نبذة عن رواية حب في المنفى
رواية «الحب في المنفى» هي رواية عربية خيالية للكاتب المصري بهاء طاهر صدرت عام 1995 عن دار الهلال، وتقع الرواية في 254 صفحة، وعلى الرغم من أن هذه الرواية تعد خيالية إلا أن الكاتب بهاء طاهر جعل من أحداثها الخيالية إسقاطات على الواقع، وذلك كقصة تعذيب المدعز بيدرو أو مقتل شقيقه فريدي والذي مات في دينة تشيلي، وحسب ما قاله الكاتب بهاء طاهر فإن هذه الأحداث قد وقعت بالفعل كما ذكرها بناءًا على شهادات هؤلاء الأشخاص الحقيقية، وأيضًا حادث عين الحلوة وشهادة الممرضة النرويجية لما وقع في جنوب لبنان آنذاك.
يتألف رواية «الحب في المنفى» من 11 فصلًا، حيث يحمل كل فصل عنوانًا ذا دلالة على مضمونه، مثل الأسماء التالية: .
- مؤتمر كغيره
- ماضٍ بعيد
- ماضٍ ميت
- هشة كفراشة
- كم أنت جميل
- طبول لوركا لدم الشاعر
- كل أطفال العالم
- صعود الجبل
رواية `الحب في المنفى` للكاتب بهاء طاهر هي آخر أعماله الأدبية وتعد واحدة من العلامات المميزة في مسيرته الأدبية. تصنف هذه الرواية ضمن أفضل 100 رواية عربية، وتستند إلى أحداث حقيقية. وقد عاش الكاتب بهاء طاهر نفس الرغبة التي تناولها في روايته بعد فصله من وظيفته في الإذاعة المصرية في سبعينيات القرن الماضي، ومن ثم انتقل إلى مدينة جنيف في سويسرا. لذلك، تم بناء هذه الرواية على مشاعر الانتماء والغربة التي عاشها الكاتب، وتعتمد على مشاعر حقيقية نتيجة تجربته المؤلمة بعيدا عن أقربائه، حيث يحكي قصة متناقضة لشخص عاش الحب والخيانة والفراق والغدر. تم دمج كل هذه المشاعر مع أحداث تاريخية تمت كتابتها ببراعة
شخصيات رواية الحب في المنفى
تحوي رواية `الحب في المنفى` العديد من الشخصيات، ولكل منها حياة وتجربة مؤثرة لا يمكن تفضيل واحدة على الأخرى، إلا أن أحداثها تركز على ثلاثة شخصيات رئيسية وهم الراوي وإبراهيم المحلاوي وبريجيت شيفر، بالإضافة إلى بعض الشخصيات الأخرى المهمة في الرواية والتي تترك بصمات قوية في تطور الأحداث، ولكنها في نفس الوقت ليست محورا رئيسيا في هذه الرواية
الشخصيات الرئيسية في رواية «الحب في المنفى» :
- الراوي: الشخص الذي يقوم برواية الأحداث طوال القصة هو المجهول الاسم طوال الرواية، ولكن لديه حضور قوي متمثل في مشاعره التي تم نقلها من خلال كلماته في أحداث القصة، وهذا يجعل القارئ مندمجا معه في حياته ومشاعره وعائلته وأفكاره. إن الراوي شخص يحمل الكثير من الأعباء، حيث ولد في أسرة فقيرة من صعيد مصر، وكان محبا للرئيس المصري جمال عبد الناصر بسبب تحسن حياته المعيشية بعد ثورته، حيث توفرت له ولأبناء طبقته المأكل والملبس ومستوى معيشي جيد يمكنهم فيه التعلم والتقدم.
- إبراهيم المحلاوي: هو الشخص الرئيسي الثاني في الرواية، وهو صديق الراوي، وهو شخص ماركسي وهو أحد أبناء الإقطاعيين في عصر قبل ثورة يوليو. وكان من بين المعتقلين في الحركة الشيوعية في يناير 1959. ووالده كان من الإقطاعيين الظالمين للفلاحين، وكان أبا فاسدا يخون زوجته. وعلى الرغم من ذلك، فهو رجل يحافظ على الأصول الأرستقراطية ويقبل يد زوجته في الصباح ولكنه يخونها في المساء، ويناديها بـ `هانم`. وهذه التناقضات والأفعال المنفرة جعلت إبراهيم المحلاوي يكره والده، ووجد في الشيوعية ملجأ آمنا للتمرد على حكم الإقطاعيين وظلمهم، وهذا كان رغبته في الهروب من ماضيه المظلم الملوث بأفعال أبيه الشنيعة
- بريچيت شيفر: هي الفتاة الجميلة التي جاءت من النمسا مع شخص يدعى الدكتور (موللر) وقدمت كمتطوعة في مجال حقوق الإنسان في مصر. عملها الفعلي كان في مجال السياحة، ولذلك كانت تجيد التحدث بالعديد من اللغات. نشأت بريجيت في أسرة مفككة، حيث كانت أمها غير مخلصة لوالدها مما أدى إلى انفصاله عنهم. وكان والدها محاميا شيوعيا يهتم بقضايا الفقراء ويدافع عنهم في القضايا العمالية والنقابية. بريجيت كانت تحب والدها الذي رحل عنها، وتكره وتحمل ضغينة تجاه أمها
- منار: منار هي الزوجة غير المعروفة اسمها للراوي وهي أم خالد وهنادي. كانت منار تعمل مع زوجها في نفس الجريدة ، وهي فتاة ناصرية تؤيد حكم عبد الناصر مثل زوجها. لكن الأمور لم تستقر كثيرا ، وتطلق الزوجان ليعيش الأطفال مع أمهم. خالد حاصل على شهادة الهندسة وهنادي طالبة في المرحلة الإعدادية. على الرغم من انفصال العائلة ، فإن الأطفال كانوا يحبون أبويهم بشكل ثابت وجميل ، وكانت مشاعرهم واضحة للراوي خلال الرواية
- إيلين: إيلين هي صاحبة مقهى يرتاده كل من الراوي وصديقه الماركسي إبراهيم المحلاوي، والدكتور موللر والجميلة بريجيت شيفر، وقد تزوجت إيلين من شخص يدعى يوسف والذي يعمل كطباخفي المقهى الذي تمتلكه.
