نبذة عن رواية أولاد حارتنا
رواية أولاد حارتنا هي أول رواية للكاتب المصري نجيب محفوظ بعد ثورة 23 يوليو، وكان سبب كتابتها هو رؤية نجيب محفوظ بأن الثورة انحرفت عن مسارها الأساسي. وجاءت رواية أولاد حارتنا بأسلوب جديد لنجيب محفوظ بعد انقطاع دام خمس سنوات، حيث استخدم أسلوبا رمزيا مختلفا عن أسلوبه السابق. وفي إحدى المناسبات، قال الكاتب نجيب محفوظ فيما يتعلق بذلك: إنها لم تتناول مشكلة اجتماعية واضحة كما اعتدت في أعمالي السابقة، بل تميل بشكل أكبر إلى النظرة الكونية الإنسانية العامة.
ومع ذلك، تحتوي رواية أولاد حارتنا على خلفية اجتماعية في أسلوبها، فهي ليست مجرد سرد لحياة الأنبياء، بل تستفيد من هذه القصص لتعزز القيم المجتمعية وتحقيق العدالة بين أفراد المجتمع الواحد
تحتوي الرواية على نقد ضمني لممارسات بعض الرموز السياسية الذين استغلوا الثورة، ولذلك جاءت هذه القصص والمواعظ من خلال قصص الأنبياء لتوعية الجمهور وتذكيرهم بالهدف الرئيسي للثورة التي انحرفت عنه. وقد صرح الكاتب نجيب محفوظ بذلك بالقول: “قصص الأنبياء هي الإطار الفني، ولكن الهدف هو نقد الثورة والنظام الاجتماعي الذي كان موجودا آنذاك
نبذة عن شخصيات رواية أولاد حارتنا
في رواية “أولاد حارتنا”، كتب نجيب محفوظ شخصياته بشكل إسقاطي على الواقع، حيث تعتبر شخصية أدهم إسقاطا على شخصية آدم، وشخصية الجبلاوي إسقاطا على الذات الإلهية، وسوف يتم شرح هذه الإسقاطات الأدبية بالتفصيل أدناه
- شخصية أدهم: يشير هذا إلى آدم الذي جاء من صلب الجد الأكبر الجبلاوي، والذي اختاره الجبلاوي ليدير الوقف الخاص به، ولكن بالطبع تحت إشراف الجبلاوي
- شخصية الجبلاوي: يصفه الكاتب نجيب محفوظ بالجبار والقديم، وصاحب الجبروت، وصاحب البيت الكبير الذي لم يره أحد ولا نعلم من أين جاء، ولكن جاء جميع أولاد الحارة من صلبه ولقد تناقلت حكايته في قهاوي الحارة فيقول الكاتب عنه: “هو أصل حارتنا، عاش فيها وحده وهي خلاء خراب” ويصف بيت الجبلاوي بالحديقة ويقصد الجنة.
- شخصية إدريس: يشير هذا إلى إبليس، الذي يعد أحد أبناء الجبلاوي، وظهر هذا في معارضته للجبلاوي فياختيار أدهم لإدارة الوقف، وكانت معارضته شديدة جدًا مقارنة بإخوته الآخرين.
- شخصية قدري وهمام: الهم والقدر”: هما اسمان يشيران إلى قابيل وهابيل بني آدم، وجاءت شخصية قدري مشابهة لشخصية إدريس في إحدى الحوارات بين قدري وهمام، وقد أشار قدري إلى أن جده الجبلاوي شبيه بأدهم أي آدم أو إدريس أي إبليس، والشر في هذه الحكاية مصدره إدريس أي إبليس، ويتجسد ذلك في قتل قدري لأخيه همام كما حدث في قصة هابيل وقابيل
- آل حمدان: والمقصود بهم هم اليهود وجبل كان من آل حمدان.
- ناظر الوقف الخاص بآل حمدان: والمقصود به فرعون
- شخصية عرفة: هو العلم الذي يتميز بالذكاء وإجراء التجارب الخطيرة والغريبة والمخيفة، وينجح في النهاية من خلال بحثه في الوصول إلى بيت الجبلاوي الذي بقي مختفيًا لفترة طويلة.
