شرح حديث العلم علمان
معنى حديث العلم علمان
– تم ذكره في كلام صاحب القوة أن الحسن البصري روى حديثا نبويا شريفا عن رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم أنه قال: “العلم علمان، فعلم في القلب فذاك العلم النافع، وعلم على اللسان فذلك حجة الله عز وجل على ابن آدم“، وتفسير الحديث الشريف هو أن العلم يتكون من علمين هما:
- العلم النافع هو العلم الذي يتم حفظه في القلب.
- والعلم الذي يكون ظاهرا وعلى اللسان هو حجة الله على خلقه.
عندما نقول عن الحسن أي البصري أنه قال رسولنا الكريم أن العلم والمقصود بالعلم هو المعرفة أو يمكن أن يتجلى معناه بالعلم الشرعي ، بأنه ينقسم إلى نوعين ، وقد ذكرت الفاء في كلمة `فعلم` وهي الفاء التفصيلية أي فنونه في القلب بأنه يكون موجودا في القلب ولا يعرفه أحد إلا الله عز وجل ، وهذا العلم المتواجد في القلب هو العلم النافع ويشير إلى أنه يتمتع بالكمال والرفعة ولا يحصل عليه أحد ، وهناك نسخ صحيحة تذكر في الحديث الشريف `فذلك` بدلا من `فذاك` ، وتم ذكر اللام لأنه من الممكن أن يكون الأولى إشارة إلى أنه ينبغي على الشخص أن يقترب من العلم النافع ، أما الجزء الثاني فقد ذكر فيه بدون خلاف إشارة إلى أنه يجب على الشخص أن يبتعد عنه ، وظهور الفاء السببية في الحديث الشريف هو بسبب استقرار هذا العلم في القلب الذي هو مقام المحبة لله عز وجل وهو العلم النافع الذي يكون في الدارين.
والمقصود بعلم اللسان هو وجود نوع آخر من العلم يتجلى في اللسان ويظهر عليه، وهذا العلم يشكل خطرا بسبب ارتباطه بسمعة الشخص والتظاهر والمداهنة للحكام. وكلمة `فذلك` تعني بسبب ذلك، وهي حجة من الله عز وجل على ابن آدم، وذلك بناء على قوله تعالى: `لم تقولوا ما لا تفعلون`. ومعنى الحديث يتجلى في العلم الأول الذي يكون في الجانب الخفي، أما العلم الثاني فهو العلم الظاهر. وتحقيق أحدهما يتطلب تحقيق الآخر، فلا يمكن تحقيق العلم الأول إلا بإصلاح العلم الظاهر، وكذلك لا يمكن تحقيق العلم الظاهر إلا بتحقيق العلم الخفي. ولهذا قال العلماء في ذلك:
- فقال الإمام مالك: يقول المثل الشهير: `من تفقه ولم يتصوف فقد تفسق، ومن تصوف ولم يتفقه فقد تزندق، ومن جمع بينهما فقد تحقق`.
- وقال أبو طالب المكي: هما شخصان علمانيان أساسيان لا يمكن لأحدهما الاستغناء عن الآخر بنفس درجة الإسلام والإيمان، وكلاهما مرتبط بالآخر، مثل الجسم والقلب الذين لا يفصل أحدهما عن صاحبه.
صحة حديث العلم علمان
روى الدرامي هذا الحديث الشريف عن الحسن البصري، وهو مأخوذ من كتاب `مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، كتاب العلم`. ورواه الديلمي في مسند الفردوس عن طريق أبي نعيم في رواية قتادة بن أنس. يوجد هنا ما يشير إلى صحة هذا الحديث الشريف
- في حديث جابر قال: سجله المنذري في الترغيب والترهيب (1/ 103) واللفظ له، وقال: نقله الخطيب في تاريخه بسند حسن، ورواه ابن عبد البر النمري في كتاب العلم عن الحسن مرسلا بسند صحيح، واطلع عليه في الجزء (1/ 190/ 191)، وقد صححه السيوطي في الجامع الصغير رقم (5717). وقال المناوي: قال المنذري: إسناده صحيح، وقال العراقي: جيد، وغير صحيح ابن الجوزي له وهم، وقال السمهودي: إسناده حسن، ورواه أبو نعيم والديلمي عن أنس- رضي الله عنه- مرفوعا، فيض القدي.
