اسلامياتالتاريخ الاسلامي

قصة عبارة ” لا غالب إلا الله ” وسقوط الأندلس

قصة عبارة لا غالب إلا الله

اشتهرت قصة عبارة `لا غالب إلا الله` بين المسلمين، ووجدت تلك العبارة مكررة بشكل كبير على الحوائط والجدران، وفي قصر الأحمر في الأندلس. وكان تكرارها أمرا ملفتا، وبقيت كلماتها باللغة العربية على أرض أوروبية في بلاد الأسبان، تشير إلى حضارة قامت هناك يوما وتشير إلى آثار المسلمين الباقية في الأندلس وإلى شعب عاش ودين ساد وانتصارات سجلت وهوية برزت، ولكن ما هي القصة؟ بحث المؤرخون في ذلك الأمر من كثرة ما وجدوه لافتا بالنسبة لهم، وأرجعوا الأمر إلى روايتين مختلفتين لتلك العبارة

الرواية الأولى تقول أن عبد الله الأحمر ، تحالف مع أعداء المسلمين لأسباب قيل منها حتى لا يدفع الجزية لأمراء عرب نكاية فيهم ، و قيل لصراعات كانت بينه وبينهم وأراد أن يستقوي بالأسبان ، وفي كل الأحوال ، فقد تحالف مع المعتدي و خرج ليتمم معاهدته ، ولما عاد من سفره ، استقبله الشعب بالحفاوة فرحين ظنا منهم انهم بهذا قد تخلصوا من دفع الجزية ، و هتفوا له بكلمة الغالب ، فشعر بما قام به من خيانة وضياع لآخر ما كان للمسلمين من حصون في غرناطة وتسليمها للأعداء فقال لهم مرددا ، لا غالب إلا الله ، ونقشها في كل مكان حتى على أبواب البيوت ليتذكر الناس ويذكر نفسه ، وتبقى بعد كل ذلك دليل وشاهد على كل خائن ضعيف ، يستسلم أمام العدو و يتولى عن الجهاد.

والرؤية الثانية هي أن أهل الأندلس، بسبب الصراعات الطويلة في بلادهم وفساد حكامهم وتناحرهم، كانوا على يقين أن ملكهم زائل ودولتهم محدودة العمر، وأن الإسلام يتراجع عن أرضهم. لذا قاموا بتسجيل هذا العبارة على جدران منازلهم وأبوابها وحوائطها لتذكير العالم بها ولتكون شاهدا على المجد الذي كان موجودا في تلك الأرض، وأنها تكون حافزا لهم بأنه لا يوجد غالب إلا الله.

معنى عبارة لا غالب إلا الله

تعني عبارة `لا غالب إلا الله` في اللغة العربية أن الله هو الذي يبقى ولا يخلد إلا هو، ولا يوجد قاهر أو منتصر غيره، فهو الدائم الثبات والتغير وحده.

وقد وردت أية في القرآن الكريم لها نفس المعنى وهي [ إِن یَنصُرۡكُمُ ٱللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمۡۖ وَإِن یَخۡذُلۡكُمۡ فَمَن ذَا ٱلَّذِی یَنصُرُكُم مِّنۢ بَعۡدِهِۦۗ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلۡیَتَوَكَّلِ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ] [آل عمران 160].

تستخدم العبارة في اللغة والحياة لتذكير الناس وتنبيههم بأمور هامة، حيث تحذر من الغرور والتكبر والاعتماد على العدد والعدة ونسيان الله. وتذكر العبارة بقوة الله وقهره وغلبته، والتي ليست قدرة مؤقتة بل صفة أصيلة لله سبحانه وتعالى، وتعتبر من عبارات الخشوع والخضوع والذل لله، وتثبت قدرة الله سبحانه وتقر بها

