تفسير قول الله تعالى رب المشرقين ورب المغربين
يقول رب العزة في سورة القلم الآية 17: `رب المشرقين ورب المغربين`، وسنشرح معنى هذه الآية وتفسير العلماء لها باستخدام كتب التفسير لابن كثير والسعدي والطبري والقرطبي وغيرهم.
تفسير ابن جرير الطبري
يقول الامام العلامة أبو جعفر ابن جرير الطبري في تأويل قول الله عز و جل: “رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَ رَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ”، أن الله سبحانه و تعالى يخبرنا جميعا انسا و جانا بأنه هو رَبُّ المَشْرقَينِ، و يعني بالمشرقين في الاية الكريمة مشرق الشمس في فصل الشتاء، و مشرقها ايضا في فصل الصيف، و عن قول الله عز و جل: “وَ رَبُّ المَغْرِبَينِ”، فإنه تعالى يقصد انه ربّ مغرب الشمس في فصل الشتاء، و رب مغرب الشمس في فصل الصيف.
و يقال ايضا في تفسير قوله عز و جل: “رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَ رَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ” كما ذكر الطبري في تفسيره أنها يقصد بها “مشارق الصيف و مغارب الصيف، و هما مشرقان تجري فيهما الشمس ستون و ثلاث مئة في ستين و ثلاث مئة بُرْج، لكلّ برج مطلع، لا تطلع يومين من مكان واحد. و في المغرب ستون و ثلاث مئة برج، لكل برج مغيب، لا تغيب يومين في برج”.
و في رأي مجاهد أنها تعني مشرق الشتاء و مغربه، و مشرق الصيف و مغربه كذلك، و كذلك قال قتادة، و يقول ابن جرير الطبري أيضا في كتابه: “حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في تفسير قول الله عز و جل: “رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَ رَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ” أن الله تعالى يقصد بالمشرقين أقصر مشرق في السنة، و أطول مشرق في السنة، و كذلك يقصد بالمغربين أقصر مغرب في السنة، و أطول مغرب في السنة.
تفسير العلامة السعدي
يقول السعدي في كتابه تيسير المنان في تفسير كلام الرحمان، في تفسير قول الله عز و جل: “رب المشرقين و رب المغربين”، أنه تعالى هو رب كل ما أشرقت عليه الشمس و القمر، و الكواكب النيرة، و رب كل ما غربت عليه، [و كل ما كانا فيه] فهي تحت تدبيره و ربوبيته، و عن التثنية في هذه الآية يقول السعدي أن سببها هنا لإرادة العموم أي مشرقي الشمس شتاء و صيفا، و مغربها كذلك شتاء و صيفا.
تفسير القرطبي
في تفسير قوله تعالى: يقول القرطبي إن عبارة `رب المشرقين ورب المغربين` تعني أن الله سبحانه وتعالى هو رب المشرقين، كما ذُكر في سورة الصافات في الآية التي تقول `وَرَبُّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ`.
يقول العلامة ابن كثير في تفسيره لآية: ” رب المشرقين و رب المغربين”، أن الله تعالى أراد هنا مشرقي الصيف و الشتاء و مغربي الصيف و الشتاء، و قد ذهب ابن كثير ايضا نفس مذهب القرطبي فربط بين تفسير هذه الآية و تفسير قوله: “فلا أقسم برب المشارق و المغارب”، و وضح أنه نظرا لاختلاف مطالع الشمس و تنقلها في كل يوم و بروزها منه إلى الناس، كما ذكر ابن كثير ايضا قول الله عز و جل: “رب المشرق و المغرب لا إله إلا هو فاتخذه وكيلا”، و وضح ان المراد هنا هو جنس المشارق و المغارب، و لما كان في اختلاف هذه المشارق و المغارب مصالح للخلق من الجن و الإنس.