خطبة طارق بن زياد
تعتبر خطبة طارق بن زياد واحدة من أشهر الخطب في التاريخ. إنها خطبة تحفيزية لتشجيع الجنود على القتال بشجاعة. ألقاها قبل فتح الأندلس، حيث أمر جنوده بحرق السفن التي نقلتهم إلى جبل طارق، الذي يحمل اسمه حتى يومنا هذا. بذلك تم قطع أي أمل للجنود في العودة مرة أخرى، وليعلموا أنه ليس أمامهم سوى النصر أو الاستشهاد.
من هو طارق بن زياد
طارق بن زياد هو قائد مشهور في التاريخ الإسلامي، فقد قام بفتح أسبانيا في عام 711 ميلادي، وكان قائدا عسكريا بارزا لدرجة أن جبل طارق يحمل اسمه، ولد طارق بن زياد في عام 50 هجري، وهو ليس من أصل عربي بل بربري، ولد في خنشلة في الجزائر، وقام بالعديد من الفتوحات الإسلامية، وأشهرها فتح الأندلس.
قد أسلم طارق بن زياد على يد موسى بن النصير، الذي لاحظ كفاءته وقوته، وقام بتعيينه كقائد لجيوشه. أثبت طارق بن زياد جدارته في هذا المنصب، ويذكر أنه كان مميزا بطول قامته وضخامة جسده، وكان أشقرا.
ما هي خطبة طارق بن زياد
كما ذُكِرَ سابقًا، فإن خطبة طارق بن زياد من أشهر الخطب في التاريخ، ونص الخطبة كان كالتالي:
أيها الناس: أين المفر؟ البحر خلفكم والعدو أمامكم وما لديكم إلا الصدق والصبر بوجود الله. واعلموا أنكم في هذه الجزيرة أشد فقرا من الأيتام في وليمة الأغنياء. وقد استقبلكم عدوكم بجيشه وأسلحته وأقواته القوية. وأنتم لا تملكون سوى سيوفكم ولا تستطيعون الاعتماد إلا على ما تنهبونه من أيدي عدوكم. وإذا مرت الأيام وأنتم محرومون ولم تحققوا شيئا، ستذهب قوتكم وتهزم القلوب بالجرأة التي تظهرونها. فانصرفوا عن أنفسكم وتجنبوا هذا الهزيمة بمواجهة هذا الطاغية، فقد أطلق عليكم مدينته الحصينة. وإذا استغليتم الفرصة، يمكن أن تسمحوا لأنفسكم بالموت، ولم أحذركم من شيء، ولم أضعكم في خطة رخيصة تضر النفوس.
واعلموا أنكم إن صبرتم على الأشق قليلا استمتعتم بالأرفه الألذ طويلا، فلا ترغبوا بأنفسكم عن نفسي فما حظكم فيه بأوفى من حظي. وقد بلغتكم ما أنشأت هذه الجزيرة من الحور الحسان، من بنات اليونان، الرافلات في الدر والمرجان، والحلل المنسوجة بالعقيان، المقصورات في قصور الملوك ذوي التيجان.
وقد انتخبكم الوليد بن عبد الملك أمير المؤمنين من الأبطال عربانا، ورضيكم لملوك هذه الجزيرة أصهارا وأختانا. ثقة منه بارتياحكم للطعان، واستماحكم بمجالدة الأبطال والفرسان، ليكون حظه منكم ثواب الله على إعلاء كلمته وإظهار دينه بهذه الجزيرة وليكون مغنمها خالصة لكم من دونه ومن دون المؤمنين سواكم.
والله تعالى هو وليكم في العثور على ما يذكركم في الدنيا والآخرة. واعلموا أنني أنا الأول الذي أستجيب لدعوتكم، وأنني واقف بجانبكم عند لقاء الجميع، محملا نفسي لمواجهة الطاغية “لذريق.” سأحاربه بإذن الله تعالى، فاحملوا معي. إذا مات بعدها، فقد أنجزت لكم ما عليكم، ولن تحتاجوا إلى بطل عاقل يتولى أموركم. وإذا مت قبل أن أصل إليه، فتتبعوا رغبتي هذه وحملوا أنفسكم على عاتقكم واستعدوا لهم بقتله والاستيلاء على هذه الجزيرة، لأنهم سيخونونكم بعد ذلك.
إنجازات طارق بن زياد
طارق بن زياد كان حاكما لمدينة طنجة من السنة الهجرية 89 حتى السنة الهجرية 92. عندما قرر موسى بن النصير غزو الأندلس، قام بتجهيز جيش مؤلف من سبعة آلاف جندي بربري، واستدعى طارق بن زياد لتكون قائدا لهذا الجيش.
استولى طارق بن زياد على جبل طارق وسماه باسمه، ثم فتح حصن قرطانجة وحارب جيش الملك لذريق وتمكن من قتله. بعد ذلك، دخل الأندلس وفتح مدينة إشبيلية ثم إستجة، وبعد ذلك فتح قرطبة ومدينة مالقة، وأخيرا استولى على عاصمة الأندلس وهي مدينة طليطلة.
أهم صفات طارق بن الوليد
كان القائد عضيمًا وكانت لديه القدرة على تأدية المهام التي يتم تكليفه بها، وكان يتسم بالشجاعة الكبيرة.
كان لديه قدرات شعرية عالية، حيث كان لديه القدرة على إلقاء خطابات حماسية لجنوده لتحفيزهم على القتال بشجاعة، وسجل له أشهر خطاب حماسي في التاريخ.
كان طارق بن زياد شخصًا وفيًا يلتزم بعهوده ولم يخن أمانته أبدًا.
أظهر الشخص العديد من المواقف الإنسانية، منها إعطاء حرية العبادة لليهود في الأندلس، حيث أجبرهم القوطيون على تحويل أطفالهم إلى المسيحية في سن السابعة، وكان موقفه إزاء الأندلس نجدة لهم.
وفاة طارق بن زياد
بعد أن قاد طارق بن زياد الفتح في الأندلس، عاد مع موسى بن نصير إلى الشام، ومن ثم لم يتول أي مهام أخرى، وانقطعت أخباره حتى وفاته في العام 102 هجري.