تعريف الحنيفية
معنى حنيفا
تعرف الحنيفية بأنها ملة إبراهيم عليه السلام، وهي صفة مشبهة تدل على الثبوت. كما يعرفون بالميل إلى الدين الإسلامي، وهو الدين الحق. كان أصل الحنفية هم جماعة قبل مجيء الدين الإسلامي كانوا يرفضون الكفر والوثنية. يعرفون الحنفية اصطلاحا بأنهم أتباع شريعة إبراهيم، وهي الميل عن ما كان في عصره من كفر. والكلمة “حنيف” في القاموس تعني العوج، ولكن المقصود بها اصطلاحا الميل عن الباطل والكفر والإيمان بالله وعبادته دون إشراك إله معه، كما فعل سيدنا إبراهيم مع قومه.
ابن عباس يعتبر الحنيفة من المسلمين الذين يميلون إلى جميع الأديان باستثناء الإسلام. وتعود أصول هذا المصطلح إلى الحنف، وهو انحراف أو انحراف خفي في القدم. يعني الحنيفية الابتعاد عن الباطل والميل نحو الحق. وأطلق على إبراهيم لقب “حنيف مسلم” لأنه رفض عبادة الأصنام والسجود لغير الله عز وجل. كان هو الوحيد الذي انحرف عن قومه. أمر الله المسلمين بأن يكونوا على دين إبراهيم، وهو الدين الحق، وأن يتبعوا هديه. وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم ومن تبعه من المؤمنين أن يصبحوا حنفاء مسلمين. يقول الله في كتابه العزيز: `فأقم وجهك للدين حنيفا ۚ فطرت اللـه التي فطر الناس عليها ۚ لا تبديل لخلق اللـه ۚ ذٰلك الدين القيم ولـٰكن أكثر الناس لا يعلمون`.
بعد قدوم الدين الإسلامي، بدأ استخدام مصطلح الحنفية للإشارة إلى من أسلم وحج للكعبة، وكذلك لمن يمتنع عن تناول اللحوم التي تم ذبحها بواسطة المشركين. يعني مصطلح الحنيفية باللغة عدم التمايل أو الانحراف، واصطلاحا يعني الابتعاد عن عبادة الأصنام التي حرمها إبراهيم عليه السلام.
من هو امام الحنفاء الموحدين
إبراهيم هو إمام الموحدين وأول من لقب بالحنيفة المسلم. هدى الله إبراهيم للتفكير في الوحدانية، فرفض إيمانه بألهة غير الله ورفض سجوده للأصنام التي كان يعبدها أهله والمحيطون به. في زمانه، كانوا يصنعون الأصنام من الحجارة ويعبدونها كآلهة، ولكن إبراهيم لم يشاركهم في هذا العبادة. بل فكر واستخدم عقله وفطرته ورفض هذه الوثنية والجه.
كان سيدنا إبراهيم يتأمل في خلق الأرض والسماء وتناوب الليل والنهار، حتى هداه الله تعالى ليدرك أن هناك خالق عظيم خلق كل شيء ويتحكم فيه. الله تعالى أعطاه العقل والحكمة، وجعله يقف أمام قومه ليدلهم على طريقة عبادة الله القهار، والابتعاد عن دينهم وأصنامهم التي صنعوها من الحجارة. لكنه لم يجد منهم إلا العذاب والحرق بالنار، حتى أباه لم يرحمه ولم يشفق عليه. ولكن الله كان حاميه ومنجيه، وأمر النار أن تكون عليه بردا وسلاما، وجعله أبا للأنبياء وإماما للحنفاء، وأفضل نبي لقومه، الذي يؤمن بالله الواحد القهار.
ذكر اسم إبراهيم في القرآن الكريم عدة مرات تكريما له ولإيمانه بالله ولما تحمله الأمة الإسلامية من صعوبات، فقد ذكر في سورتي المائدة والنساء مرتين، وفي سورتي آل عمران والحج والنحل ويوسف، بالإضافة إلى العديد من السور الأخرى المباركة.
الحنيفية هي ملة إبراهيم عليه السلام
الحنيفية هي الدين الذي كان عليه إبراهيم عليه السلام، حيث كان مؤمنا مخلصا، وبالتالي، أمر الله جميع الناس بأن يكونوا مؤمنين مخلصين على دين إبراهيم عليه السلام. فالله تعالى يقول في كتابه العزيز في سورة آل عمران آية 65 `أيها أهل الكتاب، لماذا تجادلون في إبراهيم ولم تنزل التوراة والإنجيل إلا بعده؟ أفلا تعقلون؟ إنكم أنتم هؤلاء الذين جادلتم في ما ليس لكم به علم، والله يعلم وأنتم لا تعلمون. إن إبراهيم لم يكن يهوديا ولا نصرانيا، بل كان مؤمنا مخلصا، ولم يكن من المشركين. إن أقرب الناس إلى إبراهيم هم الذين يتبعونه وهذا النبي والذين آمنوا، والله هو ولي المؤمنين.` والحنيف هو المسلم الذي يتجنب الشرك والكفر، ولا يقبلهما، بل يعبد الله تعالى وحده ولا يشرك به أحدا، وبالإضافة إلى ذلك، الحنيف هو الشخص الذي يتبع تعاليم الإسلام ويتسم بالتسامح والنزاهة.
: في كتاب الله العزيز، ذكر الحنيفية عدة مرات، وفي سورة النساء آية 125، يقول الله عز وجل: “ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفا ۗ واتخذ الله إبراهيم خليلا”. كما يقول عز وجل في سورة النحل 121: “إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين. شاكرا لأنعمه اجتباه وهداه إلىٰ صراط مستقيم. وآتيناه في الدنيا حسنة وإنه في الآخرة لمن الصالحين. ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين.
روى أحمد بن ابن عباس رضي الله عنه أنه سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الأديان أحب إليك؟ فأجاب: `الحنيفة السمحة`. والمقصود بالحنيفة السمحة هي ملة إبراهيم، والتي تتفق مع الفطرة الإنسانية الطيبة، حيث لا يوجد فيها تطرفٌ أو تقصيرٌ.
قال الرسول صلى الله عليه وسلم”لم أبعث باليهودية ولا بالنصرانية ولكني بعثت بالحنيفية السمحة”، وقال الرسول الكريم “أحب الأديان إلى الله تعالى الحنيفية السمحة”، كما يقول الله في كتابه العزيز في سورة الأنعام”فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ . إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ”.
وفقا لأهل العلم، يطلق على المذهب الحنيف اسمه هذا لأنه يمثل الاستقامة وعدم الانحراف، ومن جهة أخرى، يقول العالم ابن عاشور أن المراد بالحنف هو الميل في المذهب، وأن الشخص الذي لديه ميل في مشيته ينحرف عن الطريق المعتاد، وهذا اللفظ كان مديحا للأمة لأن الناس كانوا في ضلالة تامة عند ظهور دين إبراهيم، وجاءت الدين الذي يميل عنهم، فسمي بالحنيف، ثم أصبح الحنيف لفظة مدح بالغلبة.
معنى الحنيفية والحنفية
غالبا ما يخلط الناس بين الحنيفية كتعريف ومنهج لسيدنا إبراهيم عليه السلام، وبين المذهب الحنفي الذي ينتمي إليه الحنفية المتبعة للإمام أبو حنيفة النعمان. على الرغم من ذلك، تعتبر الحنيفية منهجا لجميع المسلمين كما هو معروف، وهي الميل والتمسك بالحق والابتعاد عن الباطل وكل ما يتعارض مع الدين الإسلامي. أما الحنفية، فهي مذهب ومنهج ينتميان لأحد الأئمة الأربعة، وهو أبو حنيفة، مؤسس المذهب.
المذهب الحنفي هو مذهب الإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت التيمي الكوفي، والذي تربى على أيدي صغار الصحابة، وكان مهتم منذ طفولته بمجالس العلم ودؤوب بالفقه وأصول الشريعة الإسلامية، كما أن أبو خليفة النعمان كان أشد الناس في المنطق واللغة والحجة القوية، وكان ورعا تقيا، وعندما بلغ أبو حنيفة النعمان من العلم ما أهله لتأسيس المذهب الحنفي، لم يتحدث من الهوى، ولم يقل كلمة واحدة وهو لا يعلم عنها شيء، كما إنه مذهب سني شهير يتبعه الكثير من الناس ويأخذ الناس برأيه المعتد الذي بناه على الكتاب والسنة، وتوفي أبو حنيفة النعمان عام 150ه، في بغداد، بعدما أوفى العلم حقه.