شروط الاضحية من الغنم عند جميع المذاهب
ما هي الأضحية
الأضحية هي اسم لما يضحى به في أيام العيد، وهي اسم اصطلاحي لما يذكى من النعم تقربا إلى الله تعالى في أيام النحر. شرعت الأضحية في السنة الثانية من الهجرة النبوية، وهي السنة التي شرعت فيها صلاة العيدين وزكاة المال. والأضحية مشروعة بالكتاب والسنة القولية والفعلية، وانعقد الإجماع على ذلك. فقد قال الله تعالى: “فصل لربك وانحر” [الكوثر: 2]. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي ثم ينحر.
وفيما يتعلق بسنة النبوة الفعلية، فقد تأكد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضحي بنفسه، وكان يقوم بذبح أضحيته بيده. فقد روى أنس بن مالك رضي الله عنه قائلا: `قد ضحى النبي صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين أقرنين، وذبحهما بنفسه، ونادى بالتسمية وأكبر، ووضع رجله على جانبيهما`. هذا الحديث متفق عليه.
وفيما يتعلق بالسيدة عائشة، رضي الله عنها، قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إنما أمر بكبش مشهور بقرونه، ليطأ في الظلام ويبرك في الظلام وينظر في الظلام. فتم إحضار الكبش ليضحى به، وقال لعائشة: `اهرميها بحجر`. ففعلت ذلك، ثم أخذ الكبش وأضجعه، ثم ذبحه. ثم قال: `باسم الله، اللهم قبل من محمد وآل محمد وأمة محمد`. ثم تم ذبحه. هذا ما رواه مسل.
يوافق المسلمون جميعا على شرعية الأضحية ويحددون توزيعها وفقا لقول الرسول (ص): `من وجد سعة ولم يضح فلا يقربنا المصلاة`، وإن الدم يقع من الله قبل أن يقع من الأرض، لذا يجب أن يكون هذا الفعل مرضيا للنفس.
لماذا شرعت الأضحية
شرعت الأضحية لحِكَمٍ كثيرة منها:
- أولًا: نشكر الله سبحانه وتعالى على نعمه الكثيرة، ويعد الأضحية وسيلة للتعبير عن الشكر لله سبحانه وتعالى، وذلك بذبح الأضحية وإراقة دمها وفقا لأمر الله سبحانه وتعالى، حيث يقول: “فصل لربك وانحر” (سورة الكوثر: 2).
- ثانيًا: يتم إحياء سنة سيدنا إبراهيم الخليل عندما أمره الله عز وجل بذبح الفدية عن ولده إسماعيل عليهما الصلاة والسلام في يوم النحر، ويجب على المؤمن أن يتذكر أن صبرهما وإيثارهما طاعة لله ومحبة له، وأنهما كانا السبب في الفداء ورفع البلاء، ويجب أن يقتدي بهما في الصبر والطاعة.
- ثالثًا: ذبح الأضحية وسيلة للتوسعة على النفس وأهل البيت وإكرام الجيران والأقارب والأصدقاء والتصدق على الفقراء، وقد مرت السنة منذ زمن النبي صلى الله عليه وسلم في التوسعة على الأهل وإكرام الجيران والتصدق على الفقراء في يوم الأضحى.
حكم الأضحية
اتفق جمهور الفقهاء على أن الأضحية هي سنة مؤكدة في حق الموسر، استنادا إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: `عندما تدخل العشرة الأواخر من ذي الحجة، ويرغب أحدكم في أن يضحي، فلا يقص شعره ولا يقلم أظافره.` هذا الحديث مروي بسند صحيح من مسلم. ويستدل من هذا الحديث على أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: `ويرغب أحدكم`، مما يعني أنها ترك لاختياره. ولو كانت الأضحية واجبة، لكان قد قال: `فلا يقص شعره ولا يقلم أظافره بأي حال من الأحوال`.
شروط الاضحية من الغنم عند جميع المذاهب
هناك شروط تتعلق بالأضحية تشملها وتشمل جميع الذبائح، وتوجد شروط خاصة بها وهي ثلاثة أنواع: نوع يرتبط بالأضحية، ونوع يرتبط بالمضحي، ونوع يرتبط بوقت التضحية.