- وفي كتاب العلل المتناهية في الأحاديث الواهية لابن الجوزي : باب العلم علمان: أَخبرنا عَبد الرَّحمَن بن مُحَمد القَزازُ، قال: أَخبرنا أَحمد بن عَلِي بنِ ثابتٍ، قال: أَخبرنا مُحَمد بن عُمر بنِ بُكَيرٍ النَّجارُ، قال: حَدَّثنا مُحَمد بن إِسماعِيل بنِ العَباسِ، قال: حَدَّثنا أَبُو عَمرٍو أَحمد بن الفَضلِ بنِ سَهلٍ القاضِي، قال: حَدَّثنا عَبد الله بن سَعِيدٍ أَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ، قال: حَدَّثنا يَحيَى بن يَمانٍ، عَن هِشامٍ، عَن الحَسَنِ، عَن جابِرٍ، قال: قال رَسول الله صلى الله عليه وسلم: «العِلمُ عِلمانِ: فَعِلمٌ فِي القَلبِ فَذاكَ العِلمُ النافِعُ، وعِلمٌ اللِّسانِ فَتِلكَ حُجَّةُ الله عَلَى ابنِ آدَمَ».
- وقال الحافظ العراقي : رواه الترمذي وابن عبد البر عن الحسن مرسلا بسند صحيح، ورواه الخطيب في التاريخ عن جابر بسند جيد، وأعلى ابن الجوزي سنده.
- وقال الألباني إنه حديث منكر مرفوع.
- وبإسناد ضعيف، رواه الخطيب في التاريخ من طريق الحسن عن جابر بإسناد حسن، كما قال الحافظان زكي الدين المنذري، وزين الدين العراقي، وأعلَّه ابن الجوزي فلم يصب، ورواه ابن أبي شيبة في المصنف، والحكيم الترمذي في نوادر الأصول، وابن عبد البر في العلم من طريق هشام عن الحسن مرسلًا بإسناد صحيح، ورواه البيهقي عن الفضيل بن عياض من قوله.
صحة حديث العلم علمان: علم الأديان وعلم الأبدان
إن معلومات حديث العلم علمان: ملا علي قاري نقل علم الأديان وعلم الأبدان في كتابه `الأسرار المرفوعة` وأعلن أنه حديث موضوع. قيل في مناقب الشافعي للبيهقي، بنقله عن الربيع بن سلمان، أنه سمع الشافعي يقول: `العلم علمان، علم فقه الأديان وعلم طب الأبدان`. فالإمام محمد بن إدريس الشافعي مشهور بإمامته في علوم الدين، وشارك في مجالات أخرى مثل علم الطب والصحة. عبر أيضا عن الوعي الصحي ودخل في مجال الطب بالطرق التالية
- تجلى المظهر الأول بتقديره لعلوم الطب حيث أنه قال :يعتبر العلم علمانيًا، إذ يحتاج الإنسان إلى الفقه لتصحيح عبادته، وإلى الطب لتصحيح جسده والحفاظ على صحته.
- – يتجلى الجانب الثاني من شروط البلد الصالح بوجود شروط محددة تطبق على البلد المراد تحقيقها
- يشمل على وصف للشرط الذي يجب توفره حتى يكون الحاكم في هذا البلد عادلاً.
- وماء جارياً.
- إذا لم تجد شروطًا معينة بما في ذلك وجود صديق طبيب، فلا تتوقف في هذه المدينة.
- يتجلى المظهر الثالث في تعاطفه مع التقصير في مجال الطب.
- وقد حذر من التهاون في أمر المرض، يقول: هناك أربعة أشياء قليلها يكثرها: العلة والفقر والعداوة والنار.
- تم التحذير من عدم الكشف عن أي شيء للطبيب المعالج.
- وقد شدد على معرفة الدواء قبل أن يتم استعماله فقد قال: احذر أن تتناول أدوية غير معروفة لهؤلاء الأطباء.
- ظهر المظهر السابع ليكون عناية بصحته والالتزام بالحمية اللازمة وتجنبالسمنة.
- كان يتمتع بمعرفة شاملة بخصائص الأطعمة والمشروبات والأدوية.
العلم علمان: علم الدين وعلم الدنيا
فقد كان لعلم الطب مكانة عظيمة ومنزلة رفيعة وقد اهتم به الإمام الشافعي وقد قال: “إنما العلم علمان : علم الدين وعلم الدنيا . فالعلم الذي للدين هو الفقه والعلم الذي للدنيا هو الطب”، وفي رواية ثانية له أنه قال عن علم الطب: ” لا أعلم بعد الحلال والحرام أنبل من الطب ، إلاَّ أنّ أهل الكتاب قد غلبونا عليه”، وهناك رواية ثالثة وقد قال فيها: “ضيعوا ثلث العلم ووكلوا إلى اليهود والنصارى”، وهنا نجد أنه كان يشير إلى العلم الذي ضيعه المسلمون على أنفسهم في مجال الطب.