تخطيط النبي لهجرة المسلمين إلى المدينة
تتحدث السيرة النبوية عن مرحلة الهجرة وكيف كانت هذه المرحلة هي ملاذ المسلمين للابتعاد عن بطش الكفار، ويتم التخطيط لهذه المرحلة الهامة بشكل جيد ومتقن في الإسلام .
تخطيط النبي لمراحل الهجرة
أن لم يكن هناك تخطيط جيد لتلك المرحلة الهامة في تاريخ المسلمين ، بجانب حماية الله لهم لما تمكن المسلمين من تنفيذ هذا الأمر كما حدث ، و قد تجلت أسس التخطيط الناجح فيما قام به رسول الله عندما قرر الهجرة ، و قد تجلى هذا في عدد من الأمور و من بينها اختيار الرفيق المناسب قبل الهجرة ، حيث أن رسول الله حينما قرر الهجرة لم يتخذ معاونا له في الطريق ، سوى أبو بكر الصديق .
التجهيزات قبل الموعد
– لم يتم تحديد موعد الهجرة قبل اتمامه بأيام مثلما نفعل نحن في العديد من الأمور ، و لكن قد قرر رسول الله صلى الله عليه وسلم الهجرة من المدينة قبل تنفيذ هذا الأمر بشكل فعلي بأربعة أشهر ، و تم الاحتفاظ بهذا الأمر في غاية السرية ، رغبة منهم في اتمامه بنجاح .
استخدم رسول الله الحيلة الحربية لتأمين هجرته دون مفاجآت غير مرغوبة، ومن بين هذه الحيل كان طلبه لعلي بن أبي طالب بالنوم في فراشه لتحطيم رغبتهم في قتله .
دور النساء و الأطفال
– تحدث العديد من المؤرخين عن دور النساء و الأطفال في تلك الحقبة الزمنية ، بأنهم كانوا يساقوا كقطعان الأغنام في حين أن دورهم في الدين الإسلامي قد اختلف تماما ، و كان من بين النساء البارزات في هذه المرحلة السيدة عائشة و السيدة أسماء بنات أبي بكر الصديق ، و اللاتي جهزن لتلك المرحلة فهن من صنعن زواد السفر ، و يذكر أن هناك أحد الأحاديث عن لسان السيدة عائشة في هذا الصدد ، حيث قالت عن نفسها و عن أختها “فجهزناهما (أي: الراحلتان) أَحَثَّ الجَهاز (أسرعه. والجَهاز: ما يحتاج إليه في السفر)، وصنعنا لهما سُفرة (الزاد الذي يصنع للمسافر) في جِراب (وعاء يحفظ فيه الزاد ونحوه)، فقطعَتْ أسماءُ بنت أبي بكر قطعة من نطاقها، فربطت به على فم الجراب، فبذلك سميت ذات النطاقين” البخاري.
وأحد أبرز الأطفال في تلك المرحلة كان عبد الله بن أبي بكر، ذلك الصبي الصغير الذي كانت مهمته تتمثل في التحري عن أخبار قريش، ونقلها لنبي الله وصاحبه أثناء اختبائهم في غار ثور .
كان من بين الشخصيات البارزة في تلك المرحلة الراعي عامر بن فهيرة، ودوره كان يسلك الطريق الذي سار عليه النبي بقطيعه، وكان صاحبه يهدف إلى إزالة آثار أقدامهم من الأرض .
مقتطفات من التخطيط الجيد لرسول الله
– لم يعتمد رسول الله على الحماية الربانية فقط في التخطيط لأمر الهجرة ، و لكنه اعتمد على المهارة للتنفيذ ، فمثلا لم يقوم النبي و صاحبه بسلك الطريق المعروف ، من مكة المكرمة الى المدينة المنورة و لكنه حاول اللجوء لطرق مختلفة ، حتى لا يتمكن المشركين من تتبعه و لم يهتم بأن يكون دليله في هذا الطريق أحد المسلمين ، و لكنه اعتمد على رجل مشرك ، لكونه مؤتمنا متقنا لعمله ليرشدهم في طريقهم .
لم يتجه رسول الله مباشرة إلى المدينة، بل توجه أولا نحو اليمن، ثم عاد إلى المدينة، وأثناء ذهابهما قاما بالإقامة في غار ثور الصعب الوصول إليه، وقضيا فيه ثلاثة أيام معا، وكان الهدف من ذلك تضعيف عزيمة المشركين الذين كانوا يبحثون عنهما، وعندما عادا إلى مكة تمكنا من الخروج وتأمين طريق الوصول إلى المدينة .