فوائد حسن الظن بالله وثمارها
معنى حسن الظن بالله
المعنى الحسن في اللغة العربية هو النقيض للقبح، ومعنى حسن الشيء هو زينته، والحسنة هي عكس السيئة، أما الظن فهو يعني مزجا من الشك واليقين، أي أنه يقين بعد تفكر.
تعني كلمة الظن بشكل عام الاعتقاد القوي بوقوع شيء ما، مع وجود احتمال لحدوث العكس، ويستخدم هذا المصطلح في حالات اليقين والشك، وعبارة “حسن الظن” تعني الاعتقاد بترجيح حدوث الخير على الشر.
فوائد حسن الظن بالله
حسن الظن بالله هو صفة تجلب الراحة والسلامة للقلب والعقل، حيث يتوقف الإنسان عن الانشغال بالأفكار السلبية التي تسبب القلق والتعب النفسي والجسدي. وتتضمن فوائد حسن الظن العديدة ما يلي:
- يعد الظن الحسن من علامات اكتمال إيمان المسلم، وهو من العبادات الحسنة. يظن المؤمن دائما بأخيه المؤمن الخير، وقد قال الله تعالى في سورة النور: (لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هذا إفك مبين)
- يساعد حسن الظن على إغلاق باب الفتن على الشيطان، حيث يوسوس الشيطان للإنسان بسوء الظن بأخيه المسلم، ويحكم عليه بما ليس حقا، ويذكره بالغيبة والنميمة، أو يتقصير في حقوقه، ويوسوس للإنسان بأنه أفضل من غيره في التقوى والصلاح، فيهلك الإنسان بسوء ظنه وتكبره، وقد قال الله تعالى في سورة الحجرات “يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم.
- يزيد حسن الظن بين المسلمين من المحبة بينهم، ويحميهم من مخاطر الغيبة والتفكك والكراهية التي يمكن أن تنشأ عندما يساء الظن بين الناس
- إحسان الظن هو عامل رادع قوي يمنع الناس من إثارة الشائعات والتحدث عن أعراض الآخرين ونشر الفاحشة والرذيلة، وبذلك يحمي المجتمع من الضرر البالغ الناتج عن الاعتداء على أعراض الآخرين والتحدث عنها بدون حق
- الاحتمال الجيد يدل على نزاهة الروح وصدق الإيمان وصحة القلب.
ثمار حسن الظن بالله
من ثمار الظن الحسن بالله تحقيق ما يريده الإنسان، فإذا اعتقد الإنسان أن الله سيكرمه، فسوف يمنحه الله من خيراته وكراماته، وإذا اعتقد الإنسان عكس ذلك، فسيتحقق ذلك أيضا، لأن الله يعامل العباد بما يظنون به، ويفعل ما يتوقعون
ثبت عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي» وهذا متفق عليه. وفي المسند عن النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله عز وجل قال: أنا عند ظن عبدي بي، فإن ظن بي خيرًا فله، وإن ظن شرًا فله».
ومن أفضل ما قيل عن حسن الظن بالله هو قول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: `والذي لا إله غيره ما أعطي عبد مؤمن شيئا خيرا من حسن الظن بالله عز وجل، والذي لا إله غيره لا يحسن عبد بالله عز وجل الظن إلا أعطاه الله عز وجل ظنه؛ ذلك بأن الخير في يده`، ورواه ابن أبي الدنيا في حسن الظن.
يعد حسن الظن من أهم الوسائل لتحقيق الرضا والتسليم بأمر الله، فإذا أصاب الله المؤمن بمرض، فإنه يدرك أن هذا المرض هو ابتلاء لرفع الدرجات أو وسيلة لتطهير الذنوب.
عندما يحسن الإنسان الظن بالآخرين ويصبر على مصائب الدنيا، فإنه يزداد حبًا لله تعالى ويتجنب السخط، وحسن الظن يعتبر معينًا لللإنسان ليستطيع الصبر والرضا عند مواجهة المصائب في الحياة.
مواطن حسن الظن بالله
- في وقت الازمات والشدائد
يجب على الإنسان أن يحسن الظن بالله تعالى في وقت الأزمات والشدائد وضيق العيش
في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم `من نزلت به فاقة فأنزلها بالله يوشك الله له برزق عاجل أو آجل`، ويحتوي القرآن الكريم على أدلة تشهد بحسن ظن الأنبياء بالله تعالى. وأحد أفضل الأمثلة على ذلك هو سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، حيث كان في الغار مع أبو بكر وجاء أعداءهما. فقال محمد لأبي بكر: `لا تحزن، إن الله معنا`، كما قال موسى لقومه: `إنا لمدركون`، فأوحى الله إليه أن يضرب البحر بعصاه، فانفلق البحر وصار كل فرق كالطود العظيم، ونصره الله على أعدائه.
لذلك ينبغي توقع الخير مهما تكاثرت المصاعب، لأن الله سبحانه وتعالى هو الوحيد الذي يعلم الأمور الغيبية وقد يكون النجاة أقرب مما تتصور.
- عند الدعاء
كلما ازداد اقتراب المؤمن من ربه، كلما تيسرت عليه المصائب، وأصبحت الطريقة التي يسلكها أسهل بالنسبة له، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: `لن يهلك أحد مع الدعاء` وذكره الحاكم في المستدرك، وفي حديث آخر: `ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة` ورواه الترمذي.
- عند التوبة
يجب على المسلم أن يحسن الظن برحمة الله، وأن يتذكر أنه الرحيم الذي يغفر الذنوب ويتجاوز عن السيئات مهما كانت كبرى، حيث إن أسوأ حالة للإنسان هي أن يظن بأن الله لن يغفر له ذنوبه، ويعتبر هذا الظن سيئًا بالله الغفار الرحيم لعباده.
- عند الموت
عندما يكون المؤمن على فراش الموت، يجب أن يكون واثقًا من أن الله سوف يكرمه في الآخرة كما كرمه في الدنيا، وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم: [لا يموت أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله عز وجل] رواه مسلم.
من المهم معرفة الفرق بين حسن الظن بالله والغرور الذي يمنع صاحبه من فعل الحسنات، فالشخص الذي يحسن الظن بالله يعمل بجد ويحرص على فعل الخير، بينما يشعر الغرور بأن الله سيغفر له مهما ارتكب من أخطاء وأساء لحقوق الناس، ولذلك يتوقف عن فعل الحسنات.
آيات قرآنية عن حسن الظن
- يجب على المؤمن ان يحسن الظن باخيه المؤمن، وإذا سمع إشاعة او قول، لا يصدقه حتى يتأكد منه، كي يبني وجهة نظره على اليقين وليس الشك، وكي لا يقع في الإفك والبهتان، قال تعالى: (لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ) سورة النور
- إذا سمع المؤمن أمرا عن أخيه، يجب أن يظن بخيره ويثق في برائته، حتى يتأكد بشكل قاطع من عدم حدوث العكس، ولا يسرع في اتهام أي شخص، خاصة إذا كان معروفا بطهارته وصدقه. قال تعالى (إن بعض الظن إثم)، أي أن الله نهى المؤمن عن الظن بشر أخيه وعدم الظن بخيره، وإذا فعل المؤمن ما نهاه الله عنه، فإنه يعتبر ذنبا يجب علينا تجنب القيام به.
- وقال جلَّ ثناؤه: يحذر الدين من الاستناد إلى الظن السيئ، ولكن لا يعني ذلك أن الظن كله سيئ، فهناك ظن جيد وهو ظن الخير، وجاء تأكيد ذلك في قوله تعالى: “لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ”، وهذا يعني أن الظن الجيد هو ظن الخير.