سيرة مشرفة لـ ” الفنانه التشكيلية منيرة موصلي “
تعد الحركة الفنية التشكيلية في المملكة العربية السعودية واحدة من الحركات الفنية الحديثة في المنطقة العربية. ومنذ تدريس مادة التربية الفنية في مدارس البنين في المملكة عام 1956، شهدت ستينيات القرن الماضي انطلاقة لأول مرة لحركة ابتعاث لفنانين موهوبين إلى جامعات مصر وأمريكا وأوروبا لدراسة الفن التشكيلي.
وخلال عمر الحركة التشكيلية بالمملكة والذي يقرب من نصف قرن، ظهرت نجوم لامعة ، أغلبهم من الفنانين الرجال، لكن الفنانات السعوديات كان لهن مشاركة فعالة، إذ كن من بين الرعيل الأول المؤسس للفن التشكيلي السعودي، ومن بين هؤلاء الفنانة التشكيلية منيرة موصلي، التي وافتها المنية خلال الأسبوع الماضي عن عمر يناهز 64 عاما.
الفن التشكيلي السعودي
على مدار نصف قرن، كان الفن التشكيلي هو الأقرب للحداثة والأكثر تماسًا والاندماجًا معها، وكان الأكثر نموًا بين مساحات الفنون البصرية التعبيرية الأخرى، وإضافةً إلى ذلك، قدّمت الحركة الفنية التشكيلية في المملكة فرصًا للعديد من الفنانات التشكيليات السعوديات.
على الرغم من أن بعض الفنانات يتجنبن بعض أنواع الفنون التي تهيمن عليها الذكور، فإن أعدادًا كبيرة منهن حققن نتائج رائعة في الفن التشكيلي.
نتيجة قيود الثقافة الذكورية المهيمنة، تم حطمها من قبل الفنانات في المملكة، وقامن بممارسة الفن كنشاط غريزي وذوق جمالي، وكحاجة إنسانية للجمال والإبداع.
لفتت ظهور الفنانات التشكيليات القوي في واقع الحياة الفنية السعودية الانتباه، حيث بدأت الإعلان عن وجودهن القوي في الأعوام الأخيرة. وقد أصدر الفنان التشكيلي أحمد فلمبان كتاب “التشكيليون” الذي أصدرته الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون، والذي يتضمن أكثر من 130 فنانة تشكيلية سعودية.
تميز اسم الفنانة التشكيلية السعودية منيرة موصلي بين تلك الأسماء، حيث تعد واحدة من التشكيليين والتشكيليات الأوائل الذين ساهموا في ترسيخ وتأصيل الفن التشكيلي في المملكة، وذلك على مدار أكثر من أربعة عقود.
سيرة منيرة موصلي
تم ولادة الفنانة منيرة موصلي في مدينة مكة عام 1954، وبعد الحصول على الشهادة الجامعية الأولية درست في كلية الفنون الجميلة في القاهرة عام 1974، ثم درست التصميم في الولايات المتحدة وحصلت على الدبلوم في هذا المجال عام 1979.
في نفس العام، عملت كمسؤولة عن المطبوعات في إدارة العلاقات العامة بشركة أرامكو، ثم استقالت من العمل وتفرغت للفن التشكيلي.
تُعد موصلي واحدة من رواد الحركة التشكيلية في المملكة، حيث ساهمت بشكل فعال في تطور الحركة التشكيلية وخاصة بين النساء في المملكة.
يؤرخ للحركة التشكيلية بالمملكة بأنها مرت بثلاثة مراحل، أولاها مرحلة الرواد وهم الذين ابتعثوا خارج المملكة لدراس الفن التشكيلي، وعادوا بعد حصولهم على شهادات أكاديمية في أواخر الستينات وبداية السبعينات من القرن الماضي، ومنهم منيرة موصلي، التي تميز أسلوبها خلال تلك الفترة بالأسلوب الواقعي التقليدي، وهو الأسلوب الذي ميز إنتاج رواد تلك المرحلة.
عقد بالتعاون بين مصممة الأزياء موصلي والفنانة التشكيلية صفية بن زقر في الأول من أبريل عام 1968 معرضا، وهو أول معرض نسائي في المملكة العربية السعودية، وتم عرض 35 عملا لموصلي و33 عملا لبن زقر، وتوالت بعدها معارضهما الفردية والجماعية
أسلوب منيرة موصلي الفني
استخدمت موصلي عدة أساليب فنية لمدارس فنية حديثة ومعاصرة في أوروبا، ولم تتبع نهجا فنيا لمدرسة واحدة فقط، بل خرجت بلوحاتها عن النمط الشائع بين عشاق الفن التشكيلي والمتمثل في محاكاة الطبيعة والبيئة بعد سنوات من التجربة.
بدأت موصلي في عرض أعمالها الشخصية عام 1972، حيث عرضت مجموعة رائعة من أعمالها، وجاء إبداعها في هذا المعرض بعيدًا عن الأساليب التقليدية المملة في الموضوع أو استخدام المواد الشائعة.
طوال رحلة مع الفن تجاوز طولها أكثر من 40 عاما، لم تتوقف موصلي يوما عن التجريب في الاشتغال الفني على خامات متنوعة ومتجددة، بقصد خلق قيمة نوعية للفن التشكيلي السعودي، كما لم تكف عن مشاكسة اللون أحيانا ومغازلته أحيانا أخرى، بهدف استنطاقه والانطلاق به حضوره البصري إلى رحابة معناه التأويلي والدلالي.
خلال عملية إبداعها، استوحت موصلي من جذور الفن الإسلامي واستفادت منه كمصدر غني لأعمالها التي أطلقت عليها اسم `الواسطى وأنا`، تكريما للفنان العراقي يحيى بن محمود الواسطي، الذي عاش في بداية القرن الثالث عشر الميلادي. في أعمالها، تعاملت مع العناصر النباتية والحيوانية والإنسانية باستخدام أسلوب مستوحى من تصوير الواسط.
نجح موصلي في صياغة أعمالها بعيدًا عن التقليد أو المحاكاة بعد اختراقها ميادين التجريب المختلفة.
معارض أعمالها
بدأت موصلي في إقامة معارض لأعمالها، وكان أول معرض لها في مدينة جدة عام 1972، وشاركت في العديد من المعارض، وكان من بينها المعرض الأبرز
شاركت الفنانة في عدة معارض فنية، من بينها معرض المنامة في البحرين الذي أُقيم في أكتوبر عام 2001، ومعرض دبي في عام 2006، ومعرض الرياض عام 2009 بعنوان “أطفال غزة”، كما شاركت في معرض في سلطنة عمان بمشاركة الفنان التشكيلي العراقي أحمد البحراني والتشكيلي القطري يوسف أحمد.
تمكّنت جهودها من إنشاء مهرجان الفن في الخبر عام 2007
قدمت العديد من الدراسات الفنية، وكان من بينها دراستان عن فن الأطفال وعلاقته بالمجتمع.
نالت الفنانة العديد من الجوائز من السعودية والبحرين ودبي وعدد من العواصم العربية خلال مسيرتها الفنية.