه وبين الحجاج، لكن كل منهما لم يعلن عن ذلك وظل العداء دفينا في القلوب. في يوم من الأيام، نجح الحجاج الذي كان يعتبر داهية وماكرا في تدبير المكائد، في وضع فخ لكلثوم بن الأغر، ونجح في تنفيذ مخططه بحيث لم يكن عبد الملك بن مروان ينتظر حتى يسمع دفاع كلثوم عن نفسه، بل أمر بإعدامه وقطع رأسه بالسيف.
يعدم لا يعدم:
تم القبض على كلثوم لتنفيذ الحكم فيه. وعندما علمت أمه بالخبر، وهي عجوز تعدت المائة من عمرها، استغاثت بالخليفة عبد الملك ليعفو ويصفح عن ابنها. ولأن عبد الملك لم يرد رد الجميل خائبا، بل كان يريد تنفيذ العقوبة في كلثوم، فلجأ إلى حل وهو الاقتراع بأن يكتب الحجاج في ورقة “يعدم” وفي ورقة أخرى “لا يعدم.” وعلى كلثوم اختيار مصيره باختيار إحدى الورقتين، وإن كان مظلوما فسوف ينجيه الله.
كلثوم بين يدى الحجاج:
وعندما علمت أم كلثوم أن الحجاج بن يوسف وكل إليه أمر ابنها علمت أنه هالك لا محالة فخرجت والحزن يعتريها ليقينها بخبث الحجاج وكرهه لابنها، وبالفعل تم تحديد ميعاد لتنفيذ العقوبة أمام الملأ من الناس، وكان كلثوم يعلم من دهاء الحجاج ما جعله يأخذ الحيطة منه، فهو يعلم جيدًا شدة كره الحجاج له وانه سوف يكتب في الورقتين يعدم حتى لا يستطيع كلثوم الفرار من سيف الجلاد.
داهية أمام داهية:
وفي اليوم المحدد وأمام الجمع من الملأ، والجميع منتظرون لرؤية وسماع الحكم على كلثوم، قام الحجاج بكتابة الورقتين يعدم وطواهم وقد تيقن من هلاك كلثوم بهذه الحيلة والخلاص منه، وبالفعل حضر الخليفة عبد الملك وتم وضع الورقتين أمام كلثوم وقال له الحجاج: اختر واحدة، فابتسم كلثوم ابتسامة ماكرة وأخذ ورقة من الورقتين إلا أنه لم يفتحها كما هو مقرر بل قام ببلعها على الفور، فاندهش الخليفة لفعلة كلثوم، ووبخه ماذا حملك على ذلك فنحن لم نعلم ما بالورقة التي أكلتها، فقال كلثوم يا مولاي لقد أخذت ورقة ونحن لا نعلم ما بها وهناك ورقة أخرى مكتوب بها القرار العكسي فأخذ عبد الملك الورقة الأخرى من يد الحجاج فوجد مكتوب يعدم، فأعلن على الملا أن كلثوم اختار لا يعدم.
غضب الحجاج بشدة من كلثوم بسبب ذكائه الذي أنقذه من المكيدة الخبيثة التي أعدها له. ولكن بعد ذلك، تمكن كلثوم من إقناع الملك بأنه كان ضحية لمكيدة صنعها الحجاج وأنه لم يقم بأي فعل يغضب الخليفة. وبذلك، حصل على رضا الخليفة وعاد ليتولى قيادة الجيش مرة أخرى.
كن كلثوم ولا تكن حجاج:
يجب أن يستخدم الذكاء دائمًا فيما ينفع ويفيد، وينبغي أن تكون الحيلة والذكاء وسيلة لتحسين حياتك وليس لإيذاء الآخرين، فكلثوم استخدم ذكائها للخلاص من مشكلتها، في حين استخدم الحجاج ذكائه لخلق هذه المشكلة، فلا يمكن وضعهما على قدم المساواة