بحث عن تدوين السنة
السنة هي كل ما جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو عمل أو وصف أو تقرير وغيرها، وقد حفظت السنة النبوية كامل إرث الرسول الكريم محمد للمسلمين، ولذلك فإن قراءة الأحاديث الصحيحة تعطي إيحاء بالتواجد معه في نفس المكان الذي كان فيه، ولذلك فإن السنة النبوية تحظى بأهمية كبرى في التاريخ الإسلامي .
تدوين السنة النبوية
لقد أهتم المسلمون بتوثيق السنة النبوية عبر العصور المختلفة، حيث نجحوا في تطهيرها قدر المستطاع، فالسنة ليست محفوظة بنفس الطريقة كما القرآن الكريم، فهي قابلة للتغيير من خلال أعداء هذه الأمة الداخليين والخارجيين، ولذلك وضعت العديد من الضوابط العلمية والمنهجية لنقل السنة النبوية .
أهمية تدوين السنة النبوية
لقد اهتم المسلمون بالسيرة النبوية لأنها تحتوي على شرح مفصل لتعاليم الدين الإسلامي، وبعض هذه التعاليم لم يتم شرحها بالتفصيل في القرآن الكريم، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم وشرحها للمسلمين بالقول أو الفعل أو التقرير، ولم يعبر عن رفضه أو قبوله لأفعال الصحابة، والله تعالى قال: (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحى يوحى) [النجم: 3-4]، ومن أمثلة ذلك، أمر الله بالصلاة في القرآن الكريم، ولكنه لم يحدد عدد الصلوات والركعات والشروط والواجبات وأوقات الصلوات، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم وشرح كل ما يتعلق بالصلاة وكيفية أدائها
مراحل تدوين السنة النبوية
– في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم
حرص الرسول صلى الله عليه وسلم بشدة وكاملية على الحفاظ على القرآن الكريم فقط، وكان يأمر دائما الصحابة الكرام بحذف ما يزيد عن ذلك من الأحاديث والكتابات غير القرآنية ، خوفا من حدوث تعارض والتباس للأمة فيما بعد. ومع ذلك، حافظ الصحابة على أقوال وأفعال الرسول صلى الله عليه وسلم وفهموها بعقولهم وأدمغتهم. ومع ذلك، سمح الرسول صلى الله عليه وسلم لقلة من الصحابة بتدوين أقواله، حرصا على عدم حدوث الالتباس في المستقبل .
– في عهد الخلافة الراشدة
في زمن الخلافة الراشدة، لم تكن هناك محاولات لحفظ السنة النبوية وتدوينها، بل على العكس، اهتم الخلفاء الراشدون بحفظ كتاب الله وجمعه من الصدور والأدوات المختلفة، مخافة فقدانه بسبب الأحداث السياسية التي ألحقت أذىً كبيرًا بحفظة القرآن الكريم.
في عهد الخلافة الأموية
نظرا لتوسع دولة الخلافة الإسلامية في زمن الخلافة الأموية، أصبح هناك حاجة ماسة للاطلاع على إرث النبي المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم، ونظرا للحاجة الملحة لجمع وتدوين السنة النبوية، طلب الناس من الخليفة عمر بن عبد العزيز تدوينها، فسمح لهم بذلك، وأوكل هذه المهمة لعلماء المسلمين، ومن شدة رغبتهم وحرصهم الشديد على حفظ السنة وتنقيتها من أية شوائب محتملة، ظهرت لديهم ما يعرف بالإسناد، الذي حصر به الأحاديث النبوية في أضيق الحدود .
– مرحلة وضع الكتاب
تم جمع كتب علوم السنة النبوية في هذه المرحلة، حيث استطاع العلماء تجميع الجوامع والسنن والمصنفات والمسانيد وغيرها، وبالتالي لكل إمام من الأئمة كتابه الخاص الذي يحتوي على الأحاديث النبوية. تم جمع الأحاديث وفقا لشروط كل عالم من العلماء في قبول الحديث أو رده، وبعض العلماء جمعوا كل ما سمعوه ووضعوا سنده، ولذلك سميت هذه الكتب بالجوامع؛ لأنها تجمع مختلف أصناف الحديث من حيث الدقة .
– مرحلة التعديل والتنقيح والمراجعة
لقد خضعت السنة النبوية إلى العديد من عمليات المراجعة على مر الأزمنة والعصور التي قد لا نستطيع إيجاد مثلها في هذا الوقت ، على الرغم أننا في أمس الحاجة إلى استعادة السنة النبوية ، واستعادة القراءة لها ، حيث توفرت لدى أبناء هذا الوقت الحالي الكثير من المعلومات التي كانت لدى قدماء العلماء .