رسوم الأطفال وأهميتها نفسيا وتربويا وفنياً
معنى فنون الأطفال
الفن هو مفجر للطاقة الحيوية الخلاقة، والمحفز للفكر والعمل والتقدم والتطور. فهو المبدأ الأساسي وراء سر الحياة والحب والانفتاح على العالم. وعلى الرغم من أن الكثيرين يرون في الفن نوعا من أنواع الرفاهية واللهو الغير ضروري للحياة، فإن هذا المفهوم خاطئ، حيث إن الفن هو التعبير عن ما يدور في دواخل الإنسان من أفكار وجمال وحرية، وهو الطاقة الجامحة التي تدفعنا للحياة.
فنون الأطفال هي أنماط مختلفة من الأنشطة التلقائية الحرة، والتي تشكل جانبًا مهمًا في توجيه ميولهم واستعداداتهم، وترسيخ ميولهم الفنية، وتعتبر الفنون للأطفال أحد الأساسيات التي تكشف عن طبيعتهم وحقيقة مشاعرهم، وتساعد على تنمية جوانبهم التربوية والفنية والنفسية.
رسومات الأطفال ودلالاتها النفسية
فن الرسم للأطفال هو جانب من فنون يمارسه الطفل، وهو عبارة عن تعبير يهدف إلى نقل المعاني والصور التوضيحية. إنها القدرة على التواصل مع الآخرين، حيث تعد لقاء بين عالم الذات وعالم الموضوع، إذ تعبر عن هوية الفرد، وتعد وسيلة يحاول من خلالها الطفل تحقيق التوازن النفسي والتعبير عن مشاعره.
يعد الرسم للأطفال لغة تعبيرية معرفية، حيث يهدف من خلالها إلى التعبير عما يعرفه الطفل، وليس عما يراه. ويتمثل الهدف الرئيسي في التوضيح والتعبير، وليس في الفن أو الإبداع، حيث يقول ولهام فيولا “الطفل يرسم ما يعرفه وليس ما يراه.
أهمية الرسم للأطفال نفسياً
يجب فهم الجانب النفسي للطفل جيدا، وخاصة فيما يتعلق برسوم الأطفال الخاصة، التي تشير إلى حاجاتهم النفسية وتجاربهم الحياتية. ولذلك، يوصي الأطباء النفسيون وأخصائيو الأطفال بالنظر في العلاقة بين الرسوم والصحة النفسية، حيث يولد الطفل في بيئة قد لا تلبي كل احتياجاته النفسية، ويمكن أن يشعر بالإحباط أو الاكتئاب، ويمكن للرسم مساعدته في التعبير عن مشاعره والتخلص منها.
يؤكد المتخصصون أن الرسم هو الطريقة الأكثر أهمية للتخلص من العقد النفسية والتعبير عن الحاجات، كما أنها وسيلة فعالة تساعد الخبراء على تشخيص حالة الطفل، حيث يستخدم الطفل الرسم لإنشاء تصور خيالي ويلون رموزًا يمكن للخبراء في النفس والأطباء فك رموزها وفهمها.
يساعد الرسم على التعرف على الصراعات الداخلية الحقيقية، كما يساعد على التخلص من جميع الانطباعات السلبية، ويساهم في التخلص من السلوك العدواني والخوف والقلق لدى الأطفال.
أهمية رسوم الأطفال تربوياً
هناك الكثير من الفوائد التي يوفرها الرسم في المجال التربوي، إذ يساعد الرسم على تنمية الأطفال تربوياً ويعمل على:
- يساهم الرسم بشكل عام في تنمية شخصية الطفل وسلوكه القويم، حيث تؤثر الفنون على الشخصية.
- يسهم الرسم في تطوير شخصية هادئة خالية من المشكلات الاجتماعية، وهي متفاعلة ولكن بحدود معقولة.
- تطوير مهارات الأطفال وتنمية خيالهم وتوسيع مداركهم.
- الرسم يساهم في التعرف على نقاط القوة والضعف للأطفال.
- يساعد الرسم على توضيح علاقة الطفل بمن حوله، وكيف يرى الأشخاص المحيطين الطفل.
- يساهم الرسم في تنمية الذوق العام لدى الطفل، كما يساعد في زرع اللمسات الجمالية داخله.
- للرسم دور كبير في تعريف الطفل بشبكة العلاقات الاجتماعية المحيطة به.
- الرسم هو أحد الأساليب الفنية التي تساعد على التخلص من الانطوائية والمشاكل النفسية لدى الأطفال.
- الرسم هو وسيلة لزرع جميع المبادئ والقيم النبيلة في نفسية الطفل.
أهمية الرسم للأطفال فنياً
يعد الرسم جانبًا فنيًا مهمًا يساعد على تنمية الأشخاص فنيًا، ومن أهم فوائد الرسم الفني:
- تنمية الذوق العام والجانب الإبداعي لدى الأطفال.
