اسلامياتالقران الكريم

تفسير ” فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم “

يسمح لمن اضطر في موقف ضروري لتناول شيء من المحرمات في مخمصة غير متجانفة لإثم، بتناول ذلك شريطة أن لا يكون متعاطيًا لمعصية الله. وإذا كان متعاطيًا لمعصية الله، فلا يحل له تناول المحرمات.

الهدي القرآني في الآية:
وفيه يوجه الله تعالى كلامه إلى المؤمنين الذين نزل فيهم الحكم بتحريم الميتة والدم و لحم الخنزير وما أهل لغير الله والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة أنه من احتاج أي دعته الضرورة إلى تناول شيء من هذه المحرمات فله تناول ذلك، والله غفور رحيم له؛ لأنه تعالى يعلم حاجة عبده المضطر، وافتقاره إلى ذلك فيتجاوز عنه ويغفر  له، وقد جاء عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صل الله عليه وسلم: «إن الله يحب أن تؤتى رخصته، كما يكره أن تؤتى معصيته» وفيه أيضًا: «من لم يقبل رخصة الله كان عليه من الإثم مثل جبال عرفة».

متى يصبح تناول الميتة واجبًا

قال الفقهاء: قد يصبح تناول اللحم الميت واجبا في بعض الأحيان، إذا كان الشخص يخاف على حياته ولم يجد طعاما آخر. وقد يكون مستحبا أو جائزا في بعض الحالات. وقال الشافعي رحمه الله: “إذا كان الشخص مضطرا لتناول اللحم الميت، فإن ذلك جائز له”. وليس شرطا أن يمر على الشخص ثلاثة أيام بدون طعام ليتناول اللحم الميت. وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الميتة، فقال: “إذا لم تجدوا شيئا آخر، فكلوها، فإنها لكم حلال”.” وأيضا قال: “عن أبي واقد الليثي، قالوا: يا رسول الله! نحن في بلدة تصيبنا بها المخمصة، فمتى يحل لنا تناول الميتة؟” فقال: “إذا لم تصبحوا، ولم تمسوا، ولم تحتفلوا، فاذهبوا بحاجتكم إليها”.” والتصبح: الفطور، والمساء: العشاء.

ومنه أيضًا أن رجلًا من الأعراب أتى النبي صل الله عليه وسلم، يستفتيه في الذي حرم الله عليه، والذي أحل له، فقال النبي صل الله عليه وسلم: «تحل لك الطيبات وتحرم عليك الخبائث، إلا أن تفتقر إلى طعام لا يحل لك، فتأكل منه حتى تستغني عنه» فقال الرجل: وما فقري الذي يحل لي؟ وما غناي الذي يغنيني عن ذلك؟ فقال النبي صل الله عليه وسلم: «إذا كنت ترجوا نتاجًا، فتبلغ بلحوم ماشيتك إلى نتاجك، أو كنت ترجو غنى، تطلبه فتبلغ من ذلك شيئًا، فأطعم أهلك ما بدا لك حتى تستغني عنه» فقال الأعرابي: ما غناي الذي أدعه إذا وجدته؟ فقال النبي صل الله عليه وسلم: « إذا أرويت أهلك غبوقًا من الليل، فاجتنب ما حرم الله عليك من طعام، وأما مالك فإنه ميسور كله ليس فيه حرام».

العاصي ليس له رخصة

في تفسير بن كثير للآية، ورد أن الله تعالى يقول: {غير متجانف لإثم} أي ليس متعمدا لارتكاب معصية الله، فإن الله يبيح ذلك له ولا يبيحه للآخر، كما ذكر الله تعالى في سورة البقرة {فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم (173)}، {فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن ربك غفور رحيم} [الأنعام:145]. ويستنتج من ذلك بعض الناس أن المعاصي لا تجوز أثناء السفر، والله أعلم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى