تفسير قول الله تعالى ” وهديناه النجدين “
يذكر الله تعالى في القرآن الكريم في سورة البلد الآية العاشرة: `وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ`، وسوف نقدم تفسيرًا مفصلًا لهذه الآية.
تفسير الطبري للآية التي تقول `وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ`
في تفسير و تأويل قول الله عز و جل: “و هديناه النجدين” يقول ابن جرير الطبري أن المقصود هو “و هديناه الطريقين، حيث ان معنى كلمة النجد هو الطريق الذي يرتفع، و اختلف أهل العلم في تفسير معنى ذلك، حيث قال البعض منهم أن المعني في هذه الآية يقصد به نَجْد الخير، و نَجْد الشرّ، و يستدلون على ذلك بقول الله عز و جل في موضع آخر: “إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَ إِمَّا كَفُورًا”، و قال بعض اهل العلم ان النجدين هم الهدى و الضلالة،
و يذكر الطبري حديث عمران بن موسى، قال: ذكر عبد الوارث، أن يونس أخبره، أن الحسن قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: “هما نجدان: نجد خير، ونجد شر، فما جعل نجد الشر أحب إليكم من نجد الخير”. وقد رجح الطبري هذا القول على أنه الصواب، وأن النجدين هما نجد الخير ونجد الشر، واستدل أيضا بأن الله يحصي النعم على عباده في آية أخرى، فقال: “إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا * إنا هديناه السبيل”، حيث عدد الله الهداية للإنسان إلى سبيل الخير من نعمه، وكذلك قول الله عز وجل: “وهديناه النجدي.
تفسير ابن كثير للآية “وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ
يقول العلامة ابن كثير في تفسير قول الله عز و جل: “و هديناه النجدين”، أن سفيان الثوري قال عن عاصم ، عن زر ، عن عبد الله ابن مسعود أنه قال هما الخير و الشر، و هو قول كل من علي و ابن عباس و مجاهد و عكرمة، و أبي وائل و أبي صالح و محمد بن كعب و الضحاك و عطاء الخراساني.
تفسير السعدي للآية الكريمة
فسر السعدي في كتابه قول الله عز و جل: “وَ هَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْن” حيث النجدين هما طريقين اثنين، طريق الخير و طريق الشر، فالله سبحانه و تعالى بين للاسان الهدى من الضلال، و الرشد من الغي، و هذه المنن الجزيلة تقتضي من العبد أن يقوم بحقوق الله، و يشكر الله على نعمه، و أن لا يستعين بها على معاصيه ، و لكن هذا الإنسان لم يفعل ذلك.
اعراب آية “و هديناه النجدين”
الواو هي حرف عطف، وفعل هدى في الماضي وفاعله والنجدين هما مفعولان بهما الأول للفعل هدى والثاني للفعل هدى. وقول الله عز وجل: `وهديناه النجدين` هو جملة متصلة بالآية التي قبلها، حيث يقول الله عز وجل: `ألم نجعل له عينين ولسانا وشفتين وهديناه النجدين`.
تفسير قوله تعالى “وهديناه النجدين” من خلال الوسيط
الله تعالى حين قال: “و هديناه النجدين” فهذه الآية بيان لنعمة أخرى من نعم الله عز و جل، و هي أجل النعم و أعظمها، و هي نعمة الهدتية إلى الطريق الصواب، و النجد في اللغة العربية هي الأرض المرتفعة، و جمع كلمة نجد نجود، و قد سميت بلاد نجد بها الاسم مثلا لأنها مرتفعة عن ما حولها من البلاد، و المراد بالنجدين هنا هو طريق الخير و طريق الشر، أى أننا هدينا هذا الإنسان و أرشدناه إلى طريق الخير و الشر، عن طريق رسلنا الكرام، و عن طريق ما منحناه من عقل، يميز به بين الحق و الباطل، ثم وهبناه الاختيار لأحدهما، كما قال تعالى: “إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَ إِمَّا كَفُوراً”.