سيرة حياة الشاعر متمم بن نويرة وأشهر قصائدة
حياة الشاعر متمم ابن نويرة
قد يشعر الإنسان في هذه الحياة بالعديد من المشاعر والأحاسيس الأليمة التي لا يمكنه كبتها مع مرور الوقت، وهكذا الشعراء يعبرون عن تلك الأحاسيس عندما تنتابهم .
قد يظهر الحزن والصدمة في عبارات الشعراء المتحسرة والمتفحمة، ويعد المتمم من هؤلاء الشعراء الذي صدم عندما قتل أخوه، وظهر ذلك في شعره ونفسيته.
يتكون حياة هذا الشاعر من مرحلتين، الأولى في الجاهلية والثانية في الإسلام، وقد اهتم الباحثون والنقاد بمرحلته الثانية بشكل أكبر من المرحلة الأولى.
- اسم الشاعر ونسبه
يُدعى أبو نهشل متمم بن نويرة بن جمرة بن شداد بن عبيد، وهو من فرسان قومه وسادتهم وأشرافهم وشعرائهم، وهو من مضر تميمية يربوعية النسب.
- مولده
ولد هذا الشاعر في العصر الجاهلي في إحدى البوادي التابعة لبني تميم، وعلى الرغم من عدم ورود تاريخ ميلاده في المصادر التي ذكرته، إلا أنه لم يكن هناك نظام لتسجيل المواليد في ذلك الوقت كما هو الحال في الوقت الحاضر، وعلى أي حال، قبل الدخول في الإسلام، اعتنق هذا الشاعر الدين الإسلامي وحسن سلوكه.
- كنيته
يُقال إنني أصلٌ إلى بني نويرة وفقًا للمصادر التي تناولت متمم بن نويرة، ويجدر الإشارة إلى أن صاحب معجم الشعر زاد في تسميتي بأبي نهيك وأبي إبراهيم وأبي أدهم.
- صفات متمم ابن نويرة
لا يتوفر لدينا الكثير من المعلومات حول صفات هذا الشاعر، ولكن الشيء الذي يعرف عنه هو أنه كان قصير القامة وأعور في إحدى عينيه نتيجة إصابة، ووفقًا لما ذكره ابنه عنه، يبدو أنه كان جسيمًا.
تزوج هذا الرجل امرأة من سكان المدينة، ولكنها لم ترض عن أخلاقه بسبب حزنه الشديد على أخيه، مما جعلها تؤذيه وتخاصمه، فقرر تطليقها.
- حياته في العصر الجاهلي
توجد معلومات قليلة عن حياة هذا الشخص في هذا العصر، ولا يمكننا تحديد حياته بدقة وفقاً لماورد عنها، ولكنه كان ذو مكانة مرموقة في قومه وكان فارساً شجاعاً في قبيلته، حيث كان يدافع عنها.
- حياته في العصر الإسلامي
اعتنق الإسلام قبل فتح مكة ، ولكن لا يمكن تحديد السنة التي اعتنق فيها الإسلام ، وذكر المؤرخون أنه اعتنق الدين بشكل حسن ، وكان يشعر بالحزن والأسى بسبب فقدان أخيه.
كان يهتم كثيرا بالانتقام لأخيه، وكثيرا ما بكى. ورغم أن المصادر العربية التي تحدثت عنه لم تذكر مشاركته في الفتوحات الإسلامية، إلا أنه أسلم وكان تقيا، وتوفي ابن نويرة في العام 30 هجريا.
متمم بن نويرة يرثي أخاه
يحتوي شعر بن نويرة على عدد من المظاهر التي تعبر عن حرارة الانفعال وصدق العاطفة التي يعيشها الشاعر، وتتجلى ذلك في العديد من الأشكال والأساليب
- بكاءه ولوعته
كان أحد شعراء الرثاء يعبر عن حزنه ولوعته وبكائه في أشعاره، وهذا النوع من الشعر لا يحتاج إلى مجهود في البحث عنه، حيث يتأثر الشاعر بالمؤثرات الخارجية وببكاء الانفعال الذي ينتاب الإنسان عندما يشعر بالعجز والعجز عن المواجهة. وقد بكى الشاعر كثيراً على أخيه، وقال في قصيدته:
في مكان القبور، لا يزال حزني يثقلني حتى البكاء، ويرافقني صديقي الذي يذرف دموعه بكثرة
أمن أجل قبر بالملأ أنت نائح على كل قبر أو على كل هالك
فقال أتبكي على كل قبر رأيته لقبر ثوى بين اللوى فالدكادك
فقلت له أن الشجا يبعث الشجا فدعني فهذا كله قبر مالك
- همه وسهره
لقد تسلل الحزن إلى ابن نويرة وخلف وراءه أنين وعويل لا ينتهي والهموم تلازمه حتى أصابه السهر والأرق الدائم، وعبر عن ذلك في رثاء أخيه حيث قال.
