حجاج بن يوسف الظالم و المظلوم
لقد أحتل الحجاج مكانة متميزة بين أعلام الإسلام ، و عرف الحجاج بقدرته الهائلة في القيادة و الإدارة و بالرغم شهرة الحجاج بهذا إلا أنه أيضاً أشتهر بالظلم و الدموية و سفك الدماء و قد أعتبره البعض صورة مجسمة للظلم و أفضل مثال للطغيان و أصبح أيضاً ذكر أسمه مرتبط على الفور بمعاني الظلم و الطغيان و ضاعت كل أعماله الرائعة في القيادة و الإدارة أمام ظلمه ، كما أيضاً أضاف بعض الكاتبون في الأدبيات التاريخية بعض الأحداث إلى حياته لم تحدث حتى أصبح شخصية خيالية بعيدة تمام البعد عن الحقيقة و البعض حاول ينصف الحجاج و يكذب كل هذا بينما نظر له البعض على أنه طاغية أموي حتى عرف باسم المبيد ، كما أن كان الحجاج فصيح اللسان بليغ و شاعر ، و لذلك نحن اليوم من خلال هذا المقال سوف نتناول السيرة الذاتية الصحيحة إلى الحجاج بن يوسف الثقفي .
تاريخ الميلاد : ولد الحجاج في (41هـ)
النشأة : نشأ الحجاج في أسرة من منازل ثقيف في مدينة الطائف، ووالده كان رجلا تقيا مشهورا بالعلم والفضيلة والتقوى، حتى إنه كان يعلم الصبيان حفظ القرآن الكريم بدون مقابل، وحفظ الحجاج القرآن على يد والده، وعمل فترة معه في حفظ القرآن، ثم تردد على العديد من حلقات العلم من الصحابة والتابعين، مثل عبد الله بن عباس وأنس بن مالك، وغيرهم من العلماء الصحابة والفقهاء، واشتهر بالفصاحة، وكانت نشأته في الطائف السبب وراء فصاحته، وقال الكثيرون إنه لم يجد هناك أحدا أكثر فصاحة من الحسن البصري والحجاج، وكان قادرا على لفت نظر الخليفة عبد الملك بن مروان، حيث رأى الخليفة فيه شدة وحزما وقدرة وكفاءة كافية، حيث كان الخليفة في حاجة إلى شخص مثله حتى ينهي الصراع بينه وبين عبد الله بن الزبير، وكان هذا النزاع الذي بينهما نزاعا على الخلافة والسلطة، حيث جهز عبد الملك بن مروان حملته بقيادة الحجاج للقضاء على الزبير .
حيث حاصر الحجاج مكة المشرفة إلى أن ضيق الخناق على الزبير تماما الذي كان أيضا قد تخلى عنه أصحابه، ولم يبق معه إلا قلة صابرة والتي لن تستطيع أبدا الدفاع عن المدينة المقدسة والتي كان يقوم بضربها الحجاج دون أي مراعاة لحرمتها وقداستها وتسبب أيضا في هدم بعض الأجزاء من الكعبة، وقام الحجاج بقتل الزبير وصلبه وقام بتجميع الوحدة إلى الأمة الإسلامية التي أصبحت جمعيتها في هذا العام تدين بالولاء إلى خليفة واحد وهو عبد الملك بن مروان، وهذا ما جعل الخليفة ينصب الحجاج وليا على الحجاز كمكافأة له على نجاحه، كما أظهر حزما وقوة في إدارتها، وتحسنت أمور الحجاز بشكل جيد، كما قام أيضا بإعادة بناء الكعبة وبناء مسجد ابن سلمه في المدينة المنورة، وحفر الآبار وشيد السدود، وبعد أن أصبح الحجاج وليا على الحجاز لمدة عامين، نقل الخليفة وليا على العراق وكانت الأمور في العراق في هذا الوقت في حالة من الفوضى الشديدة وكانت في حاجة إلى شخص حاسم حيث رفض الجنود هناك أيضا الخروج للجهاد، وألقى الحجاج هناك خطبته الشهيرة جدا حيث قال: “يا أهل الكوفة إني رأيت رؤوسا قد أينعت وحان وقت قطافها وإني لصاحبها”، وبالفعل لم يكن هذا مجرد تهديدا من الحجاج بل قام بقتل أشخاص منهم حيث سارع الباقي لطاعته ولكن في النهاية حدثت حركة تمرد في صفوف الجيش ضد الحجاج وتزعم هذه الحركة رجل يدعى “بن الجارود” ولكن الحجاج لم يخضع لذلك وقام بقتل بن الجارود وأنهى هذا التمرد، ولكن الواضح أن حزم وشدة الحجاج لم تكن شيئا صحيحا لأنها كانت تصل أحيانا إلى حد الظلم، وحدثت ثورة في النهاية واستمرت لثلاث سنوات مما زعزع استقرار الدولة، ودارت معارك كثيرة ولكن الحجاج كان قادرا على جعلها في صالحه واستعادة قوته، وظل الحجاج ينتصر في العديد من المعارك، كما قام أيضا ببناء مدينة “واسط” بين الكوفة والبصرة حيث اعتبرها مقرا لحكمه .
تختلف آراء المؤرخين حول شخصية الحجاج؛ فهناك من يراه ظالمًا وهناك من يراه ذو عظمة وشرف، ولكن هذا لا ينفي وجود بعض الأخطاء في حكمه بطريقة مبالغ فيها في الحزم، ومع ذلك، فإنه لا ينفي أيضًا أنه قام بأعمال كثيرة كانت في صالح الأمة الإسلامية .