سبب نزول ” وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفًا من الليل “
{وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين} [سورة هود: 114] قال البخاري عن ابن مسعود، أن رجلا أصاب من امرأة قبلة، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فأنزل الله: {وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات} ، فقال الرجل: يا رسول الله ألي هذا؟ قال: «لجميع أمتي كلهم» [أخرجه البخاري ورواه مسلم وأحمد وأصحاب السنن إلا أبا داود] تفسير ابن كثير.
سبب نزول الآية:
روى الإمام أبو جعفر بن جرير عن أبي اليسر كعب بن عمرو الأنصاري قال: أتتني امرأة تبتاع مني بدرهم تمراً، فقلت: إن في البيت تمراً أجود من هذا، فدخلت فأهويت إليها فقبلتها، فأتيت عمر فسألته فقال: اتق اللّه واستر على نفسك، ولا تخبرنّ أحداً، فلم اصبر حتى أتيت النبي صل اللّه عليه وسلم فأخبرته فقال: «أخلفتَ رجلاً غازياً في سبيل اللّه في أهله بمثل هذا؟» حتى ظننت أني من أهل النار، حتى تمنيت أني أسلمت ساعتئذ ، فأطرق رسول اللّه صل اللّه عليه وسلم ساعة، فنزل جبريل، فقال: أبو اليسر: فجئت فقرأ عليَّ رسول اللّه صل اللّه عليه وسلم: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} فقال إنسان: يا رسول اللّه أله خاصة أم للناس عامة؟ قال: «للناس عامة».
تفسير الآيات:
{وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ}: قال ابن عباس: يعني الصبح والمغرب، وقال الحسن: هي الصبح والعصر، وقال مجاهد: هي الصبح في أول النهار والظهر والعصر مرة أخرى، {وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ}: يعني صلاة العشاء وهو قول ابن عباس ومجاهد والحسن البصري وغيرهم، وقال مجاهد والضحاك: إنها صلاة المغرب والعشاء، وقد يحتمل أن تكون هذه الآية نزلت قبل فرض الصلوات الخمس ليلة الإسراء، فإنه إنما كان يجب من الصلاة صلاتان: صلاة قبل طلوع الشمس، وصلاة قبل غروبها، وفي أثناء الليل قيام عليه وعلى الأمة، ثم نسخ في حق الأمة، وثبت وجوبه عليه، ثم نسخ عنه أيضاً، واللّه أعلم.
{إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ}: يقول الإمام علي بن أبي طالب: إن فعل الخيرات يمكن أن يكفر عن الذنوب السابقة، وذلك كما ذكر في الحديث الذي نقله أحمد وأهل السنن عن أمير المؤمنين. ويذكر الحديث أيضا أنه عندما يسمع الإنسان حديثا من رسول الله صلى الله عليه وسلم يفيده الله بما يريده، وعندما يحدثه شخص آخر عن الحديث الذي سمعه، يحلف له صدقه، ويذكر أيضا أنه ليس من المسلمين من يذنب ثم يتوضأ ويصلي ركعتين إلا غفرت له ذنوبه.
وفي الصحيحين عن أمير المؤمنين عثمان بن عفان: قام بالوضوء لهم بنفس طريقة وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: هكذا رأيت رسول الله يتوضأ وقال: `من توضأ وتوضئي هذا ثم صلى ركعتين لا يفكر في نفسه، يغفر له ما تقدم من ذنبه`. وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة، قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: `الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان تكفير لما بينهما من الكبائر.
ورد عن الإمام أحمد أن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: `إن الله قسم بينكم في أخلاقكم كما قسم بينكم في رزقكم. وإن الله يعطي الدنيا لمن يحب ولمن لا يحب، ولا يعطي الدين إلا لمن أحب. فمن أعطاه الله الدين فقد أحبه. وأشهد بأنه لا يسلم عبد حتى يسلم قلبه ولسانه، ولا يؤمن حتى يأمن جاره من أذاه.` قلنا: `فما هي الأعمال التي تذهب بالإنسان إلى النار يا نبي الله؟` قال: `الغش والظلم. وما يكسب الإنسان مالا حراما فينفقه فيبارك له فيه، ولا يتصدق فيتقبل منه، ولا يتركه خلف ظهره إلا كان زاده إلى النار. إن الله لا يمحو الشر بالشر، ولكنه يمحو الشر بالخير. إن الخبيث لا يمحو الخبيث.`.
وفقا لأبي ذر، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة بالحسنة تمحوها، وخالق الناس بخلق حسن”. وفي رواية أخرى، سأله أبو ذر: “يا رسول الله، اوصني” فأجابه الرسول: “إذا عملت سيئة فاتبعها بحسنة تمحوها”. وعندما سأله عن الحسنات، قال الرسول: “لا إله إلا الله هي أفضل الحسنات.