سقوط الأندلس

تعددت مراحل الحكم الإسلامي في الأندلس منذ فتح المسلمين لأرض الأندلس، وتحولت إلى دولة إسلامية، وانتشر الإسلام فيها بسرعة في عام 92 هـ، واستمر الإسلام فيها واستمرت الأندلس كدولة مسلمة لمدة ثمانية قرون، أو ما يعادل ثمانمائة عام، حيث تحولت الأندلس فيها إلى دولة علم وحضارة وازدهار وقوة

تراجعت قوة الدولة الإسلامية مع مرور السنين بسبب التنازع بين حكامها والحياة الفاخرة التي غمرتهم. أصبحوا يتعاطفون مع الأعداء ويعادون بعضهم البعض، وانتشر بينهم التنازع والبغض والشحناء بسبب الأمور الدنيوية والمناصب. ترك العلماء دورهم في إصلاح الناس وتوجيه الحكام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وانشغلوا بالخلافات الفقهية، وتجاوزوا ذلك بالانغماس في الأمور المتنازع عليها. تركوا الجهاد والدعوة، وعدم الثبات أمام العدو. وصلت حالة الفساد في بعضهم إلى حد يطالبون الناس بترك ديارهم والهجرة بدلا من البقاء والتمسك، وتعزيز قيمة الجهاد.

وصف المؤرخون بعض الحكام الأندلسيين بالمتآمرين، حيث كانوا يعترضون على أي تحرك من الشعب لمحاربة الأعداء، ولم يأخذوا في الاعتبار الأسباب الجوهرية التي دفعت المسلمين لفتح الأندلس. تحولت الأندلس من إمارة إسلامية إلى عدة إمارات متفرقة يحكم كل منها أمير، وتم استيلاء الأعداء على حكمها. وبعد سقوط المدن والحصون تلو الأخرى، بقيت غرناطة وحيدة صامدة أمام العدوان ومحاصرة على الجمر

 سقوط إشبيلية وغرناطة

رغم سقوط البرتغال، بقيت غرناطة إسلامية لمدة مائتين وخمسين عاما تقريبا، فيما سقطت المناطق الأخرى في الاندلس. وقد عاش الأمير أبو عبد الله محمد الصغير، الملقب بالأحمر، أحداثا دامية في قصر والده، فشاهد الصراعات والمؤامرات والمكائد التي تحاك وشاهد مذابح للمخالفين. وكان ما شاهده من مؤامرات عاملا قويا في تأثيره على عدم اللجوء إلى وحدة الصف والشمل الإسلامي. واستطاع أن يحكم غرناطة بنفسه ويخلصها من بين أيدي المتنازعين، ولكنه في النهاية يعتبر أحد أسباب سقوط الأندلس وخاصة غرناطة التي كان أميرا لها

وصفه المؤرخون بأنه كان من بين المتقاعسين عن القيام بواجب الجهاد المفروض في تلك المرحلة والدفاع عن آخر ما تبقى من حصون المسلمين في الأندلس، وتجاهل ما قام به أجداده وكيف تم فتح الأندلس قبل خيانته بقرون طويلة. واعتبروه أنه خان بالتوقيع على معاهدته مع ملوك قشتالة، وأرجعوا أسباب تلك المعاهدة إلى الخيانة وليس الضعف. لم يكنوا يرون أن غرناطة كانت ضعيفة لدرجة تبرر تلك المعاهدة، بل اعتبروها خطوة استراتيجية لكسب القوة أمام أمراء المسلمين الآخرين في المدن الأخرى مثل إشبيلية. دخل إشبيلية بعد ذلك كغاز على ركاب قشتالة، أعداء المسلمين، وساعدهم في تسليم الحصون دون قتال. حاصر إشبيلية لأكثر من عام وحاصرت قوات قشتالة إشبيلية وبقية مدن الأندلس من كل الجهات، وأنهت حياة التاريخ الإسلامي فيها. وكان سقوط إشبيلية شاهدا على نهاية المسلمين، وبعدها سقطت غرناطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى