قصة بناء الكعبة ووضع الحجر الاسود
قامت قريش بإنشاء الكعبة ووضع الرسول صلى الله عليه وسلم الحجر الأسود فيها قبل بعثته بفترة قصيرة، حيث كانت الكعبة منخفضة وارتفاعها فوق الأرض، وحدثت حالات سرقة لكنز الكعبة من داخلها، فأرادت قريش تجديد هيكلها وتغطيتها بسقف، فاستخدموا أخشاب سفينة متحطمة لتغطية الكعبة، وتم هدمها للتجديد، ومن ثم بدأت قبائل قريش في جمع الحجارة لإعادة بنائها، واستمر البناء حتى وصل إلى مكان الركن، وحدثت خلافات بين القبائل حول موضع الركن، حيث كانت كل قبيلة ترغب في رفعه إلى مكانه دون الأخرى، وتجاوزوا وتخالفوا بعضهم البعض، وكانوا على وشك الدخول في حالة قتال.
موضع الحجر الأسود
استمرت قريش في هذا الأمر لمدة أربعة أو خمس ليال، ثم اجتمعوا وتشاوروا وتناصفوا، وقرروا أن أول شخص يدخل من باب المسجد سيحكم بينهم في هذا الأمر. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو أول من دخل عليهم المسجد، وعندما رأته أهل قريش قالوا: `هذا الأمين، نرضى بمحمد`. وأخبروه بالقرار، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: `هلم إلي ثوبا`، فأتوا به، وأخذ الركن ووضعه فيه بيده، ثم قال: `ليأخذ كل قبيلة ناحية من الثوب، ثم ارفعوه جميعا`. وفعلوا ذلك حتى وصلوا به إلى الموضع المحدد، ووضعه بيده، ثم بنوا فوقه المسجد.
ما هو الحجر الأسود
الحجر الأسود رمز للعبادة وهو جزء من الكعبة المشرفة. يمثل النقطة التي يبدأ منها الطواف وينتهي بها، وهذا يعني أنه له قيمة خاصة لدى المسلمين. اعتمد المسلمون هذا النسك بعد أن بدأ به الرسول صلى الله عليه وسلم. يشرع للمسلمين الذين يطوفون بالبيت بأن يقبلوا الحجر الأسود إذا تمكنوا من ذلك، ويمكنهم تكرار ذلك كلما مروا به في بداية كل شوط من أشواط الطواف. الحجر الأسود هو جزء من الأركان الأربعة للكعبة المشرفة ويحاذي في موقعه الركن اليماني، ويقع في الناحية الشرقية منه. يتكون من خمسة عشر حجرا مقسمة على أجزاء صغيرة جدا وكبيرة.
تظهر بعض الأحجار للعيان ثمانية أحجار فقط، وبقية الأحجار السبع قيل أنه تدخل في بناء الكعبة المشرفة، وهي مغطاة بمادة من المُكّون من العنبر الممزوج بالشمع والمِسك، وتقع الأحجار أعلى الحجر الأسود، ويمكن لأي من يقصد البيت بهدف الطواف سواء كان حاجًا أو مُعتمرًا رؤيتها عند تقبيل الحجر.
يبلغ ارتفاع الحجر الأسود عن سطح الأرض ما يقرب من المتر ونصف المتر، ويعتبر الحجر الأسود من أحجار الجنة وياقوتها، وكان لونه قبل أن ينزل إلى الأرض أبيض متلألئ، ولكن الله طمس نوره. وتم إثبات ذلك في حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه عبدالله بن عمرو بن العاص، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: “إن الحجر الأسود والمقام ياقوتتان من ياقوت الجنة، وطمس الله نورهما، ولولا ذلك لأضاءا ما بين المشرق والمغرب”. وهذا الحديث رواه أحمد شاكر في مسنده عن عبد الله بن عمرو.
أصل الحجر الأسود
يعود مصدر الحجر الأسود إلى الجنة، حيث كان جزءا من حجارتها، ثم نزل إلى الأرض عندما بدأ سيدنا إبراهيم عليه السلام ببناء الكعبة المشرفة. جاء جبريل من السماء ليضعه في موضعه المناسب في البيت، حسب مشيئة الله. عندما تم بناء القواعد ووصلوا إلى مكان الركن، قال إبراهيم لإسماعيل عليهما السلام: “يا بني، ابحث لي عن حجر جيد لأضعه هنا”. فقال إسماعيل: “يا أبت، أنا كسول ومتعب”. فقال إبراهيم:
وبناء على ذلك، طلب حجرا فجاءه بحجر ولم يكن يرضيه، فقال: `أتني بحجر أجمل من هذا`، فطلب آخر وجاءه جبريل بالحجر الأسود من الهند، وكان أبيضا، يشبه الثغرة، وكان الحجر الأسود قد هبط به آدم من الجنة وتحول إلى اللون الأسود بسبب خطايا الناس، وجاءه إسماعيل بحجر فوجده عند الركن، فقال يا أبت، من جاءك بهذا؟ فقال: `من هو أنشط منك`، فبنيا به.
أحداث عصفت بالحجر الأسود
تعرض الحجر الأسود إلى العديد من المحاولات الخبيثة التي هدفت إلى السرقة وإنتزاع الحجر من الكعبة المشرفة، ونقله إلى أماكن أخرى، وذلك طمعًا بمعدنه النفيس وتشكيلته الفريدة ومواصفاته التي لا مثيل لها على وجه الأرض، ولكن قدرة الله سبحانه وتعالى حالت دون كافة المحاولات، ومن بين تلك المحاولات :
نهب الحجر الأسود، كان ذلك قبل عمرو بن الحارث بن مضاض الجرهمي، عندما تم إخراج قبيلة جرهم من مكة عمد عمرو بن الحارث الجرهمي إلى الكعبة وانتزع الحجر الأسود من مكانه، ثم دفنه في المنطقة التي فيها بئر زمزم، وشاءت حكمة الله دون ذلك، حيث شاهدته إمرأة من قوم خزاعة ورأت ما صنع عمرو بن الحارث، وأبلغت الناس بذلك، وأرشدتهم إلى المكان الذي دفن فيه، وتم إعادته إلى موضعه في الكعب.
حكم تقبيل الحجر الأسود
يسمح للحجاج والمعتمرين بأخذ الحجر الأسود وتقبيله أثناء الطواف حول الكعبة. ومع ذلك، يجب على المسلم أن يكون متأكدا ويعتقد بقوة أن الحجر الأسود هو مجرد حجر لا يضر ولا ينفع. وقد أصبح تقبيله معتادا بناء على فعل النبي صلى الله عليه وسلم وتوجيهاته. وأوضح عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال خلال أداء العمرة: “أعلم أنك حجر لا يضر ولا ينفع، ولولا أني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقبلك، ما قبلت.