قصة حادثة الإفك مختصرة .. وموقف الرسول منها
قصة حادثة الإفك مختصرة
جرت حملة غزوة المريسيع في السنة السادسة أو الخامسة من الهجرة، وفي ذلك اليوم كانت السيدة عائشة أم رضي الله عنها في الخامسة عشرة من عمرها، وأراد النبي صلى الله عليه وسلم الخروج في الطريق ليقرع بين زوجاته، فظهر سهم السيدة عائشة رضي الله عنها فخرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعد المعركة كان الجيش يستعد للعودة، وجمع الناس متعهم، ثم ابتعدت عائشة قليلا عن الجيش لتقضي حاجتها.
بعد عودتها، اكتشفت أن عقدها قد ضاع، فعادت للبحث عنه، وعندما عادت، اكتشفت أن الجيش قد ابتعد، وفي هذا السياق، أفادت عائشة رضي الله عنها أنها قامت بالتيمم في منزلها الذي كانت فيه، وظنت أن الجيش سيشعر بغيابها وسيعود إليها، وعندما جلست في مكانها، كانت نائمة فاعترف الصحابي صفوان بن المعطل السلمي بشخصيتها، حيث كان يفحص آثار الجيش، واستيقظت السيدة عائشة عند صوته، فغطت وجهها بالجلباب ولم تتكلم أو تنطق.
كانت السيدة عائشة رضي الله عنها واحدة من الأشخاص الذين شاهدوا مجيء صفوان المنافق مع عبد الله بن أبي بن سلول، حيث كذب وأشاع شائعة أن الصحابي صفوان ارتكب الفاحشة مع عائشة رضي الله عنها، وهذا الاتهام مجرد افتراء وكذبة لا يوجد لها أي أساس أو حقيقة، وكشف الله تعالى براءة أم المؤمنين عائشة في كتابه العزيز، حيث قال: “إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم.
عانت عائشة (رضي الله عنها) من مرض شديد عند وصول المسلمين إلى المدينة بعد الغزوة، مما جعلها تبقى في فراشها لمدة شهر كامل. وبسبب ذلك، لم تستطع الخروج أو رؤية الناس حولها، ولم تكن عائشة تدرك ما يحدث حولها. ومع ذلك، كانت تشعر بأن النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) يهتم بها قليلا. وعندما خرجت بعد تحسن حالتها برفقة أم مسطح لتلبية احتياجاتهما، لاحظت عائشة أن أم مسطح كانت ترتدي ثوبا وقالت لها عائشة
“بئس ما قلت، أتسبين رجلاً شهد بدراً؟ فقالت لها أمّه: عندما سألتها عما قاله مسطح فيك، أجابت بالنفي، ولكن عندما أخبرتها بخبر الحادث الذي لم تكن تعلم به من قبل، أدركت أنها تدهورت في مرضها وأصبحت على علم بالأمر.
حال عائشة بعد معرفتها الخبر
عندما علمت السيدة عائشة، رضي الله عنها، بما قيل عنها في حادثة الإفك، طلبت الإذن من رسول الله صلى الله عليه وسلم للمرض في بيت أهلها، وأذن لها. ثم ذهبت لوالدتها وأبيها لتعرف الحقيقة، وأخبرتها والدتها بكل ما حدث. فأكدت السيدة عائشة أنها لم تنم ذلك الليلة، وأصبحت باكية ومحتارة. وكان النبي صلى الله عليه وسلم في نفس الحالة، فتأجل الوحي، واستشار أصحابه حول ما يجب عليه فعله؛ هل يترك زوجته عائشة أم يبقيها؟ ثم صعد المنبر وقال
“يا معشرَ المسلمين، مَن يَعْذُرُني مِن رجلٍ قد بلَغَني عنه أذاه في أهلي، واللهِ ما علمتُ على أهلي إلّا خيراً، ولقد ذكروا رجلاً ما علمتُ عليهم إلّا خيراً وما يَدْخُلُ على أهلي إلّا معي”، انزعج الناس لدرجة أنه أراد أن يرضي رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ضربه على رقبته فأسكتهم رسول الله وجعلهم مهمين له.