أرقت ونام الأخلاء وهاجني مع الليل هم في الفؤاد وجيع
وهيج لي حزنا تذكر مالك فما نمت إلا والفؤاد مروع
إذا عبرة ورعتها بعد عبرة أبت واستعلت عبرة ودموع
الصبر والهم والقلق يشغلونه، ولكن الآخرون ينامون لأنهم لا يعانون من أي هموم. بينما يقضي هو الليل في الاستيقاظ والتفكير في همومه، ويعاني من الأرق وحده بينما يستمتع الآخرون بالنوم.
- يخاطب عينه ويطلب منها البكاء
فالعين تعبر عن الحزن من خلال تساقط الدموع، والقلب يستطيع أن يجد الراحة في وجود الحزن عندما تبكي العين. لذلك، طلب ابن نويرة من العين أن تبكي حتى يتشافى القلب من ألمه، وهكذا شعرت العين وأجابت.
فعين هلا تبكيان لمالك إذا أذرت الريح الكنيف المرفعا
- عند سماعه لصوت الحمام تذكر أخيه
هيج الحمام الشاعر بحزنه، فالشعراء يتذكرون الأحباب الذين تركوهم ورحلوا، وبمجرد سماعهم صوت الحمام، يتذكر الشاعر أخاه الذي رحل عنه ويقول:
سأبكي أخي مادام صوت حمامة تؤرق في وادي البطاح حماما
إذا رقأت عيناي ذكرني به حمام تنادي في الغضون وقوع
شرح قصيدة متمم بن نويرة
كان ابن نويرة من الشعراء الأكثر خبرة، وظهرت مواهبه في كتابة المراثي لرثاء أخيه، ونال إعجاب النقاد والمثقفين، وبالتالي تم تقديمه وأخذ مكانته الأولى بين أصحاب المُراثي.
فقال لعمري وما دهري بتأبين مالك ولا جزع مما أصاب وأوجعا
تظهر عواطفه الجياشة في شعره، بالإضافة إلى تدفق الدموع والحزن الشديد والرقة، حيث يبكي على أخيه ببراعة كبيرة.
وكنا نحن كالدماني جذيمة من فترة زمنية في الدهر، حتى قيل إنه لن يتمكن أحد من كسرنا
فلما تفرقنا كأني ومالكا لطول اجتماع لم نبت ليلة معا
في تلك الأبيات، يتم تأبين أخيه، وقال سيدنا عمر عندما سمعها `والله أني لأود أن أحسن الشعر لأرثي أخي زيداً مثلما رثيت أخاك`.
وقد أبكى أخيه في أبياته فقال أتبكي كل قبر رأيته لقبر ثوى بين اللوى فالدكادك
أن الشجا يبعث الشجا فدعني فهذا كله قبر مالك
إنه لا ينسى شقيقه ويبكي ويتذكره دائمًا عندما يسمع أو يرى أشياء محزنة، حيث يعبر عن حزنه وبكائه بطريقة الحوار.
أما الأبيات التي تتعلق بسقي قبر أخيه فهي:
رحم الله أرضا شغلها قبر شخص من أهل المالكية، وذهبت الأودية والمنحدرات فيها
وآثر سيل الواديين يديمة ترشح وسيما من النبت خروعا
في أبياته، ظهرت دعوته للديار الخاصة بأخيه باسقيا المعادة التي يقوم بها العرب لإكرام الميت، كما دعا ربه بأن يسقي المطر الأرض التي تضمه، وأشار إلى أن موت الأخ يعتبر من المصائب الكبيرة التي لا يسهل تحملها، وهذا ظهر في جميع أوجه حياة الشاعر الذي أصيب بألم شديد وتأثر نفسيا.
ظهر الحزن عند هذا الشاعر بسبب عدة أسباب، ولكن اللوعة والبكاء كانا الطريقة التي يلجأ إليها بن نويرة لمواجهة الواقع الصعب الذي يواجهه، وتساعده الدموع على الشعور بالراحة النفسية وتخفيف الألم.