القائد المسلم ” موسى بن نصير ” فاتح الأندلس
نشأته وسيرته: موسى بن نصير هو أبو عبد الرحمن، ولد في قرية كفر مترى في مدينة الخليل في شمال فلسطين عام 19 هجريا. تعلم الكتابة والشعر، وحفظ القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة. كان ذو عرجة، وطوله مهيب. كان من التابعين الصالحين، وكان قويا في الحق والورع والتقوى. حدث عن تميم الداري، وحدث عنه يزيد بن مسروق. كان بارعا في النثر ونظم الشعر، إلى جانب عبقريته العسكرية وحسه القيادي الماهر.
صفَّ عن ابن خلكان بأنه `كان عاقلاً كريمًا شجاعًا ورعًا تقيًا لله تعالى، ولم يُهزَم له جيشٌ قطُّ`.
نبوغه العسكري وإنجازاته: كان أبو عبد الرحمن قائدا عسكريا في الدولة الأموية، وشارك كقائد في الجيش الإسلامي في فتح جزيرة قبرص في عهد معاوية بن أبي سفيان. عينه الوليد بن عبد الملك واليا على أفريقيا بعد حسان بن النعمان. نجح في إنهاء حروب البربر وثوراتهم المستمرة على الدولة الأموية وعمل على نشر الإسلام بين صفوفهم وجذبهم للدين، لضمان عدم عودتهم للثورة مجددا. نجح فعلا في ذلك وانضم إلى جيشه الآلاف منهم بعد أن اعتنقوا الإسلام.
قام بنى موسى ببناء دار صناعة سفن بالقرب من أطلال مدينة قرطاجنة، لبناء أسطول بحري قوي لحماية الحدود الإسلامية بعد توجه البيزنطيين للغزو البحري، واستخدامهم الأساطيل البحرية في غزواتهم بعد فشلهم المتكرر في المعارك البرية.
أمر “عبد الله بن موسى بن نصير” ابنه بغزو وفتح جزر البليار، ونجح في فتح منورقة وميورقة، وغزا صقلية وسردانية وطنجة، ونهب ثروات هائلة. وبعد ذلك، بقيت “سبتة” هي المنطقة الوحيدة التي حكمها “يوليان القوطي” للمسلمين في المغرب الأقصى كله.
فتح الأندلس: معركة ” وادي لكة “:
بعث الكونت ” يوليان القوطي ” للقائد المسلم ” موسى بن نصير ” يدعوه لغزو الأندلس، وذلك بسبب عداوة وخلاف بين الكونت يوليان وبين رودريك ملك القوط. فبعث ” موسى بن نصير ” للخليفة “الوليد بن عبد الملك” يعلمه بما كان، فأمره ” الوليد ” أن يختبر تلك الأرض وعبور بحرها بالسرايا أولًا قبل أن يقوم بإيراد الجيش المسلم المهالك والأهوال.
قام موسى بإرسال سرية مكونة من 400 مقاتل، بالإضافة إلى مائة فارس مسلم بقيادة طريف بن مالك، حيث عبروا الخليج واستقروا في جزيرة سُميت فيما بعد باسم جزيرة طريف، وقد حصلوا على العديد من المغانم.
بعد التأكد من سلامة الطريق ونجاح السرية، بعث “موسى” بجيش يتألف من 7000 مقاتل بمعظمهم من المقاتلين البربر، وأمر “طارق بن زياد” بقيادة هذا الجيش. وعبر “طارق” بالجيش في شهر رجب من العام 92 هجريًا إلى الجبل الذي سُمي باسمه
قامَ “رودريك” بجمعِ جيشٍ عظيمٍ مُجَهَّزٍ مكونٍ من 100 ألف مقاتلٍ وانطلقَ بهُ من “طليطلة” إلى المغرب، وعندما علِمَ “طارق” بالجيشِ الكرَار الذي يتحرَّكُ إليهِ، قامَ بتجنيدِ 5 آلافِمقاتلٍ إضافيٍّ لجيشِهِ ليصلَ عددُ المقاتلينَ إلى 12 ألفًا.
التقى الجيشان في آخر أيام شهر رمضان في وادي لكة، واستطاع المسلمون أن يهزموا جيشرودريك، الذي فر هو الآخر ولم يظهر بعدها. وبعد ذلك، قسّم طارق جيشه إلى ثلاثة أقسام
قام القسم بقيادة “مغيث الرومي” بإرسال سبعمائة فارس إلى مدينة قرطبة، وأرسل جزءًا آخر إلى إلبيرة ورية، وقام هو وباقي الجيش بالتوجه إلى مدينة طليطلة، ونجحت المجموعات الثلاث في المهام الموكلة إليها وتم الفتح.
أرسل طارق إلى موسى ليبشره بالفتح، وبدوره، أبلغ الوليد طارق بضرورة استكمال الفتح وأن يبقى في قرطبة حتى يلحق به. واستخلف ابنه عبد الله على مدينة القيروان، وتحرك للأندلس للانضمام للمسلمين. واتبع طريقا مختلفا عن طريق طارق، حيث فتح العديد من المدن، بما في ذلك إشبيلية وباجة وقرمونة. والتقى طارق به في طلبيرة، وسارا معا إلى طليطلة، ونجح في فتح سرقسطة، واتخذوا إشبيلية قاعدة لهم.
وفاته: مات في طريقه للحج عام 97 هجريًا.