وبقيت عائشة على هذه الحال ليلتين أخريين حتى جاءها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لها: (أما الآن يا عائشة ، فأنا على علم بهذا وذاك، إذا كنت بريئًا فالله سيحررك وإذا كنت قد ارتكبت معصية، فاستغفر الله وتوب وإذا اعترف العبد ثم تاب، فسيغفر الله له. “بعد هذا الكلام ارتبكت عائشة وهدأت دموعها.
عندما نزل جبريل صلى الله عليه وسلم بالآيات، أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم عائشة بأن البشارة قد وصلتها من السماء، وكانت عائشة رضي الله عنها. وعندما تلا الله في القرآن الكريم شأنها، قالت: `لم أظن أن الله يحدث عني وحيا`، ولكنها أرادت أن يظهر الرسول صلى الله عليه وسلم لها في المنام ويرى حلما يشفيها الله به، ولكن الله تعالى برأها في الآيات الكريمة في كتابه العظيم.
السيدة عائشة أم المؤمنين
هي أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق، زوجة الرسول صلى الله عليه وسلم، ولم يتزوج الرسول صلى الله عليه وسلم بكرا إلا منها، وهي الثالثة من بين أمهات المؤمنين، تزوجها الرسول صلى الله عليه وسلم قبل هجرته بسنتين، وكانت تبلغ من العمر 6 سنوات، وكان لارتباطها بالنبي في هذه السن الصغيرة تأثير كبير في نقل عدد كبير من الأحاديث النبوية، خاصة في شؤون عائلية.
بعد وفاة الرسول، كان الخلفاء والصحابة الأكبر سنًّا يتلقون النصائح والاستشارات من فاطمة الزهراء، التي كانت محامية وبليغة وباحثة في الأمور العلمانية والدينية. وزُفت براءتُها في القرآن الكريم، عندما تعرضت لاتهام كاذب في حادثة الإفك التي أشعلها منافقو المدينة.
حديث المنافقين عن حادثة الإفك
عندما شاهد الناس ذلك، تكلم المنافقون من بينهم كلٌ على شاكلته، وأتاحت لهم الفرصة للنيل من شرف بيت النبي وتشويهه، وانتشرت الشائعات والافتراءات على السيدة عائشة.
وصل الحديث إلى الرسول صلى الله عليه وسلم الذي امتنع عن الرد، ولكن برزت تعامله مع السيدة عائشة الجارحة، حيث أدى إلى انتقالها للإقامة عند أمها، خاصة وأنها كانت تعاني من مرض حاد ولم تجد الرعاية المعتادة منه صلى الله عليه وسلم.
ومع ذلك، لا تعرف السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها شيئًا عما قيل عنها، وفي يوم من الأيام، بعد أن تعافت من مرضها، خرجت من منزل والدها لتقوم ببعض المهام برفقة أم مسطح بنت أبي رهم، حيث أخبرتها بما قيل عنها من حادثة الإفك.
موقف الرسول من حادثة الإفك
لم يشك رسول الله صلى الله عليه وسلم في عائشة رضي الله عنها، وأنه علم براءتها، لعلمه ببراءة زوجات الرسول من ارتكاب الفسق، وعلمه بما عليه عائشة رضي الله عنها إلا أنه صلى الله عليه وسلم لم يسمح له بالحكم وحده مع العلم أن حكمه لم يكن كافيا وقوله في عائشة رضي الله عنها في قطع إنكار الكذب، وانتظر نزول الوحي وعندما تأخر نزوله استشار علي بن أبي طالب وأسامة بن زايد وغيرهم.
يقال إن النبي صلى الله عليه وسلم كان لديه شك في ما حدث، ورغم أن رأيه انتصر على براءتها، إلا أنه لم يتأكد منها إلا بعد الوحي. ومن المعروف أنه لا يوجد عصمة لأحد غير الأنبياء، وعليه فإن حسن الظن لا يمكن أن يرضي القيل والقال، ولذلك انتظر الرسول الكريم الوحي. وعندما تأخر الوحي، استشار علي بن أبي طالب وأسامة بن زايد في التفريق، ثم خرج النبي صلى الله عليه وسلم على الناس وقال: من يعذرني في هذا الرجل؟ ولذلك فإن الصبر على الابتلاء يعتبر من أعظم الدروس المستفادة من حادثة الإفك.