تفاصيل الحوار الذي دار بين النجاشي والمسلمين وكفار قريش
بعد أن تعرض المشركون للمسلمين في مكة للاضطهاد بشكل كبير، وكانت هذه التجربة صعبة جدا على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى أصحابه، حيث كانوا يتعرضون للأذى، وكان النبي لا يستطيع حمايتهم أو القتال من أجلهم، فنصح النبي الأصحاب قائلا: “إذا خرجتم إلى أرض الحبشة، فإن بها ملكا لا يظلم أحدا، وهي أرض صادقة، حتى يجعل الله لكم مخرجا من مأزقكم الحالي.
الهجرة الى الحبشة
خرج أول فوج من المهاجرين المسلمين إلى الحبشة، وكان من بينهم رقية بنت محمد صلى الله عليه وسلم، وكانت بصحبة زوجها عثمان بن عفان، وابن خالها الزبير بن العوام هاشم، ومصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف.
خرج من بني شمس، أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة، وهو شقيق هند وصهر أبي سفيان بن حرب، وكانت معه زوجته سهيلة بنت سهيل بن عمرو العامري، ومن بني زهرة خرج أيضًا عمَّ المصطفى صلى الله عليه وسلم، عبد الرحمن بن عوف الزهري.
خرج من بني مخزوم، اصهار النبي، أبو سلمة بن عبد الأسد بن هلال، وابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، برة بن عبد المطلب، وكان برفقة زوجته ام سلمة، وكانت هند بنت زاد الركب، زوجة أبي أمية بن المغيرة المخزومي.
وصولهم الى الحبشة
وصل المسلمون إلى الحبشة بعد مشقة كبيرة في الطريق وألم فراق الأهل والدار، ولكن كانت تلك الهجرة في سبيل الله ودعوته، ولكن لم يتركهم الكفار والمشركون، بل بعثوا خلفهم وفدا من قريش، وقد اصطحبوا معهم بعض الهدايا للنجاشي وبطارقته من أفضل ما يوجد في أسواق مكة، وقد قاموا بتقديم الهدايا للبطارقة الذين قبلوا الهدايا بترحيب كبير، وقد تقدموا ليقدموا الهدايا للنجاشي، وقد وضعوها بين يديه، وقد قالوا له: `أيها الملك، قد أتوا إلى بلدك غلمان منا سفهاء، فارقوا دين قومهم ولم يدخلوا في دينك، وجاءوا بدين ابتدعوه لا نعرفه نحن ولا أنت.
وقد قالوا إننا أرسلنا إليكم أشرف قومهم من آبائهم وأعمامهم وعشائرهم لتردوهم إليهم، وقد أيدت كلامهم البطارقة المرتشون.
حوار النجاشي مع المسلمين
رفض النجاشي تسليم المسلمين الذين لجؤوا إليه إلى الكفار في مكة، وأكد أنه لن يسلمهم حتى يدرس قضيتهم ويستمع إلى ما يقولون، وأمر النجاشي بدعوة بعض منهم للحضور، وحضر أيضاً أساقفتهم وكتبهم الدينية.
سأل النجاشي المهاجرين: “ما هذا الدين الذي تركتموه فيه قومكم ولم تنضموا إلى ديني أو دين أي من هذه الأمم؟.
فرد عن المهاجرين جعفر بن ابي طالب وقال، أيها الملك، كنا قوما اهل جاهلية، نعبد الاصنام ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الارحام، ونسيء الجوار، ويأكل القوي منا الضعيف، فكنا على ذلك حتى بعث الله الينا رسولا منا نعرف نسبه وصدقه وامانته وعفافه، فدعانا الى الله لنوحده ونعبده ونخلع ما كنا نعبد نحن واباؤنا من دونه من الحجارة والاوثان، وامرنا بصدق الحديث وأداء الأمانة و صلة الرحم وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء، ونهانا عن الفواحش وقول الزور و اكل مال اليتيم وقذف المحصنات، وامرنا ان نعبد الله وحده لا نشرك به شيئا، وامرنا ب الصلاة والزكاة والصيام، فصدقناه وامنا به واتبعناه على ما جاء به من الله وحده لا نشرك به شيئا، وقد امرنا بالصلاة والزكاة والصيام، فصدقناه وامنا به واتبعناه على ما جاء به من الله، فعبدنا الله وحده فلم نشرك به شيئا، وحرمنا ما حرم علينا واحللنا ما احل لنا.
فعادوا علينا بالعذاب والفتنة عن ديننا، ليعيدونا إلى عبادة الأوثان ويحلوا ما كنا نحرمه من الخبائث. وعندما قهرونا وظلمونا وضاقوا علينا وحالوا بيننا وبين ديننا، خرجنا إلى بلادك واخترناك عليهم ورغبنا في العيش بجوارك، ونرجو منك ألا نتعرض للظلم عندك يا ملك.
فسأله النجاشي: هل لديك أي شيء مما جاء به عن الله لتقرأه علينا؟.
فقرا جعفر بن ابي طالب بعض الآيات من سورة مريم، وقد اغرقت عين النجاشي بالدموع عند سماعها، حتى ان اساقفته أيضا قد بكوا.
فقال النجاشي ووجه كلامه إلى الوفد من قريش: إن هذا الذي سمعت، والذي جاء به عيسى ليخرجوا من مشكاة واحدة، فلا والله لا أسلمهم إليكما ولا يكادون.
ومع ذلك، كان عمرو بن العاص ذكيا للغاية ولم يستسلم على الفور. قال للنجاشي، صديقه، في اليوم التالي: يا ملك، يقال أنهم ينطقون بكلمة عظيمة عن عيسى بن مريم. فأمره بأن يرسل إليهم ويسألهم عن ما يقولونه فيه. وبناء على ذلك، أمر النجاشي بإحضار جعفر بن أبي طالب ورفاقه من المهاجرين، حيث كانوا يعرفون مكر عمرو. اتفقوا على عدم القول بشيء يزيد عن ما يأتي به القرآن الكريم عن عيسى بن مريم. فعندما اجتمع المجلس مرة أخرى وسألهم النجاشي عن رأيهم في عيسى بن مريم، ماذا قالوا؟.
أجاب جعفر قائلا: نقول بالله ما قاله الله، وما جاءنا به نبينا صلى الله عليه وسلم، وهو عبد الله ورسوله وروحه وكلمته التي نزل بها على مريم العذراء البتول، ومن ثم مد النجاشي عودا كان في الأرض، وقال لجعفر ومن معه: بالله، ما عدا عيسى ابن مريم، ما قلتم هذا العود، فاذهبوا فأنتم آمنون في أرضي، ومن شتمكم أو سبكم فسيكون ملكي عليه غرامته، وأنا لا أريد جبلا من الذهب ولا أن أؤذي أحدا منكم.
ثم التفت إلى بطاريقه وقال لهم وهو يشير إلى وفد قريش: `اردوا عليهما هداياهما فلا حاجة لي بها، ووالله لم يأخذ الله مني رشوة عندما رد علي ملكهم، فلن آخذ رشوة فيها`.