تفسير قوله الله ” ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق “
يقول الله تعالى في سورة الإسراء في الآية الحادية والثلاثين: `ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق، نحن نرزقهم وإياكم، إن قتلهم كان خطأ كبيرا`. وفيما يلي تفسير هذه الآية الكريمة.
ما هو تفسير قول الله ” ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق “
تفسير الطبري
فسر الطبري قوله تعالى (ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق) بأن (تقتلوا) هنا نصب عطفا على عدم العبادة، وتعني قوله تعالى (خشية إملاق) أي خوفا من الفقر، حيث كان العرب يقتلون الإناث خوفا من عدم قدرتهم على الإنفاق عليهن.
قيل عن قتادة في قوله تعالى ( وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ) : أي خشية الفاقة وقد كان أهل الجاهلية يقتلون أولادهم خشية الفاقة، فوعظهم الله في ذلك، وأخبرهم أن رزقهم ورزق أولادهم على الله، فقال ( نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا ).
يزعم أن قتادة قال في تفسير قوله تعالى (خَشْيَةَ إمْلاقٍ) أن الناس كانوا يقتلون البنات، وقال مجاهد أنهم كانوا يخافون الفقر والعوز لذلك لا يقتلون أولادهم، وأيضًا ذكر ابن عباس أن المراد بـ (خَشْيَة إِمْلاقٍ) هو الفقر.
وقال الله تعالى (إن قتلهم كان خطئا كبيرا)، فقد تم تلافيظها بطرق مختلفة، حيث قرأها أهل المدينة والعراق (إن قتلهم كان خطئا كبيرا) بتشديد الخاء في الخطئ وسكون الطاء. وإذا قرأتها بهذه الطريقة، يمكن أن يكون لها تأويلان: الأول أن تكون اسما مشتقا من قول الشخص: “أخطأت، فأنا أخطأ”، وتعني المذنب والآثم. وفي العربية يقال: “خطئت” إذا أذنبت عمدا، و”أخطأت” إذا وقع منك خطأ غير مقصود.
والتأويل الثاني هو أن يكون بمعنى خَطَأ بفتح الخاء والطاء كما قيل : قِتْب وقتب وحِذَر، ونجِس ونَجَس، والخطء بالكسر اسم، والخطأ بفتح الخاء والطاء مصدر من قولهم : خَطِئ الرجل وقد يكون اسما من قولهم : أخطأ، فأما المصدر منه فالإخطاء، وقد قيل : خطئ بمعنى أخطأ، كما قال الشاعر :
يا لَهْفَ هِنْدٍ إِذْ خَطِئْنَ كاهِلا
وقرأ ذلك بعض أهل المدينة (إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خَطَأً) بفتح الخاء والطاء مقصورا على توجيهه إلى أنه اسم من قولهم أخطأ فلان خطأ، وقد قرأ بعض قراء أهل مكة (إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خَطَاءً) بفتح الخَاء والطاء، ومد الخَطَاء بنحو معنى من قرأه خطأ بفتح الخاء والطاء، غير أنه يخالفه في مدّ الحرف.
كان أغلب أهل العلم في الكوفة والبصرة يرون أن الخطأ والخطء لهما معنى واحد، ولكن بعضهم يزعم أن الكلمة “الخطء” بكسر الخاء وسكون الطاء في القراءة هي الأكثر شيوعًا، بينما الكلمة “الخِطْء” بفتح الخاء والطاء في الكلام العام هي الأكثر شيوعًا
قيل عن مجاهد في قوله تعالى (خِطْأً كَبِيرًا) : أي خطيئة، وقد قيل أيضاً عن مجاهد في قوله تعالى (إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا): خطيئة، وقال ابن عباس في قوله تعالى (خِطأ): أي خطيئة.
تفسير ابن كثير
ابن كثير شرح قول الله تعالى: `ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق ۖ نحن نرزقهم وإياكم ۚ إن قتلهم كان خطيئة كبيرة`، حيث يدل هذا الآية على رحمة الله سبحانه وتعالى بعباده، ويحث على عدم قتل الأبناء خشية الفقر، ويوصي بالتركة لأن الجاهلية كانوا يحرمون التركة على البنات ويقتلونهم خوفا من الفقر، ويخبرهم بأنهم لا يحتاجون للقلق لأن الله تعالى هو الذي يرزقهم، ويأتي ذلك وفقا لقوله تعالى في سورة الأنعام: `نحن نرزقهم وإياكم` .
وقد فسر قوله تعالى (إن قتلهم كان خطئا كبيرا) : يعد قتل الأطفال ذنبا عظيما، وقد سئل عبد الله بن مسعود عن الذنب الأكبر، فقال: “أن تجعل لله ندا وهو خلقك”. ثم قال: “وأن تقتل ولدك خوفا من أن يشاركك الطعام”. ثم قال: “وأن تزني بحليلة جارك