تاريخ اللغة العربية في الجزائر
اللغة مهما كان نوعها فهي الظاهرة التي تميز المجتمعات ، وهي من العوامل الرئيسية التي تحافظ على وحدة وتماسك اي مجتمع ، و تلعب اللغة دورا هاما في عدد من السياقات التاريخية والاجتماعية والثقافية والسياسية واللغوية ، وهي تعد الرمز للهوية الوطنية وكذلك تلعب دورا هاما في الإبداع الفكري وهي الممثل الأساسي للوحدة والسياسة الوطنية ، وهي مثلت في كل ذلك دورا هاما في دولة الجزائر الشقيق .
أصل اللغة العربية في الجزائر
تمثل الحديث عن تاريخ اللغة العربية وأصلها أمرا صعبا في البحث فيه، حيث تعبر اللغة عن رغبات المجتمع، ويتم تحديدها من خلال تحديد وظائفها وتجمعاتها، وربما يكون ذلك يتطلب وجود عدة خصائص .
- – تعتبر الأسس المنظمة لجميع العلاقات التي تربط بين أفراد المجتمع على شكل نظام مشترك يتبعه المجتمع ككل .
- وهي ممثل العقل الجمعي للمجتمع
- يتعذر على الشخص الخروج من النطاق اللغوي المحدد له، وإلا سيلقى سخرية واستهزاء من الآخرين في المجتمع. ونظرا لذلك، يجب على الشخص اكتساب اللغة لأنها تمكنه من فهم العالم المحيط به منذ ولادته، وتمثل التطورات والتغيرات الاجتماعية التي تحدث في حياة الفرد، وربما هذا هو ما تسعى الاحتلال إلى تدميره والقضاء عليه داخل الدولة الجزائرية منذ زمن قديم .
يرى الكثيرون من الكتاب والمثقفين أنه كان من الضروري الحفاظ على الهوية الوطنية للشعب، وأن تلك الهوية تتمثل أساسًا في مواجهة الاستعمار ومواجهته بجميع الوسائل، والوقوف بحزم ضده. وكان الاحتلالالأجنبي يسعى للقضاء على الهوية الوطنية لدى الشعب وإفناء الفضيلة فيهم .
وعمل في ذلك بكل السبل عن طريق خلق البيئة المحيطة التي تساعد على الجهل ونشر القيم البعيدة عن الأخلاق ، والقضاء على اللغة الإجتماعية السائدة فيه التي تمثل عنصر الترابط والتماسك بين جميع أفراد الوطن ، وقام الاستعمار في ذلك بنبذ قيم العنف والبربرية والجهل ونشر لغته الإجتماعية .
بما أن اللغة العربية هي الوسيلة الرئيسية لربط الفرد بالمجتمع وتحقيق التوحد الاجتماعي، فهي وسيلة اجتماعية مهمة للغاية بالنسبة للفرد. تعبر اللغة عن رغبات الفرد وتعرض أفكاره، وتساعد في إظهار ما يدور في داخل الفرد وتوصيل صوته ورؤيته للآخرين .
نظرًا لأن الشعب الجزائري يحترم لغته الأم العربية، فكان من الضروري تعزيزها والحفاظ عليها دون أي تقليل أو اندماج لغة أخرى بها، وتحل مفردات اللغة الأخرى محل الكلمات الأصلية في اللغة العربية. ولذلك، أدرك العديد من المفكرين والمثقفين الجزائريين هذه النقاط ودافعوا عن لغتهم الأم العربية .
يعود أصل اللغة العربية الأم في الجزائر، ولعب عدد من المثقفين دورًا كبيرًا في إبراز دقة لغتهم العربية وأنها تحتوي على بلاغات لغوية رائعة، بالإضافة إلى قواعد النحو والصرف الخاصة بها. وبالتالي، حث المثقفون المواطنين الجزائريين على الحفاظ على لغتهم الأم .
أظهرت دراسات المحللين الجزائريين أن استخدام اللغة العربية يساعد على الحفاظ على هوية الوطن وأن جميع اللغات الأخرى، سواء كانت إنجليزية أو فرنسية، لا تمثل الغالبية الساحقة من هذا الشعب. وأن استخدام هذه اللغة يربط الجزائر بباقي الشعوب الأخرى ويمنحها قيمتها بين مختلف الدول الشقيقة .
تظهر اللغة العربية بدورها الرئيسي في الحفاظ على الهوية الوطنية ومواجهة الاستعمار، وهي وسيلة التعبير عن المواطنين. وتمثل اللغة العربية العروبة وتحافظ عليها، ويجب أن تكون اللغة الرسمية في جميع الهيئات والمدارس في الدولة. ومن هنا جاءت الفكرة الأساسية للحفاظ على اللغة العربية التي تمتد جذورها لمئات السنين منذ زمن القبائل وظهور الإسلام وانتشاره، كما في تاريخ اللغة العربية في مصر .