اتفق الأئمة الأربعة علي شروط الأضحية:
الشرط الأول: الاتفاق بين المذاهب هو أن الحيوان يجب أن يكون من بهيمة الأنعام، والتي تشمل الإبل والبقر والغنم، بما في ذلك الأغنام والماعز. يجوز ذبح الذكور والإناث من هذه الحيوانات. ومن المهم ملاحظة أن الشاة تعد واحدة، في حين يمكن ذبح سبعة بقرات وبدنات، كما ورد في حديث جابر رضي الله عنه: “ذبحنا في يوم الحديبية البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة”. وهذا الحديث ثبت في صحيح مسلم.
الشرط الثاني: يتم ذبح الأضاحي بعد بلوغها سن الثنية أو أكثر من الإبل والبقر والمعز، وسن الجذعة أو أكثر من الضأن، وذلك بناء على حديث النبي صلى الله عليه وسلم: `لا تذبحوا إلا مسنة، إلا أن يعسر عليكم، فتذبحوا جذعة من الضأن`، ورواه مسلم في صحيحه.
فتجزئ من الضأن الجذعة: ويعد الجذع من ضأن ما بلغ ستة أشهر، والماعز الثني هو الذي بلغ سنة قمرية ودخل في السنة الثانية بعد مرور شهر واحد على بلوغه، والبقر الثني هو الذي بلغ سنتين قمريتين، والجاموس هو نوع من البقر، والإبل – أو الجمال – الثني هو الذي بلغ خمس سنوات.
فإذا تخلف شرط السن في الذبيحة؛ فيجوز ذبح الصغيرة التي لم تبلغ السن إن كانت سمينة بحيث لو خلطت بالثنايا لاشتبهت على الناظرين من بعيد؛ حيث إن وفرة اللحم في الذبيحة هي المقصد الشرعي من تحديد هذه السن.
الشرط الثالث: تخليصها من العيوب المشينة، وتلك العيوب التي تؤدي إلى النقص في الدهون أو اللحم، باستثناء ما هو مستثنى منها، ومن ذلك:
- العمياء.
- العوراء البيّن عورها: وهي التي فقدت بصر إحدى عينيها، واستنتج الحنابلة أنها فقدت عينها وذهبت؛ لأنها عضو ضروري، فإذا لم تذهب العين، فإنها تعيق قدرة الرؤية لديهم حتى لو كانت العين بيضاء.
- مقطوعة اللسان بالكلية.
- ما ذهب من لسانها مقدار كثير، وقال الشافعية: يضر قطع بعض اللسان ولو قليلًا.
- الجدعاء: وهي مقطوعة الأنف.
- مقطوعة الأذنين أو إحداهما: والسكاء هي حالة فقدان الأذنين أو إحداهما منذ الولادة، وتختلف عن رأي الحنابلة فيها.
- ما ذهب بعض الأذن مطلقًا، والأصل في ذلك حديث: نقلاً عن أبو داود، يروي أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن استخدام بعضباء الأذن في الأضاحي.
- العرجاء البيّن عرجها: وهي الشخصية التي لا تستطيع المشي على قدميها إلى المنسك (أي المذبح)، وفسرها المالكية والشافعية بالشخص الذي لا يسير بسير صاحبه.
- الجذماء: تعني بأن الشخص يفتقد إحدى يديه أو رجليه، أو أنه يولد بتشوهات خلقية في إحدى الأطراف.
- الجذاء: تقطع بعض ضروع الإبل ويؤلمها، حتى لو كان القطع قليلاً، وقال الشافعية: يؤذي قطع ضرعٍ ولو كان قليلاً.
- القطعة الآلية، وفقدانها لخلقة، وتعارض الشافعية فقالوا أن القطعة الآلية تفتقد لخلقة بالعكس من قطعتها.
- ما ذهب من أليتها مقدار كثير، وقال الشافعية: يضر ذهاب بعض الألية ولو قليلًا.
- البتراء: وهي مقطوعة الذنب، وكذا فاقدته خلقة.
- ما ذهب من ذنبها مقدار كثير، وقال المالكية: لا يجوز تقسيم الذهاب الثلث الأول إلى أقسام أصغر، وقد يسبب قطع جزء منه ضررًا حتى لو كان قليلاً.
- المريضة البيّن مرضها: وهي التي يظهر مرضها لمن يراها.
- العجفاء التي لا تنقي: تشير هذه العبارة إلى المرأة المهزولة التي ذهب نضارتها، والمخ الموجود داخل العظام، والذي لا يمكن تجزئته، لأن تكامل الخلقة أمر واضح، وإذا ظهر العكس فإن ذلك يعد تقصيرًا.
