فضل و شروط تحقيق التوحيد
توحيد الله سبحانه وتعالى هو أعظم وأهم عمل، وهو السبب الذي جعل الله سبحانه يخلق الإنس والجن لتحقيق التوحيد. قال الله تعالى: “وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون” [الذاريات: 56]. وقد قال الإمام القرطبي رحمه الله في تفسير هذه الآية: “إن هذا ينطبق على أولئك الذين سبق لله تعالى أنهم يعبدونه. ولذلك جاء اللفظ العام والمعنى الخاص، والمعنى هو: وما خلقت أهل السعادة من الجن والإنس إلا ليوحدون .
ما هو فضل التوحيد
التوحيد له فضل كبير وعظيم، وآثار جيملة منها :
1- يجلب خير الدنيا والآخرة .
التوحيد هو السبب في تخفيف محن الدنيا والآخرة، ودفع العقوبات واستحضار النعم والخيرات.
يجلب التوحيد الأمن التام في الدنيا والآخرة، وذلك كما قال الله عز وجل في الآية 82 من سورة الأنعام: `الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ` .
يغفر للمؤمن بسبب العسل ذنوبه ويكفر عنه السيئات، وهذا كما جاء في الحديث القدسي عن أنس رضي الله عنه: (يا ابن آدم، لو أتيتني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا، لأتيتك بقرابها مغفرة) .
6- سبب في دخول الجنة، فعن عبادة رضي الله عنه قال : ” قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ” من شهد أن الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، وأن الجنة حق، وأن النار حق، أدخله الله الجنة على ما كان من العمل “، وفي حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال : ” من مات لا يشرك بالله شيئًا دخل الجنة ” .
التوحيد هو حاجز يمنع دخول النار إذا كان متمماً بالكامل في القلب، ويأتي في حديث عتبان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: `إن الله حرم على النار من قال: لا إله إلا الله يبتغي بها وجه الله` .
يمنع التوحيد من الاعتقاد بفكرة الخلود في النار إذا كان في القلب أدنى قدرًا من الإيمان حتى لو كان مثل حبة خردل .
التوحيد هو سبب لنيل رضا الله وشفاعة محمد صلى الله عليه وسلم: `من قال لا إله إلا الله خالصا من قلبه أو نفسه` .
يُخفف التوحيد الآلام ويُريح القلب والنفس، وهو من أعظم الأسباب التي تُشعر الإنسان بالراحة والانشراح.
إن الله يكفل لأهل التوحيد بالفتح والنصر في الدنيا .
– يدافع الله عز وجل عن الموحدين ويحميهم من شرور الدنيا والآخرة، ويرزقهم حياة طيبة وهادئة .
قال العلامة السعدي رحمه الله : وهناك شواهد كثيرة ومعروفة من الكتاب والسنة على هذه الجملة، والله أعلم .
وقال ابن تيمية رحمه الله : لا يوجد سرور ولذة تامة للقلوب إلا في حب الله تعالى والتقرب إليه بما يحبه. لا يمكن أن يكتمل حب الله إلا بالابتعاد عن كل محبوب سواه. هذه حقيقة لا يوجد إله إلا الله .
شروط التوحيد
يقول الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله : لا إله إلا الله” هي أفضل الكلام، وهي أصل الدين وأساس الملة، وهي التي بدأ بها الرسل عليهم الصلاة والسلام أقوامهم، وقد قال الله تعالى: “وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون” [الأنبياء: 25]، وكل رسول يأمر قومه بالقول: “اعبدوا الله ما لكم من إله غيره” [الأعراف: 59]، ولذلك فهي أساس الدين والملة، ويجب على من يقولها أن يفهم معناها، وتعني هذه العبارة: “لا يوجد إله حقيقي سوى الله سبحانه، ولها شروط، وهي:
العلم بمعناها، واليقين وعدمُ الشك بصحتها، والإخلاصُ لله تعالى في ذلك وحده، والصدقُ بقلبه ولسانه، والمحبةُ لما دلَّت عليه من الإخلاص لله تعالى، وقَبولُ ذلك، والانقياد له وتوحيده، ونبذُ الشرك به، مع البراءة من عبادة غيره واعتقاد بطلانها، وكلُّ هذا من شرائط قول لا إله إلا الله وصحة معناها، يقولها المؤمنُ والمؤمنة مع البراءة من عبادة غير الله تعالى، ومع الانقياد للحقِّ وقبوله، والمحبة لله تعالى وتوحيده، والإخلاص له سبحانه، وعدم الشك في معناها؛ فإن بعض الناس يقولها وليس مؤمنًا بها كالمنافقين الذين يقولونها وعندهم شكٌّ أو تكذيب، فلا بد من علمٍ ويقين، وصدقٍ وإخلاص، ومحبةٍ وانقياد، وقبول وبراءة، وصلى الله وسلَّم على نبينا محمد وآله وصحبه” .
وكما أن العبادة الخالصة التي يقبلها الله سبحانه تعالى هي التي تستند إلى توحيد الله عز وجل وتجنب الشرك وأسبابه، قال الله تعالى : “يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين قبلكم لعلكم تتقون” [البقرة: 21]، وقال الله تعالى : “واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وأحسنوا إلى الوالدين وذوي القربى والأيتام والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم إن الله لا يحب من كان متكبرا فخورا” [النساء: 36] .
وقال الله تعالى: وضح الله سبحانه وتعالى في هذه الآيات الكريمة فضل التوحيد، وأشار إلى أكبر جريمة وهي الشرك بالله سبحانه وتعالى. ودعا الله سبحانه وتعالى في هذه الآيات إلى الإحسان للوالدين، وحظر قتل الأطفال بسبب الفقر، وحث على تجنب الفواحش سواء ظهرت أو بطنت، وحظر قتل النفس إلا بالحق، وهذا هو ما وصانا به الله سبحانه وتعالى عسى أن نتعظ ونتفكر .