تطور اللغة العربية في الجزائر
بما أن اللغة العربية كانت الوسيلة الأولى للدفاع ضد الاستعمار، وكانت تمثل الأداة الأولى لمواجهة التوحش الاستعماري، فقد قام الاستعمار بجعل اللغةالفرنسية هي اللغة الرئيسية في الجزائر، وعمل على جعلها اللغة الرئيسية في جميع مراحل التعليم .
الهدف الأساسي من الاستعمار الغاشم كان القضاء على الذاتية الجزائرية وإنهاء الهوية الجزائرية، وذلك عن طريق إنهاء اللغة العربية ومحاربتها في المدارس، وجعل اللغة الفرنسية هي اللغة الأساسية في المدارس والفكر والاتصال والتواصل والعمل .
وكان الاستعمار له دور عدائي كبير للغاية ليس طمس اللغة العربية فحسب بل كان القضاء على الهوية الوطنية وضعف شخصية الوطن ، وعمل عدد من مراكز نشر الثقافة الفرنسية ولكن كل تلك الأمور أدت لنفور الناس منهم ، وما عمل ذلك إلا لمقاومة المواطنين الجزائريين لهم وعدم التفاعل بين الجزائرين في كل محاولات الإستعمار حتى في الدمج بين اللغة العربية والفرنسية .
ولكن المفكرين العرب بالجزائر واجه ذلك بكل حزم عن طريق توفير عدد من المراكز التي تدعو للحفاظ على اللغة العربية والحفاظ على الهوية الوطنية ، وإبراز دور أصيل لتلك اللغة وأهميته وأن هزيمة الاستعمار ستأتي عن طريق الإنتشار الواسع للغة العربية ومن هنا نمت وتطورت اللغة العربية بالجزائر عن طريق الكفاح المرير والطويل ضد الإستعمار .
على الرغم من سعي الاستعمار الكامل لإحداث عدم تكافؤ بين اللغة الفرنسية والعربية، إلا أن اللغة العربية أصبحت لغة العلوم الإنسانية في الجزائر. وأصبح مصطلح اللغة العربية شاملاً لعدد كبير من النواحي العلمية، وأصبحت أكثر استجابة لجميع متطلبات العصر .
تاريخ اللغات و اللهجات في الجزائر
هناك عدد من اللغات المنتشرة في الجزائر، وتعتبر اللغة الأمازيغية هي اللغة الأم ويتحدث بها حوالي 20% من سكان الجزائر، وفي عام 2002، أصبحت اللغة الأمازيغية اللغة الثانية بعد اللغة العربية في الجزائر، وقد تسبب ذلك في بعض المشكلات حتى تم منح اللغة الأمازيغية الشرعية الدستورية .
ولكن اللغة العربية لازالت هي اللغة الأم وهي التي يتحدث بها جميع الناس في حياتهم اليومية كما أنها تعد الشعار الأساسي الدال على الوطنية والكفاح ضد الاستعمار للحفاظ عليها ، ولكن اللغة العربية له عدد من اللهجات على حسب المنطقة المتواجد بها السكان في الشرق القسنطيني والصنف المركزي وصنف شرق والصنف المركزي .
يعود تعدد اللغات في الجزائر إلى فترة الاستعمار الطويلة التي عانت منها البلاد والتي عملت على فرض العزلة بين المواطنين والمناطق المختلفة في الدولة، بالإضافة إلى تعدد القبائل التي توجد فيها، مما يؤدي إلى عدم فهم الأشخاص للغات الأخرى التي يتحدثها سكان المناطق الأخرى .
وعلى الرغم من وجود العديد من اللغات في الجزائر، فإن اللغة الأمازيغية هي الأكثر انتشارًا، إلى جانب اللغات الشاوية والطريقية والميزابية والشلحة والنيجر .
كانت هذه هي اللهجات الشائعة بين جميع مواطني الجزائر، ولكن الأمازيغية هي اللغة الأكثر انتشارًا بين السكان، واللغات الأخرى تتحدث بها الأقليات التي قد تصل عددها إلى العشرات من الآلاف، مثل لغات قوارة وورقلة وقوسا. وعلى الرغم من أن الأمازيغية هي لغة شفوية، إلا أن ذلك لا يعني عدم وجود نظام كتابة لها .
تعتبر حروف التيفيناغ هي الأحرف الهجائية المستخدمة بشكل واسع بين القبائل البربرية، ولدى التاريخ الطويل لهذه الحروف لم تكن منتشرة بشكل كبير أو منظم. ومع ذلك، تم توثيق النصوص البربرية باللغة العربية أو اللاتينية وتعديلها على مر الزمان .
تتميز التيفيناغ بنمط كتابتها الخاص الذي يتمثل في الكتابة من اليمين إلى اليسار، مشابهًا للغة العربية، لكن تتميز الحروف التابعة لها بأنها حرة وتكتب بطريقة أفقية أو عمودية باتجاه الأعلى أو الأسفل أو بالاتجاه المعاكس، ويمكن أن تتحول باتجاه اليمين أو اليسار أو الأسفل أو الأعلى .