تفسير قول الله تعالى ” فلما قضى زيد منها وطرا “
في سورة الأحزاب، الآية السابعة والثلاثون، قال الله تعالى: `فلما قضى زيد منها وطراً زوجناكها لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواجأدعيائهم عندما يطلقونهن وطراً، وكان أمر الله مفعولاً.
تفسير قوله تعالى ” فلما قضى زيد منها وطرا “
تفسير الطبري
قام الطبري بتفسير قول الله تعالى “فلما قضىٰ زيد منها وطرا زوجناكها لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرا ۚ وكان أمر الله مفعولا”، حيث ذكر ابن زيد: أن النبي صلى الله عليه وسلم زوج زيد بن حارثة من زينب بنت جحش، ابنة عمته، وفي يوم ما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد زيد وكان على الباب ستر من شعر فرفعته الريح وانكشف، وكانت زينب في حجرتها وحزينة، وأحس النبي صلى الله عليه وسلم بالإعجاب تجاهها، فعندما حدث ذلك لم تعد ترغب في زوجها، وجاء زيد فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم برغبته في الانفصال عن زوجته، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: “ما دامت عندك زوجة فلا تطلقها”، وذلك خوفا من أن يكون هناك حرج على المؤمنين في أزواجهم السابقات إذا تزوجوا من زوجاتهم بعد الطلاق، وهذا ما قال الله تعالى: “وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه”، ويجب على الزوج الحفاظ على زوجته حتى يتمكن من تجنب المشاكل.
فسر قوله تعالى (زَوَّجْنَاكَهَا) : زوجناك زينب بعدما طلقها زيد، وتفسير قوله تعالى “لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ” هو أنه يُسمح بزواج النساء اللاتي تزوجن منهم بالتبني وليسمن بنيتهم، وذلك لعدم وجود حرج على المؤمنين .
وفسر قوله تعالى ( إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا ) : إذا قضت النساء حوائجهن وآراؤهن وتركن الحياة الزوجية والزواج لغيرهن، ولم يكن ذلك بسبب نزول أمر منهن أو عليهن، فذلك مما قضاه الله ويتحقق بالضرورة. وتفسير قوله تعالى “وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعولًا” يعني أن ما قضاه الله من قضاء سيُنفذ بالتأكيد.
قيل عن قتادة في تفسير قوله تعالى (لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرا): إذا طلقوا زوجاتهم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تزوج زيد بن حارثة. وقال ابن زيد في تفسير قوله تعالى (فلما قضى زيد منها وطرا): إذا كان ذلك من شأنه، ليس عليكم أي مسؤولية، فذلك هو قول الله واستثناء أبنائكم الذين ينتمون إليكم .
قيل عن محمد بن عبد الله بن جحش : تفاخرت عائشة وزينب، فقالت زينب : أنا الذي نـزل تزويجي، قيل عن الشعبي : كانت زينب زوج النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم تقول للنبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم : إني لأدل عليك بثلاث ما من نسائك امرأة تدل بهن، إن جدي وجدك واحد، وإني أنكحنيك الله من السماء، وإن السفير لجبرائيل عليه السلام.
تفسير ابن كثير
فسر ابن كثير قوله تعالى : (فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها)، يعني عندما انتهى زيد منها وانتهى زواجهما، وقيل عن أنس رضي الله عنه: عندما انتهت عدة زينب، قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم لزيد بن حارثة: ”اذهب فاذكرها علي“، فذهب حتى وصل إليها وهي تخمر عجينها، فقال: فلما رأيتها عظمت في صدري – حتى لم أستطع أن أنظر إليها – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرها، فلفتها ظهري ونكصت على عقبي، وقلت: يا زينب أبشري، أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم لأذكرك، فقالت: ما أنا بصانعة شيء حتى أأمر ربي عز وجل، فذهبت إلى مسجدها ونزل القرآن، وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل عليها بغير إذن، ورأيتنا حين دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم أطعمنا عليها الخبز واللحم، وخرج الناس وبقي رجال يتحدثون في البيت بعد الطعام، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يتتبع حجر نسائه يسلم عليهن، ويقول: يا رسول الله كيف وجدت أهلك؟ فما أدري أنا أخبرتهم أن القوم خرجوا أو أخبر، فذهب حتى دخل البيت، فذهبت معه وألقى الستر بيني وبينه ونزل الحجاب، ووعظ الناس بما وعظ بهم: (لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم) .
قيل إن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كانت زينب بنت جحش تتفاخر بزيجاتها مع أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، حيث تقول `أزواجكن هم أهلكن، وأما زواجي فقد تم بفضل الله من فوق السماوات السبع`. وقيل عن محمد بن عبد الله بن جحش أيضا أنه قال: زينب وعائشة تفاخرتا، فقالت زينب رضي الله عنها: `أنا التي نزل تزويجي من السماء`. وقالت عائشة: `أنا التي نزل عذريتي من السماء`. واعترفت زينب بذلك .