تفسير قول الله تعالى ” ولمن خاف مقام ربه جنتان “
يقول الله تعالى في كتابه العزيز: ومن يخاف مقام ربه، فله جنتان”، وهي الآية رقم 46 في سورة الرحمن في الجزء السابع والعشرين من القرآن الكريم. وسوف نعرض تفسير هذه الآية كما ورد في تفسير ابن كثير وتفسير الإمام القرطبي.
تفسير ابن كثير لآية `ولمن خاف مقام ربه جنتان`
قال ابن كثير في تفسيره للقرآن الكريم أنهما أخبرا أن هذه الآية نزلت في الصديق أبي بكر، وقال آخرون مثل محمد بن مصفى أنها نزلت في الرجل الذي قال: `أحرقوني بالنار لعلي أضل الله`، وبعدما تاب الرجل وتوبته قبل الله، وأضاف ابن كثير أن الرأي الأكثر شيوعا هو أن الآية تشمل كل من يخشى الله ولا يغره متاع الدنيا، ويعلم أن الآخرة هي دار البقاء، ويؤدي الفرائض ويتجنب المحرمات، فسيكون له عند ربه جنتان كجزاء.
حديث رسول الله عن الجنتان
و في صحيح البخاري عن أبي بكر بن عبد الله بن قيس عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: “جنتان من فضة آنيتهما و ما فيهما، و جنتان من ذهب آنيتهما و ما فيهما، و ما بين القوم و بين أن ينظروا إلى ربهم عز و جل إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن”، و عن أبي الدرداء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ يوما هذه الآية: “و لمن خاف مقام ربه جنتان”، فقال أبو الدرداء: “و إن زنى و إن سرق؟”، فقال صلى الله عليه و سلم: “و لمن خاف مقام ربه جنتان”، فقال أبو الدرداء ثانية: ” و إن زنى و إن سرق؟”، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: “و لمن خاف مقام ربه جنتان”، فقال أبو الدرداء ثالثة: “و إن زنى و إن سرق يا رسول الله؟”، فأجابه رسول الله: “و إن رغم أنف أبي الدرداء”.
تفسير الآية يشمل الإنس و الجن
تعتبر هذه الآية من الأدلة القاطعة على أن الجن يدخلون الجنة، فالآية بحسب تفسير ابن كثير تشمل الإنس و الجن معا، فالجن يدخلون الجنة إذا اتقوا الله و خافوا منه، و من يخشى الله جزاؤه الجنة، فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: “من خاف أدلج و من أدلج بلغ المنزل، ألا إن سلعة الله غالية ألا إن سلعة الله الجنة”.
تفسير القرطبي لآية `ولمن خاف مقام ربه جنتان`
يقول القرطبي في تفسيره للقرآن الكريم أن آية و لمن خاف مقام ربه جنتان فيها معنى الجزاء بالجنة لمن يخشى الله، و ذلك بشرط أن يكون قد أدى الفرائض المكتوبة عليه، و يقال أن كل من يخاف له جنتان، و يقال أن الخائفين كلهم لهم جنتان، و لكن القرطبي يرجح الرأي الأول، و روي عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال: “الجنتان بستانان في عرض الجنة كل بستان مسيرة مائة عام في وسط كل بستان دار من نور و ليس منها شيء إلا يهتز نغمة و خضرة ، قرارها ثابت و شجرها ثابت”، و قيل إن الجنتين جنته التي خلقت له و جنة ورثها، و قيل أيضا أن إحدى الجنتين منزله و الأخرى منزل أزواجه كما يفعله رؤساء الدنيا.