الشمال الإيطالي هي منطقة جغرافية في الجزء الشمالي من إيطاليا غير إدارية، وتتألف من ثماني مناطق إدارية في شمال إيطاليا، وهي وادي أوستا، بيدمونت، ليغوريا، لومبارديا، إميليا رومانيا، فينيتو، فريولي فينيتسيا جوليا وترينتينو ألتو أديجي/سودتييرول، وفي عام 2014 كان عدد سكانها 27،801،460، وتتحدث اللغات الرومانسية الرايتو والجالو-إيطالية في المنطقة بدلا من اللغات الإيطالية الدلماسية المستخدمة في بقية إيطاليا، وتستخدم الهيئة الإحصائية الوطنية الإيطالية (ISTAT) المصطلحين “شمال غرب إيطاليا” و “شمال شرق إيطاليا” لوصف اثنتين من الخمس مناطق إحصائية في إيطاليا، وتستخدم هذه التقسيمات الفرعية نفسها لتحديد أسماء وحدات المستوى الإقليمي لوحدات الإحصاء (NUTS) من المستوى الأول داخل الاتحاد الأوروبي والدوائر الإيطالية للبرلمان الأوروبي .
الشمال الايطالي “شمال ايطاليا”
لقد اختلفت تسمية شمال إيطاليا عبر مختلف الفترات التاريخية، ففي العصور القديمة استخدم المصطلح “سيزالبين جول” للإشارة إلى الجزء الذي كان يسكنه السلتيون (جول) في القرنين الرابع والثالث قبل الميلاد، والذي احتلته الجمهورية الرومانية في عام 220 قبل الميلاد وحتى 42 قبل الميلاد عندما دمجته في إيطاليا الرومانية. وقبل ذلك الوقت، كان جزءا من بلاد الغال وتحديدا الجزء الذي يقع من ناحية المرتفعات الجبلية الجنوبية بالنسبة للرومان، بينما يشير مصطلح بلاد الغال إلى الجانب الآخر من جبال الألب .
بعد سقوط الإمبراطورية الرومانية ومستوطنة اللومبارد، استخدم اسم `لانجوبارديا مايور` في العصور الوسطى المبكرة لتحديد مناطق مملكة اللومبارد في شمال إيطاليا. وكانت مناطق اللومبارد الخارجية تعرف باسم دوقات سبوليتو وبينيفينتو. وفي العصور الوسطى المتأخرة، بعد سقوط الجزء الشمالي من مملكة اللومبارد وتحت سيطرة شارلمان، استخدم مصطلح `لونغوبارديا` للإشارة إلى شمال إيطاليا داخل مملكة إيطاليا في العصور الوسطى. وعندما تم تقسيم المنطقة إلى ولايات إقليمية، أصبح مصطلح `اللومباردية` يشير فقط إلى منطقة دوقات ميلانو ومانتوا وبارما ومودينا والمناطق المحيطة بها .
في نهاية العصر الحديث، تم استخدام مصطلح `إيطاليا العليا` على نطاق واسع أثناء الحرب العالمية الثانية، واعتبارا من الستينيات، استخدم أحيانا مصطلح `بادانيا` كمرادف جغرافي لوادي بو. واستخدم المصطلح بشكل اقتصادي حتى أوائل التسعينيات عندما اقترحت ليجا نورد، وهي حزب فيدرالي وأحيانا حزب سياسي انفصالي في إيطاليا، استخدام `بادانيا` كاسم محتمل لدولة مستقلة في شمال إيطاليا. ومنذ ذلك الحين، اكتسبت الكلمة دلالات سياسية قوية .
تاريخ الشمال الايطالي
1- العصور القديمة والعصور الوسطى
في العصور قبل الرومانية، كانت تسكن هذه المنطقة أمم متنوعة، بما في ذلك شخصيات البندقية القديمة، التي ازدهرت من خلال التجارة بالعنبر وتربية الخيول، وأتروريين الذين استعمروا شمال إيطاليا من توسكانا، وأسسوا مدينة بولونيا ونشروا استخدام الكتابة. في وقت لاحق، في القرن الخامس قبل الميلاد، غزت قبائل سلتيك غالي المنطقة، وأسس هؤلاء الأشخاص العديد من المدن مثل تورينو وميلانو، وامتد حكمهم من جبال الألب إلى البحر الأدرياتيكي، وتوقف نموهم بسبب التوسع الروماني في وادي بو منذ القرن الثالث قبل الميلاد .
بعد مقاومة دامت قرونا، في عام 194 قبل الميلاد أصبحت المنطقة بأكملها في شمال إيطاليا مقاطعة رومانية تدعى غاليا سيسالبينا (الغال على الجانب الداخلي من جبال الألب بالنسبة لروما)، وسادت الثقافة الرومانية واللغة الرومانية على الحضارة السابقة في السنوات التالية، وأصبحت شمال إيطاليا واحدة من أكثر المناطق تطورا وثراء في النصف الغربي من الإمبراطورية، وذلك من خلال بناء شبكة واسعة من الطرق وتطوير الزراعة والتجارة، وفي العصور القديمة المتأخرة تم تأكيد الدور الاستراتيجي لشمال إيطاليا من خلال نقل عاصمة الإمبراطورية الغربية من روما إلى مديلانوم في عام 286، ثم إلى رافينا من عام 402 حتى انهيار الإمبراطورية في عام 476 .
2- عصر النهضة
في القرن العاشر، كانت شمال إيطاليا تخضع لحكم الإمبراطورية الرومانية المقدسة، ولكنها في الواقع كانت مقسمة إلى عدد كبير من دول المدن الصغيرة المستقلة ذاتيا، والكوميونات في العصور الوسطى والجمهورية البحرية. شهدت شمال إيطاليا في القرن الحادي عشر طفرة كبيرة في الاقتصاد، ونتيجة للابتكارات التجارية والزراعية المتزايدة، ازدهرت الثقافة أيضا مع تأسيس العديد من الجامعات، بما في ذلك جامعة بولونيا، وهي أقدم جامعة في أوروبا. كما جعل الثراء المتزايد لدول المدينة قادرة على تحدي القوة الإقطاعية التقليدية، التي تمثلها الأباطرة الألمان وأتباعهم المحليون، وأدى ذلك إلى إنشاء اتحادات لومبارد مختلفة شكلتها مدن لومباردي الحليفة لهزيمة الإمبراطور هوهنشتاوفن فريدريك الأول .
3- التاريخ الحديث
بعد الثورة الفرنسية في أواخر القرن الثامن عشر، احتلت الجيوش الفرنسية شمال إيطاليا، ونشأت العديد من الجمهوريات العميلة التي أسسها نابليون. وفي عام 1805، تم إنشاء مملكة إيطالية جديدة من شمال إيطاليا وبييمونتي الذي ضم إلى فرنسا، واختار نابليون ميلان عاصمة لهذه المملكة وأصبح رئيسا للدولة. وفي مؤتمر فيينا، تم استعادة مملكة سردينيا وتوسيعها بضم جمهورية جنوة لتعزيزها كحاجز ضد فرنسا، وكان شمال إيطاليا الباقي تحت الحكم النمساوي، إما مباشرة كما في مملكة لومباردو البندقية، أو غير مباشرة كما في دوقات بارما ومودينا، وكانت بولونيا ورومانيا تابعتين لدولة البابوية .