قصة سرقة الحجر الأسود وكيف عاد
يعتبر الحجر الأسود من أشرف الأحجار في الدنيا، وروى الرسول صلى الله عليه وسلم أنه حجر من الجنة، نزل مع آدم عليه السلام إلى الأرض حيث شعر بالوحدة والحزن، فأنزل الله الحجر الأسود ليعزفه ويوحي له بالأمل، وكان لونه أبيضا ولكنه أسود الآن بسبب خطايا البشر، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: “نزل الحجر الأسود من الجنة وهو أشد بياضا من اللبن، فسودته خطايا بني آدم”، وقال أيضا: “لولا ما مس الحجر من أنجاس الجاهلية، ما مسه ذو عاهة إلا شفي”، وروي أن الحجر الأسود سيعود إلى مكانه في الجنة في آخر الزمان .
أين يقع الحجر الأسود
الحجر الأسود هو أحد أبرز معالم الكعبة المشرفة ويقع في الزاوية اليمنى ويبعد عن الأرض مترا ونصف المتر، وربما كانت واحدة من أبرز الحوادث التي تعرض لها هذا الحجر الشريف هي سرقته وإزالته عن الكعبة المشرفة لمدة 22 عاما، وسنوضح في هذه المقالة قصة سرقة القرامطة للحجر الأسود .
قصة سرقة الحجر الأسود
وقعت هذه القصة في بداية القرن التاسع عشر الميلادي، عندما خرجت مجموعة من المسلمين ودعوا لنصرة آل البيت والتشيع لهم، ودعوا أيضا لإمامة محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق، الذي تم تسميته باسماعيلية لذلك، ونجحوا في إنشاء دولتهم الجديدة في مصر والمغرب، وأطلقوا عليها اسم الدولة الفاطمية، وتم اختيار عبيد الله المهدي ليصبح إماما للجماعة، مما أدى إلى رفض جماعة منهم لهذا الاختيار وانشقاقهم عن الجماعة الأولى، وتم تسمية هذه الجماعة المنشقة باسم القرامطة، وكان حمدان بن قرمط زعيمها، وانتشروا في بلدان العراق وفارس والبحرين وخراسان، وحصلوا على ولاء قبائل عربية، وتم إنشاء دولتهم القرامطية الأولى في البحرين .
بدأت النوايا السيئة لدولة القرامطة في الظهور تجاه المسجد الحرام والكعبة المشرفة عندما توجهت جحافل جيوشهم بقيادة أبي طاهر القرمطي من البحرين إلى مكة. انتهكوا حرمتها ودخلوها وارتكبوا أعمالا شريرة فيها، وقتلوا الرجال والنساء وأسروا الأطفال. هاجموا الكعبة وفتحوا بابها ونزعوا ثوبها وأخذوا الحجر الأسود وسرقوه من موضعه وأخذوه معهم إلى البحرين ووضعوه في عاصمتهم. حاول أمير مكة عدة مرات إعادة الحجر إلى مكانه ونشر جيشا لمهاجمة القرامطة ومقاتلتهم، ولكن جميع محاولاته فشلت. عندما وصل الخبر إلى حاكم الفاطميين بأمر من الله، أرسل عدة رسائل شديدة اللهجة إلى القرامطة، حذرهم فيها من أنه سيجمع جيوشا لمحاربتهم إذا بقي الحجر في قبضتهم، وسيرسل جيشا لإجبارهم على إعادته. عندما شعروا القرامطة بالخطر الذي يهددهم بسبب أفعالهم، تراجعوا وأعادوا الحجر بعد أن استولوا عليه لمدة تقارب الـ 22 عاما .
كيف انتهت دولة القرامطة
في نهاية القرن العاشر ومنتصف القرن الحادي عشر الميلادي، بدأت دولة القرامطة في الضعف ولم يعد نجمها ساطعا كما كان في السابق، وبدأت تسقط وتنتهي بتسليم أبو طاهر القرمطي زمام الأمور لشاب فارسي. قام الشاب بسن قوانين تتعارض مع الشريعة الإسلامية وسب الأديان والأنبياء وقتل المخالفين له في الرأي. وانتهت القرامطة عندما اندمجت مع بعض الجماعات الشيعية الأخرى .
ما أهمية الحجر الأسود والحكمة من تقبيله
أكدت الأحاديث النبوية الشريفة قبول الرسول صلى الله عليه وسلم للحجر الأسود، حيث روى أبو طفيل في صحيح مسلم “رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بالبيت، ويستلم الركن بمحجن معه، ويقبل المحجن”، والهدف من تقبيله هو الامتثال لأفعال رسولنا الكريم وإظهار التقدير لشعائر الله، والاعتراف بالإلهية للخالق جل وعلا .
ورد عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنه قبل الحجر الأسود يوما، ثم قال: (إني أعلم أنك حجر، لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقبلك ما قبلتك).