- يوسف: يعمل يوسف كطباخ في المقهى، وهو شاب مصري حاصل على شهادة في الإعلام. كان شخصا ثوريا تم تضييق الخناق عليه بسبب مشاركته في مظاهرات الطلاب ضد الرئيس الراحل أنور السادات في عام 1972 قبل حرب أكتوبر. كان يوسف أيضا مساعدا لأحد الأمراء العرب الذي جاء من منطقة الخليج. كان الأمير يرغب في إنشاء صحيفة عربية في أوروبا تدعم القومية التقدمية، وكان الراوي رئيس تحرير هذه الصحيفة بعد أن فصلوه من وظيفته في محطة الإذاعة والتلفزيون
تحليل رواية الحب في المنفى
تدور أحداث رواية `الحب في المنفى` حول ثلاثة شخصيات، تتمحور حول أحلامهم المحبطة، فكل شخص منهم يحمل حلما استمر في احتجازه لسنوات طويلة، فالراوي كان يطمح في مشروع قديم لكنه فشل، وإبراهيم الماركسي الناقم على ماضيه والذي كان يختلف مع صديقه في العديد من القضايا السياسية، مثل قضية الوحدة العربية والديمقراطية وحرب اليمن وثورة يوليو واحتلال لبنان والمذابح العربية والانتفاضة الفلسطينية، وتتمحور أحداث الرواية حول هذه القضايا
يعيش الراوي مرة أخرى في حالة حب بعد طلاقه من منار، وهو يفكر في برديچيت، التي وجدت حبها يتجسد في شخصية الراوي المجهولة بالنسبة للقارئ، إذ كانت تريد الحب الذي يشعر برائحة الوفاء والإخلاص، والهدف من ذلك هو التخلص من ماضي أسرتها المزعج وإعادة بناء ثقتها بالحب
اقتباسات من رواية الحب في المنفى
- في فسحة الغداء التي تأتي في منتصف يوم العمل الطويل، كنا نجتمع معا ونتحدث عن أنفسنا، ونشرب القهوة. وكان الصمت يقربنا أكثر من بعضنا البعض عندما ننظر إلى الجبل الطويل المتعرج الذي يقع على الضفة الأخرى من النهر كتمساح طويل الذيل. ولكن عندما بدأت أشتهي القهوة، أصبحت ثرثارا وأتحدث بشكل عشوائي ولا أستطيع السيطرة على كلماتي المتواترة والفارغة كالشرنقة التي تتدحرج بلا توقف
- أدركت أنه منذ فترة لم تعد تقرأ ماكبث أو غيرها، ولم تعد تقرأ سوى الكتب التي تثبت لك أنك على صواب وأن الآخرين على خطأ، ولكن احذر يا خالد! احذر، لأن جميع الشرور التي تعرفت عليها في الدنيا نشأت من هذا الكهف المظلم، تبدأ فكرة وتنتهي بشر: أنا على صواب ورأيي هو الأفضل، أنا الأفضل، إذا الآخرون على ضلال، أنا الأفضل لأنني شعب الله المختار والآخرون أغيار، الأفضل لأنني من أبناء الرب الذي غفرت خطاياهم والآخرون هراطقة، الأفضل لأنني شيعي والآخرون سنة، أو لأنني سني والآخرون شيعة، الأفضل لأنني أبيض والآخرون ملونون، أو لأنني تقدمي والآخرون رجعيون، وهكذا إلى ما لا نهاية
- : “انظر يا خالد إلى ما يدور في الدنيا الآن، شاهد تلك الحرب التي تستمر بين العراق وإيران وجميع الأطراف فيها يعتقدون أنهم على حق، ويتم توزيع مفاتيح الجنة دون حساب، ويتم نزيف الدماء دون حساب، شاهد تلك المجزرة في لبنان حيث يقوم شعب الله المختار بإبادة شعب غير مختار، وقائد الجيش يقول “العربي الجيد هو العربي الميت”. وكل هذا القتل يحدث لأن القاتل يعتبر دائما الأفضل والأرفع، وعجلة المجازر تدور طوال الوقت لاستئصال الآخرين والأعداء وأعداء الرب والعقيدة والجنس الأبيض والتقدم، والأعداء دائما وإلى ما لا نهاية. وعلى الرغم من عدم وجود حرب شريفة في العالم سوى تلك التي تدافع عن بيتك أو عن أهلك أو عن أرضك، إلا أن كل حرب أخرى هي قتل جبان