- يساهم التعلم الفني بشكل كبير في تنمية الشخصية وزيادة إحترام الطفل للفنون.
- يعمل الفن بشكل عام على توسيع خيال الأفراد وزيادة قدرتهم على الإبداع.
- الفنون تزرع مبادئ حب الخير والجمال في قلوب الأفراد.
- يتمتع الطفل الذي يرسم بحبه للجميع والمبدعين والفنانين بشكل عام.
خصائص رسوم الأطفال
تتميز رسوم الأطفال بعدة خصائص من بينها:
- التلقائية
يعتمد الطفل الصغير في بناء رسوماته بشكل أساسي على حدثه ومشاعره، حيث لا يمكن له بناء رسوماته على المنطق فقط، وذلك لأن الأطفال يمتلكون عالمًا مميزًا وخاصًا لا تسود فيه القوانين المعتادة وإنما تسود فيه قوانين الفطرة الطبيعية التي خلق عليها، والتي تختلف من طفل لآخر، فلكل طفل خصائص في التعبير تتميز بأسلوب حر ينبع من داخله.
- التكرار في الرسوم
في المراحل العمرية الصغيرة، يتكرر الطفل في الرسوم التعبيرية، وتشير الدكتورة عبلة حنفي إلى أن التكرار هو واحد من اتجاهات الطفل التعبيرية، والذي يعود سببه إلى أن الطفل يشعر بأنه قادر على التفت في رسم بعض العناصر، ولذلك يقوم برسمها مرارًا وتكرارًا، لأن ذلك يشعره بالمهارة والاحترافية.
يقول حمدي خميس إن تكرار الطفل لرمز معين عدة مرات يعني أن هذا الرمز أصبح جزءا من قاموس الطفل الذي يحفظ فيه تكويناته المستقبلية. ويمثل التكرار نوعا من السرور لدى الطفل، كما أن رسم هذا الرمز يعطي الطفل الثقة والسعادة. ويستمر تطور التعبير الفني للأطفال مع الحفاظ على الرموز الراسخة لديهم.
- المبالغة
نظرا لأن رسومات الأطفال لا تعتمد بشكل أساسي على المنطق، فمن الطبيعي أن تكون المبالغة والتحريف جزءا من التعبير. قد يكون المبالغة في بعض العناصر أو أجزاء الرسمة ناتجا عن رغبة الطفل في التعبير وتأكيد رموز معينة بقوة. ووفقا للباحثين والخبراء، يعتبر المبالغة في رسومات الأطفال نتيجة لخبراتهم وتجاربهم في الحياة. على سبيل المثال، عندما يرسم الطفل والده بحجم كبير جدا، فإن ذلك يعكس رؤيته لوالده كرمز للقوة، وعندما يرسم والدته بجانب قلب كبير، فإن ذلك يعبر عن الحب والعناية التي يشعر بها.
- الحذف
يستخدم الطفل الحذف في بعض الرسوم لتجسيد فكرته التعبيرية، حيث يضطر لحذف بعض العناصر ليس لأنه غير قادر على رسمها، وإنما يرتبط حذفه بما يعرفه فقط، وبالتالي فإن الطفل يميل إلى عرض الجانب الوظيفي فقط في الرسم، ويحذف الجوانب التي ليست لها وظيفة حيوية في الرسم.
- خط الأرض
يميل الأطفال إلى رسم الناس ووضعهم في صف واحد أفقي واحد يمثل الأرض التي يقفون عليها، ويبدأون في استخدام هذا النوع من الرسم عند سن 6 سنوات ويستمر حتى 12 سنة، وقد يرسم الطفل خطوطا للناس والسيارات وما إلى ذلك.
- الشفافية
يعبر الطفل في رسوماته عن أفكاره ومشاعره بغض النظر عن طبيعتها. ويمكن أن يظهر الطفل خاصية فنية أخرى في رسومه وهي الشفافية، حيث يمكنه الكشف عن بعض الحقائق الغير مرئية وكأنها واضحة لمن يرى الرسم، مثل إظهار قلب الشخص في الرسمة أو الأشياء الموجودة داخل المنزل من الخارج.
- دمج الأماكن والأوقات المختلفة في مساحة واحدة
يتضح أن الطفل لا يلتزم بالمكان أو الزمان المحددين للأشياء في الطبيعة، بل يعبر عنها كما لو كان يشاهد شريطًا سينمائيًا للأحداث، دون النظر إلى الزمان أو المكان.
- التسطيح
تفتقر رسوم الأطفال إلى العمق وتعتمد على إظهار الأشكال بشكل مسطح وعدم تمثيل الأبعاد الثلاثية، ولا تحجب العناصر. ويستخدم الطفل هذا العنصر لتسليط الضوء على معرفته للشيء الذي يعبر عنه بدلا من رؤيته على الواقع، ويتطور رسم الأطفال حتى يصل إلى مستوى الاحترافية.