- شخصية جبل: النبي موسى عليه السلام هو المقصود، والدليل على ذلك هو أن زوجة فرعون قامت بتربية الجبل بعد أن وجدته في الماء. ويذكر الكاتب في الرواية أن الجبل كان يلهو بالثعابين، وهذا الأمر ساعده في التغلب على منافسه
- شخصية رفاعة: يقصد بالسيد المسيح شخصية تدعو إلى الحب والتسامح، وتم اختيار اسم رفاعة لأن الله رفع السيد المسيح إلى السماء
قبل أن يتطرق الكاتب نجيب محفوظ إلى التحدث عن أي شخصية من شخصيات روايته كان يقوم بذكر أدق التفاصيل عن الشخصية المذكورة من خلال البحث وكتب التاريخ، وظهر هذا الأمر جليًا عند حديثه عن شخصية آدم عليه السلام والذي قام بربط بعض النقاط بشخصيته بأبعاد دينية موروثة لا مجال للشك فيها.
رأي الأزهر في رواية أولاد حارتنا
في الثمانينات قام الأزهر بمنع نشر رواية أولاد حارتنا للكاتب نجيب محفوظ، كما قاموا بمنع بعض الأجزاء منها عند نشرها، ولقد قال شيخ الأزهر السابق محمد حسين طنطاوي في حق رواية أولاد حارتنا للأديب العالمي نجيب محفوظ: (لقد فقدت الأمة العربية عامة ومصر بصفة خاصة الأديب العالمي نجيب محفوظ وندعو الله تعالى أن يتغمده برحمته وينزله منازل الصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقًا) وأضاف طنطاوي قائلًا: (نجيب محفوظ رحمه الله، على رأس الأدباء الذين تعتز بهم مصر والأمة العربية وله مكانته العالمية في عالم القصة والأدب والرواية وندعو الله تعالى أن يرحمه) ورفض التحدث عن رأيه حول الرواية وقال أنه سيكتفي بالدعاء له بالرحمة والمغفرة.
قال الدكتور محمد رأفت عثمان، أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر الشريف وعضو مجمع البحوث الإسلامية: (كان من إيجابيات أدب نجيب محفوظ الغوص في أعماق النفس المصرية وتصوير الأفراد والشوارع والحواري والبيوت بطريقة واقعية تماما كما لو أنه لم يكتب بالقلم وإنما استخدم الكاميرا، ومن يرغب في معرفة التركيبة الاجتماعية لعصر ما يجب أن لا يستغني عن قراءة أعمال الكاتب العظيم نجيب محفوظ).
مقتطفات من رواية أولاد حارتنا
- لم يعد لديّ إنسانيّة، بل الحيوان هو الوحيد الذي يهتم بالغذاء فقط.
- في حارتنا الهوان، يُغمس اللقمة ولا أحد يعرف متى يأتي دوره ليسقط النبوت عن هامته.
- عاد إلى حارته بالإكراه، ولا شيء يضاهي العودة بعد الانتظار.
- الموت الذي يقتل الحياة بالخوف حتى قبل وقوعه، وإذا عاد الشخص الذي مات إلى الحياة، سيصرخ كل رجل “لا تخف!”، فالخوف لا يمنع الموت، ولكنه يمنع الحياة. وأنتم أهل حارتنا لستم أحياء ولن تتمتعوا بالحياة ما دمتم تخافون الموت
- دخلت تمر حنة مع أقداح الشاي وحيّت جبلًا بالتحية الحارة وأثنت على زوجها وتنبأت له بأنه سينجب ذكرًا، ولكنها أضافت مستدركة: لم يعد هناك فرق بين رجالنا ونسائنا.
- أمال برأسه نحو النافذة وخيّل إليه أن سكان ذلك النجم اللامع سعداء لأنهم بعيدون عن هذا المنزل.
- ليس أخطر من امرأة وحيدة.
- من الغريب أن يضحك سكان حارتنا! لماذا يضحكون؟ إنهم يهتفون للفائز بأي شيء، ويحتفلون بالقوي مهما كانت هويته، ويسجدون أمام النبوت ويعالجون بذلك رعبهم الخفي. الفقر يسيطر على حينا، ولا يعرف أحد متى سيأتي دوره ليطيح بالنبوت والكبرياء
- قال: `والله ما كرهتم الفتنة إلا لأنها كانت تؤثر عليكم، ولا يشعر أحدكم بالقوة حتى يقوم بالظلم والاعتداء، والشياطين المستترة في أعماقكم لا يفعلون سوى الإيذاء بلا رحمة أو هوادة، ولذلك فإما النظام أو الهلاك`
- الموت الذي يقتل الحياة بالخوف قبل حدوثه، إذا رُدَّ المرء إلى الحياة، فسيصرخ لكل رجل: لا تخف! فالخوف لا يمنع الموت، ولكنه يمنع الحياة. وأنتم يا أهل حارتنا لستم أحياءً، ولن تتاح لكم الحياة ما دمتمون تخافون الموت
- القوة عند الضرورة والحب في جميع الظروف.