بدأ الفتح الإسلامي لشبه الجزيرة الإيبيرية بقيادة طارق بن زياد في عام 710 م، وقام بإحراز انتصار على ملك القوط في معركة وادي بكة، ثم انضم إليه الوالي الأموي الذي كان يحكم إفريقية (تونس حاليا) واسمه موسى بن نصير .
وبعد الخلافة الأموية التي أسسها عبد الرحمن بن معاوية وفترة ملوك الطوائف، تميزت الأندلس بحضارتها التي شهدها التاريخ وازدهرت تحت يد يوسف بن تاشفين المرابطي. وسقطت في نهاية الولاية الموحدية خلال فترة الحروب الصليبية، وذلك عند سقوط غرناطة. كانت غرناطة حينذاك آخر معقل للمسلمين في يد التحالف الصراني الثلاثي. والجدير بالذكر أن المسلمين تركوا العديد من الآثار والمعالم الحضارية خلال فترة حكمهم للأندلس. سنوضح في هذا المقال بعض هذه المآثر .
مسجد قرطبة
تم بناء مسجد قرطبة خلال قرنين ونصف القرن، حيث تم تأسيسه في عام 92 هجرية، عندما اختار بنو أمية قرطبة عاصمة للخلافة الإسلامية في الأندلس. وقام السلطان عبد الرحمن الداخل بتقسيم كنيسة قرطبة العظمى إلى قسمين، نصف للمسلمين ونصف للمسيحيين. وعندما زاد عدد المسلمين وازدحامهم في المدينة، قام عبد الرحمن الداخل بشراء الكنيسة من المسيحيين وإعادة بنائها بعد تدميرها خلال الفتوحات الإسلامية. وبنى عبد الرحمن الداخل جامع قرطبة على مساحة 4875 متر مربع، وسمي بجامع الحضرة أو جامع الخليفة، وأطلق عليه لقب بهجة العصور. وفي وقت الحروب الصليبية، قام الصليبيون بتحويل المسجد إلى كاتدرائية مسيحية، وتحول اسمه اليوم إلى مسجد الكاتدرائية .
مسجد مدينة الزهراء
أصدر السلطان عبد الرحمن الناصر أمرا ببناء مسجد كبير في مدينة الزهراء على غرار مسجد قرطبة ، وذلك في القرن العاشر الميلادي ، وقام بتزويده بأعمدة وقباب فاخرة ، وتميز المسجد بالمنبر الرائع والزخارف ، وشارك في بناء هذا المسجد أكثر من ألف عامل وتم الانتهاء منه خلال 48 يوما ، وتم تصنيف هذا المسجد كتراث وطني عام 2007 عندما اتصل بجدران المدينة القديمة، وتم التأكد من وجود صحن وثلاثة أروقة ومحراب ذو أجواء هندسية، ويبلغ طوله حوالي 25 مترا وعرضه حوالي 18 مترا .
قصر الجعفرية بسرقسطة
تم بناؤه في النصف الثاني من القرن الحادي عشر الميلادي ، خلال حكم الأمير المقتدر بن هود، وهو جزء من ملوك الطوائف التاريخية. يعكس هذا المبنى التقدم في الفن المعماري الإسلامي في تلك الفترة، خاصة في عهد ملوك الطوائف. خلال حروب الاسترداد، استولى الملك ألفونسو الأول على مدينة سرقسطة في عام 1118 م وحول قصر الجعفرية إلى مقر إقامة ملوك أراغون. في حروب الاستقلال الإسبانية ضد نابليون، تحول إلى قلعة عسكرية. في العصر الحديث، تم ترميمه ليصبح مقرا للمجلس التشريعي للأراغون .
قصر الحمراء
يعد قصر الحمراء من أشهر قصور الأندلس التي بناها الملك عبد الله محمد الأول المعروف باسم “ابن الأحمر” في مملكة غرناطة، وذلك في النصف الثاني من القرن العاشر الميلادي. ويعد هذا القصر واحدا من أكثر المعالم الأثرية الفنية التي تدل على عظمة وثراء فن العمارة الإسلامية، ويحتوي على زخارف وآيات قرآنية تزين جميع جدرانه وزواياه، ولقد سمي هذا القصر بـ “عليل النفوس .
جنة العريف
تقع جنة العريف شمال قصر الحمراء بالمقابلة مع مزارع غرناطة ، وتضم جنة العريف أربعة بساتين ، وهي : كلورادا وفوينتيبينا ، وميرثيريا ، وتم تغير جميع هذه الأسماء السيحية الأصل في القرون الوسطى في مرحلة محاكم التفتيش المسيحية ضد المسلمين ، وقام بتشيد جنة العريف ثاني سلاطين مملكة بني الأخمر محمد الثاني وذلك في القرن الثالث عشر الميلادي .
برج الذهب
تم بناؤه بواسطة الموحدون كبرج مراقبة عسكري في إشبيلية، جنوب إسبانيا، في الثلث الأول من القرن الثالث عشر الميلادي. واستخدم كسجن خلال العصور الوسطى في أوروبا، وأيضا كجدار أمني لحماية المعادن الثمينة القادمة من أمريكا في القرن الخامس عشر الميلادي. وتم تحويله في العصر الحديث إلى متحف غني بالتراث الحضاري الإسلامي، وخاصة في المجال العلمي، حيث يحتوي على العديد من الأدوات البصرية التي اخترعها علماء المسلمين الأندلسيين، والتي استخدمها الأوروبيون في حملات استكشافهم. كما يضم البرج نماذج لبعض السفن الشهيرة التي استخدمها الأسبان في رحلاتهم إلى العالم الجديد. يعتبر هذا البرج دليلا كبيرا على عظمة الماضي العسكري والعمراني للدول الإسلامية في الأندلس، وخاصة الدولة الموحدة .
مئذنة الخيرالدة
كانت المئذنة للمسجد الكبير في إشبيلية تاريخيا في أيام الحكم الإسلامي الموحدي، وتحولت الآن إلى برج أجراس لكاتدرائية إشبيلية منذ سقوطها بيد الموحدين في عام 1248 م .
تحتوي المئذنة على لوحتين تذكاريتين تم وضعهما عام 1984 ميلادية .