ادب

تعريف تحقيق المخطوطات

تعد اللغة العربية هي اللغة الوحيدة التي تقدم علما لغويا لها عدد هائل من الفروع والأقسام، وهذا ما جعلها من أهم لغات العالم التي لا تضاهيها أي لغة أخرى ولا سيما أنها لغة القرآن الكريم وهي اللغة التي نطق بها سيد المرسلين عليه أفضل الصلوات والتسليم، ومن أهم العلوم التي قد تضمنتها اللغة العربية هو علم التحقيق

معنى تحقيق المخطوطات

يتم توجيه تحقيق المخطوطات لقراءتها بدقة وصحة وضبط النص بمهارة عالية للخروج به على الوضع الأصلي والحقيقي الذي تركه المؤلف، وذلك بواسطة بعض الآليات التي تتحكم في هذه العملية

أهم صفات مُحقق المخطوطات

تحقيق المخطوطات يتطلب نقل هذا المحتوى بدقة وصحة كبيرتين، ولذلك يتطلب وجود سمات وصفات هامة في الشخص الذي يتولى تحقيق المخطوطات. تلك السمات تتمثل في النقاط التالية

يجب أن يكون المتحدث على دراية كاملة بعلوم وأسس وقواعد وأصول اللغة العربية، ويجب عليه الحصول على شهادة أكاديمية بها ودراسات عليا لتحقيق ذلك

يجب الإلمام بالطريقة والأسس المستخدمة في استخدام الحبر والورق ومعرفة أهم الاختصارات والرموز في اللغة العربية، وخصوصًا في العصور التي تعود إليها تلك المخطوطات .

يتضمن علم كتابة الكتب أو نسخها المعرفة الجيدة بقوائم الكتب وفهارسها في اللغة العربية، والقدرة على التمييز بين الكتب المطبوعة والمخطوطة، وذلك يعرف بـ (ببليوجرافيا) .

يتضمن فهم أصول التحقيق والتعرف على قواعد وآليات نشر الكتب، كما يشمل معرفة الأصول والقواعد المتعلقة بذلك .

يجب على المحقق أن يلتزم بالأمانة الكاملة والتامة في نقل المعلومات، وأن يكون محايدًا في التحكيم، وعدم التأثر بميوله أو هواجسه الشخصية التي قد تؤثر على تقييمه للحقائق، ويجب عليه أيضًا أن يتميز بالنزاهة التامة في النقد .

يشكل تحقيق المخطوطات تحدًا صعبًا، إذ يتطلب نقل معلومات واردة من السلف إلى الخلف بثقة وأمانة، وبالتالي يتطلب الأمر قدرًا كبيرًا من الإخلاص والصبر والمثابرة .

يجب أن يكون موضوع الكتاب الذي يتم التحقيق فيه ينتمي إلى إحدى العلوم التي درسها المحقق، حتى يكون ملمًا بالموضوع بشكل كامل، مما يساعده على فهم الموضوع وترجمة الأجزاء الغامضة من الكتاب بشكل دقيق وصحيح بقدر الإمكان .

طريقة تحقيق المخطوطات

يتم اتباع خطوات محددة عادة عند الرغبة في تحقيق المخطوطات، وذلك على النحو التالي:

مرحلة التحقيق الابتدائي

وهنا يقوم المحقق بتحديد اسم وعنوان لمخطوطة وصاحبها ، ثم المفاضلة بين النسخ المتوفرة واختيار أكثرها صحة ؛ حيث أن الفضلية في هذه النقطة تكون للمخطوطة الكاملة دون الناقصة والأكثر وضوحًا والنسخ القديمة والتي قد قوبلت بغيرها أيضًا ، وبعض المحققون يميلون إلى استخدام النسخ المخطوطة بخط يد المؤلف .

تحديد الفروق بين النسخ

لا بُد أن يعطي المحقق جزء كبير من وقته للمفاضلة بين أنواع المخطوطات المعروضة عليه لنفس المؤلف ، ومن خلال البحث والاستكشاف في كل منهم بطريقة صحيحة سوف يتمكن من الوصول إلى أكثر المخطوطات قربًا إلى الصواب ، وتكمن أهمية تلك النقطة في أنها تعطي المحقق المصدر الأساسي الذي سوف يعتمد عليه في تحقيق المخطوطة محل النقاش .

إنشاء مسودة خاصة

أي بحث أو كتاب أو دراسة أو حتى رواية ؛ لا بد أن يسبق إصدار النسخة الأساسية منها مرحلة المسودة ؛ حيث أن المؤلف أو المحقق يقوم بتسطير كل المعلومات التي يتوصل إليها إما بخط يده أو بالاعتماد على برامج التحرير الإلكترونية ليضع تصور مبدئي لشكل تحقيق المخطوطة ، حيث يتم إجراء تحرير وتعديل على المسودة من أجل تقويم وإصلاح النص وفق بعض المصادر العلمية .