- مصرمة الأطباء: وهي التي عولجت حتى انقطع لبنها.
- الجلالة: تحرص الشريعة الإسلامية على عدم تناول الحيوانات التي تأكل العذرة وتحث على تبرئتها بحبسها لمدة 40 يومًا إذا كانت من الإبل، أو 20 يومًا إذا كانت من البقر، أو 10 أيام إذا كانت من الغنم.
يذكر الشافعية أن الهيماء لا تجوز؛ وهو الإصابة بالهيام والذي يعني العطش الشديد الذي لا يمكن ترويته بالماء، فيتيهم الشخص ولا يستطيع الرعاية، وبالتالي فإن الحامل لا يجوز، وباستثناء هذه العيوب، فليس لها تأثير على صحة الأضحية. والأصل الذي يدل على اشتراط السلامة من هذه العيوب هو ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: “أربعة لا يجوز في الأضاحي – وقال – العوراء بين عورتها، والمريضة بين مرضها، والعرجاء بين ظلعها، والكسير التي لا تنقى” وهذا ما ذكره أبو داوود. وروى سيدنا علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا بتفحص العين والأذن، أي التأكد من سلامتهما من الآفات. وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه نهى عن أضحية بعضباء الأذن، وهذا ما ذكره أبو داوود.
إذا حدث عيب في الأضحية بعد التزام الشخص بذبحها بناء على نذر أو تعهد، ولا يمكن ذبحها بسبب تلك العيوب قبل الوقت المحدد للذبح، أو بعده، ولم يقم الشخص بأي تفريط أو اعتداء، فإنه ليس مطالبا بتعويضها، بسبب فقدانه لملكيتها منذ الالتزام، ولكنه ملزم بذبحها في الوقت المحدد والتصدق بها كأنها أضحية، حتى لو لم تكن كذلك. وإذا حدث العيب بسبب اعتداء الشخص عليها أو تفريطه فيها أو تأخره عن الذبح في الوقت المحدد دون عذر، فإنه ملزم بذبحها في الوقت المحدد والتصدق بها، ويجب عليه أيضا أن يضحي بأخرى لتبرئة ذمته.
ولو اشترى شاة وأوجبها بالنذر أو الجَعل، ثم وجد بها عيبًا قديمًا: فليس له أن يردها على البائع؛ لأنه زال ملكه عنها بمجرد الإيجاب، فيتعين أن يبقيها، وله أن يأخذ أرش النقص من البائع، ولا يجب عليه التصدق به؛ لأنه ملكه، وعليه أن يذبحها في الوقت، ويتصدق بها كلها لشبهها بالأضحية، وإن لم تكن أضحية، ويسقط عنه الوجوب بهذا الذبح، ويسن له أن يردفها بسليمة، لتحصل له سنة التضحية.
ولو زال عيبها قبل الذبح: لم تَصِر أضحية؛ إذ السلامة لم توجد إلا بعد زوال ملكه عنها.- ولو قدم المضحي أضحية ليذبحها، فاضطربت في المكان الذي يذبحها فيه، فانكسرت رجلها، أو انقلبت فأصابتها الشفرة في عينها فاعورت: أجزأته؛ لأن هذا مما لا يمكن الاحتراز عنه؛ لأن الشاة تضطرب عادة، فتلحقها العيوب من اضطرابها.
الشرط الرابع: إذا كانت الحيوانات مملوكة للذابح أو أذن له بذبحها صراحة أو ضمنا ، فإن التضحية بها يعتبر صحيحا. وإذا لم يكن الذابح مالكا للحيوان أو مفوضا بذبحها ، فلا يجوز التضحية بها ، لأنه لا يملكها ولا يمثل مالكها ، لأنه لم يحصل على إذن بذبحها بدلا منه ، والأصل فيما يفعله الإنسان هو أن يقوم بالعمل نيابة عنه ولا يفعله شخص آخر إلا بإذنه.
أفضل وقت لذبح الأضحية
أفضل وقت لذبح الأضحية هو في اليوم الأول، وهو يوم العيد بعد أداء الصلاة، لأن في ذلك يكون التسابق نحو الخير، وقد قال الله تعالى: `وسارعوا إلىٰ مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين` [آل عمران: 133]، والمراد هنا التسرع في فعل الخيرات، التي تعد سببا للمغفرة والجنة.