قصة ” حوت يونس ” من قصص الحيوان في القران
يونس بن متى عليه السلام هو سيدنا الذي ذكر في القرآن الكريم باسم ذو النون، وهو الذي يعرف أيضا بصاحب الحوت. أرسل الله تعالى يونس إلى مدينة تدعى نونوه في محافظة الموصل وهي مدينة موجودة حتى اليوم، وكان في زمنه أكثر من مائة ألف شخص لا يؤمنون بالله عز وجل. فأرسل الله نبيه يونس عليه السلام إليهم لدعوتهم إلى عبادة الله وحده، ولكنهم لم يستجيبوا لدعوته، فكفروا جميعا وسخروا منه واتهموه بالسحر والجنون، وبدأوا في إيذائه والاستهزاء به .
سيدنا يونس دعا قومه وصبر على إيذائهم وتحمل الأذى، ولم يترك بيتا ولا فردا في تلك المدينة إلا دعاهم لعبادة الله، لكنهم جميعا أصروا على الكفر بالله والاستكبار، فأوحى الله عز وجل إلى سيدنا يونس أنه أعطى قومه مهلة ثلاثة أيام، وإما أن يؤمنوا بالله وإما أن ينزل عليهم العذاب الأليم، وذكرهم بالله تعالى وقال لهم: “أمهلكم الله تعالى ثلاثة أيام فإما الإيمان بالله وإما العذاب الأليم”، ولكن قومه أصروا على الاستكبار وقالوا له: “افعل ما تريد، فإننا لن نؤمن بك ولن نصدقك”، وذلك بالرغم من سابقة الأمم التي حل بها العذاب .
فعندما غضب بونس عليه السلام على قومه وفقد الأمل في هدايتهم، خرج غاضبا من القرية، مشعرا بالأسف لما سيحل بهم من عذاب. وعندما خرج من القرية غاضبا، شعر أفراد قومه بالندم، وأدركوا أن العذاب سيصيبهم، وأدركوا أن وعد الله حق وأنهم سيهلكون بعد ثلاثة أيام. وأصيبوا بالندم، فلجأوا إلى الله عز وجل. خرج الناس من بيوتهم يتوسلون إلى الله عز وجل، وبدأ الجميع يبكي ويستغيثون بالله عز وجل لكي لا يصيبهم العذاب .
فكشف الله تعالى عنهم العذاب ، ولم تؤمن قرية كما أمن قوم يونس قال تعالى {فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَىٰ حِينٍ} سورة يونس الآية 98 .
عندما خرج يونس عليه السلام من قومه، اتجه إلى البحر ليهاجر في سبيل الله عز وجل وينشر دين الله تعالى في الأرض، وركب سفينة مع الناس الذين امتلأت بهم السفينة، ودخل البحر معهم، وبدأ الظلام يحل عليهم، وزادت الرياح وعلوت الأمواج، وهزت السفينة، وفزع الناس وألقوا البضائع في البحر، وقالوا إنه يجب أن يضحوا ببعضهم حتى ينجو البقية، ولكن لم يرض أحد بالنزول من السفينة، فقرروا أن يلجأوا إلى القرعة، ومن يأتيها ينزل من السفينة، ووقعت القرعة على يونس عليه السلام فعرفوا أنه هو الذي يجب أن ينزل .
خلع ملابسه وألقى بنفسه في البحر في ظلام الليل، وقال تعالى: {إن يونس لمن المرسلين * إذ أبق إلى الفلك المشحون * فساهم فكان من المدحضين * فالتقمه الحوت وهو مليم * فلولا أنه كان من المسبحين * للبث في بطنه إلىٰ يوم يبعثون * فنبذناه بالعراء وهو سقيم * وأنبتنا عليه شجرة من يقطين * وأرسلناه إلىٰ مائة ألف أو يزيدون * فآمنوا فمتعناهم إلىٰ حين} سورة الصافات، الآيات 139-146.
أوحى الله عز وجل إلى حوت كبير، فابتله. وعندما علم سيدنا يونس عليه السلام أنه ما زال حيا، سجد لله عز وجل في بطن الحوت، وسمع تسبيح الأسماك في البحر. وفي تلك اللحظة، قال: “لا إله إلا أنت، سبحانك إني كنت من الظالمين.” اعترف بتقصيره، وشعر بالندم لأنه استعجل على قومه. وعندما صعدت الكلمات إلى السماء، قالت الملائكة: يا رب، صوت نعرفه، ولكنه يخرج من مكان غريب. فقال الله تعالى للملائكة: ألا تعرفون صوت من هذا؟ فقالت الملائكة: لا يا رب، لا ندري. فقال: إنه صوت عبدي يونس. فقالوا: ألا تنجيه؟ فقال الله جل وعلا: بلى، سأنجيه .
وبقي سيدنا يونس عليه السلام في بطن الحوت مصرحا بذكر الله فقط، وقال الله تعالى في سورة الصافات: {ولولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون} (الآية 143). ولما أذن الله تعالى للحوت بأن يلفظ يونس عليه السلام على شاطئ البحر، فعل الحوت ذلك، ولكن جسد يونس عليه السلام كان ضعيفا ورقيقا وكاد يموت، حتى أن كل الجلد كان على العظم. فأنبت الله تعالى شجرة اليقطين ليستظل تحتها ويأكل من ثمارها ويشرب حليبها، وكانت الأوراق كبيرة، وذلك لتعويض يونس عليه السلام عن الظروف الصعبة التي مر بها. وقال الله تعالى في سورة الصافات: {وأنبتنا عليه شجرة من يقطين} (الآية 146).
أكل الرجل حتى شبع واشتدت رغبته في الطعام، ولكن أراد الله تعالى أن يوجهه للعودة إلى قومه مرة أخرى، فعاد إلى بلده، ووجد أن القرية التي كانت قد فتحها قد أسلمت كلها على الله بعد أن كانوا يعبدون غيره ..