عند الانتهاء من التحقيق النهائي، يقوم المحقق بإضافة مقدمة وخاتمة واسم المؤلف والناسخ، وذكر نتائج التحقيق بشكل مختصر، ووضع قسم خاص للمراجع التي اعتمد عليها المحقق. وبهذا يصبح الكتاب جاهزًا للطباعة والنشر .

تقويم تحقيق المخطوطات

بالإضافة إلى ذلك، يوجد مجموعة من العوامل التي يجب مراعاتها عند تحقيق المخطوطات، وتشمل ما يلي:

يتطلب ذلك وضع تحقيق دقيق وصحيح لجميع الآيات القرآنية التي يعتمد عليها الكاتب، وكذلك الأحاديث النبوية الشريفة، وجميع مقاطع الشعر والأخبار وغيرها من الأجزاء التي تحتاج إلى توثيق وتحقيق .

-كما يتعريف بجميع المدن والبلدان والدولة والأماكن المذكورة في تحقيق المخطوطة، وخاصة بلدان العالم القديم التي تغيرت أسماؤها كثيرا في العصر الحالي؛ حتى يكون القارئ ملما ومتصلا أثناء القراءة بكل المعلومات الضرورية لنقل المعنى إليه .

-ومن الواجب أيضا على المحقق أن يعلق على أي جزء من النص حسب الحاجة لتوضيح فكرة أو حل لغز أو تفسير أي شيء غير منطقي في النص الأصلي، وذلك يعتمد على مهارة واحترافية المحقق .

يجب الانتباه إلى وضع علامات الترقيم، وفي الخصوص الفاصلة والنقطة وعلامة الاستفهام وعلامة التعجب والفاصلة المنقوطة وغيرها من علامات الترقيم الأخرى التي تساعد على فهم النص بدرجة أكبر وأوضح

-الاهتمام بالتنقيط والتشكيل ؛ حيث أن وضع المعلومات في صورة نقاط يكون أفضل ويصب في صالح تنظيم ووضح النص وتوصيل المعلومة إلى القارئ بشكل أكثر تنظيمًا وتفصيلًا ، والاهتمام أيضًا بتشكيل الكلمات ولا سيما في الايات القرانية والأحاديث النبوية الشريفة والكلمات التي لا بُد من تشكيلها من أجل نطقها بشكل سليم .

يجب أيضًا توضيح معاني المفردات الصعبة والمعقدة وترجمتها للأعلام، ويتم وضع هذه المسودات أو الهوامش أسفل كل صفحة .

لكي يكون الكتاب في النهاية أكثر تنظيما وترتيبا، يجب على المحقق إضافة جزء خاص للفهارس. هذا يسمح للقارئ بالوصول بسهولة وسرعة إلى أي جزء أو قسم أو معلومة داخل تحقيق المخطوطة

من الضروري بالنسبة للمحقق أن يضع أسماء المراجع وجميع المصادر التي اعتمد عليها في المخطوطة بشكلٍ منظَّمٍ وواضحٍ، مع ترقيمٍ وترتيبٍ صحيحٍ للمراجع، ويُفَضَّل استخدام صيغةٍ واحدةٍ للمراجع سواءً كانت دراساتٍ أو كتبًا أو غيرها .

شروط تحقيق المخطوطة

تتضمن شروط أخرى غير متعلقة بالمحقق نفسه وإنما تتعلق بالمخطوطة نفسها لقبولها، وتشمل أيضًا النقاط التالية:

يجب التأكد من عدم تخطيط المخطوطة مُسبقًا بواسطة محقق آخر وعدم نشرها من قبل، وذلك عن طريق الرجوع إلى الفهارس الخاصة بالمخطوطات التي تم نشرها مسبقًا والتأكد من عدم وجود المخطوطة المراد تحقيقها ضمن هذه الفهارس .

-كما يُمكن القيام بالتحقق مرة أخرى من كتاب تم نشره إذا ما كان الكتاب لم يتم تحقيقه بقدر جيد من الدقة والصحة ، ولكن ؛ لا بُد من اتباع الحياد التام وعدم هضم حق المحُقق السابق لتبرير القيام بعملية التحقيق مرة أخرى ، ويجب ان يتم الرجوع هنا إلى كبار الخبراء والأساتذة في علم التحقيق لإتاحة إعادة تحقيق المخطوطة مرة أخرى .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى