قصة جحا والحكماء الثلاثة
جحا والحكماء الثلاثة هي إحدى نوادر جحا التي أثبتت قدرته على الإجابة عن أي سؤال مهما كانت صعوبته، لدرجة أن الحكماء الثلاثة وجميع أهل المملكة أطلقوا عليه لقب الحكيم جحا.
الحكماء الثلاثة في ضيافة الملك
في يوم من الأيام، وأثناء انشغال الملك بأمور شعبه، أخبره أحد خدمه عن وفد من الحكماء يرغبون في زيارته. فأمر الملك باستضافتهم وتقديم وجبات شهية ومشروبات لذيذة، وتوفير وسائد من ريش النعام لإقامة مريحة لهم في القصر. في المساء، حضر الحكماء إلى مجلس الملك حيث استقبلهم ورحب بهم
حكيم المملكة
وبينما كان الثلاثة في حضرة الملك سأل أحدهم الملك مولاي، هل لديكم في هذه المملكة حكيم يمكننا أن نستفيد من علمه ونتعلم من خبرته؟” ثم نظر الملك إلى مساعده بدهشة وتعجب، لأنه لا يعرف أي حكيم في المملكة، حيث أن الناس جميعهم بسطاء وفلاحون، ولا يمتلكون الكفاية من العلم والخبرة ليكونوا حكماء، ولكن قرر مساعد الملك ألا يخيب ظن ملكه، فقال لهم: “نعم، لدينا حكيم يمتلك معرفة لا يعرفها أحد، ولديه خبرة طويلة في حل أصعب الألغاز، ولكنه الآن غير متواجد هنا، فابتسم الملك لفكرة مساعده وأكد قوله، قائلا: ليت الحكيم الموجود في المملكة حتى ننعم بهذا اللقاء معكم الثلاثة، ولكننا نعدكم بتنظيم لقاء بينكم وبينه عند عودته في ساحة القصر.
أين حكيم المملكة
مع مرور الأيام، كان الحكماء الثلاثة يتلهفون للقاء النابغة الذي سمعوا عن حكمته وقوة حججه. كانوا يسألون عنه باستمرار وينتظرون وعدهم به الملك. وفي كل مرة يسألون مساعد الملك عنه، يخبرهم أنه لم يعد بعد وما زال في سفره. وكان مساعد الملك يشعر بالضيق لأنه لا يعرف حكيما آخر في المملكة. وفي حيرته، تقدم شخص واحد منهم واشتكى من جاره الساذج الذي باع له حمارا ثلاث مرات وفي كل مرة يعود الحمار إليه ويقول له: “أرجوك، لا تبيعني”. فاستغرب مساعد الملك وأمر بإحضار الساذج وسأله عن قصة الحمار. أجاب الساذج بأن الحمار يتحدث معه ويقول له ذلك. فعلم مساعد الملك أن الساذج يخدعهم.
فقال له: رد على جارك بإعادة أمواله واسترجاع حمارك، وفي الصباح عليك الحضور إلى الباب الخلفي للقصر، وإذا لم تحضر في الصباح، سأأمر بقطع رقبتك، ويجب على أسرع مساعد للملك إبلاغه بأن حكيم المملكة الذي يمكنه الإجابة على أي أسئلة للحكماء الثلاثة تم العثور عليه أخيرًا.
جحا والحكماء الثلاثة
وفي صباح اليوم التالي حضر جحا في الميعاد فقال له مساعد الملك، لدينا ثلاثة ضيوف من الحكماء ويريدون أن يقابلوا حكيم المملكة الذي يستطيع الإجابة على أي سؤال، فقال جحا: وأين هو حكيم المملكة، قال مساعد الملك: أنت حكيم المملكة الذي سيقابل الحكماء ويجيب على أسئلتها وفي حالة خطأك في الإجابة على أي سؤال سوف أزج بك في السجن وأأمر السياف بقطع رقبتك فأنت لص سارق.
رعد جحا وقرر الإجابة على الأسئلة بأي حال، وأعلن مساعد الملك عن وصول حكيم المملكة جحا، وفي حضور الملك وحشد من أهل المملكة، حضر الحكماء الثلاثة وجحا، والذي أصر على إحضار حماره للجلسة، مؤكدًا أنه يستمد حكمته من صبر هذا الحمار.
في البداية، كان الحكماء الثلاثة مترددين في مواجهة هذا الحكيم الذي سمعوا عن ذكائه وفطنته، لذلك اتفقوا على إعداد أنفسهم لهذا اللقاء، حيث قرر كل حكيم منهم أن يوجه سؤال واحد إلى حكيم المملكة.
أين يقع مركز الأرض
بدأ الحكيم الأول سؤاله قائلًا: يا جحا الحكيم، هل تستطيع أن تخبرني عن موقع مركز الأرض؟” قال جحا سريعا: “هنا” وأشار إلى ساق الحمار، وقال “في تلك البقعة بالتحديد”. فاستغرب الحاضرون وقال الحكيم: “ما الذي يثبت كلامك بأن مركز الأرض في تلك البقعة؟”. أجاب جحا: “إذا كنت تشك في كلامي، فقم بحفر تلك البقعة وتأكد بنفسك”. فسكت الحكيم وعلم أنه أمام شخص ذكي، بينما ابتسم الملك ومساعده.
كم عدد النجوم في السماء
قرر الحكيم الثاني أن يكون سؤاله أصعب من السؤال السابق، فقال له: أيها الحكيم جحا أخبرني كم عدد النجوم في السماء؟ فقال جحا بكل ثقة: عدد شعر حماري، فقال الحكيم: وكيف عرفت ذلك؟ قال جحا: إن لم تصدقني قم بعد النجوم، ثم عد شعر حماري وسوف ترى أن العددان متساويان، فقال الحكيم وهل يعقل أن أعد شعر الحمار، فرد جحا: وهل يعقل أن أعد النجوم، فعلم الحكماء أنهم أمام داهية حقيقية.
كم عدد شعر رأسي
وهنا قام الحكيم الثالث وهو يقول: يا جحا الحكيم، لقد أبهرتنا بإجاباتك القوية والمقنعة، ولكن لدي سؤال أخير، كم عدد شعر رأسي؟” فأجاب جحا: “عدد شعر رأسي هو نفس عدد شعر ذيل حماري.” فسأل الحكيم: “وكيف نقوم بالعد؟” فأجاب جحا: “ننزع شعرة من رأسي مقابل شعرة من ذيل الحمار، وعندما يصبح رأسي بلا شعر نعرف العدد.” فضحك الثلاثة الحكماء وعلموا أن جحا حكيم فعلا، حيث استطاع بذكائه الرد على جميع الأسئلة رغم بساطة مظهره، ولكنه يمتلك قوة الحجة والبديهة. وعندما سألوه كيف استطعت الإجابة بذكاء على تلك الألغاز الصعبة، أجاب جحا: “إذا واجهتم سؤالا لا يوجد له إجابة معقولة، فإن أي إجابة غير معقولة بالتأكيد سوف تفي بالغرض.