امثلة عن الاستعارة المكنية
الاستعارة هي لغة تستخدم للتعبير عن شيء عن طريق استخدام شيء آخر. في هذا المثال، يقال إن شخصا استعار سهما من كنانته، وهذا يعني أنه حوله إلى يده. بمعنى آخر، يحدث انتقال صفة أو شيء من الشيء المستعار إلى الشيء المستعير. يتطلب ذلك وجود صفة مشتركة أو صلة بين المعير والمستعير لإتمام الاستعارة وتوضيحها. وعلى سبيل المثال، يقول ابن الأثير في تعريف الاستعارة: `يحدث استعارة بين الناس عندما يستعير أحدهم شيئا من الآخر، ويحدث ذلك فقط إذا كان هناك سبب لمعرفة المعير بحاجة المستعير إلى هذا الشيء، وإذا لم يكن هناك سبب للمعرفة المشتركة، فإن أحدهما لن يستعير شيئا من الآخر لأنه لا يعرف ما يحتاجه حتى يستعيره
أمثلة عن الاستعارة المكنية من القرآن الكريم
وفقا لمصطلحات أهل البلاغة، الاستعارة هي تشبيه حذف منه الأجزاء اللازمة للتشبيه باستثناء وجه الشبه وأداة التشبيه والمشبه به. ومع ذلك، يجب الاحتفاظ بما يشير إلى هذا التشبيه في الكلام. وقد ذكرت الاستعارة المكنية كثيرا منذ القدم في الشعر العربي وكذلك في القرآن الكريم
- في قوله تعالى: يتضمن هذا المثل الجميل من القرآن الكريم: `(وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ)`، حيث يوجد فيه بلاغة صريحة عند استعارة المكنى بجعل الذل جناحًا، ويتم تشبيه الذل بالطائر والمشتبه به في هذا التشبيه هو الطائر نفسه.
- في قوله تعالى: (ولما سكت عن موسى الغضب)، بالرغم من إن الغضب شعورًا إلا إن الله سبحانه وتعالى صور الغضب بشخص ذو عقل وإرادة قوية مع حذف المشبه به وإلزام المشبه بصفة من صفات المشبه به إلا وهو السكوت، والبلاغة هُنا تكمن في تصوير مدى الغضب الذي أصاب سيدنا موسى عليه السلام لمد وجد قومه بني إسرائيل يعبدون غير الله.
يجدر الإشارة إلى أن الله تعالى في القرآن الكريم استخدم الاستعارة المكنية كثيرا في الأمور الخاصة بالعلاقات الجنسية، سواء كانت شرعية أم لا، ولا يتم الإشارة إليها مباشرة، ويتم استخدام الكناية بدافع الأدب والترفع عن ذكر ما قد يكون غير مناسب للذكر بوضوح. ونرى ذلك فيما يلي
- قال تعالى (ولا تواعدوهن سرًا إلا أن تقولوا قولًا معروفًا ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله) سورة البقرة (235)، وهنا نجد إن الله سبحانه وتعالى استخدم الاستعارة المكنية للتصريح عن العلاقة الزوجية بدلًا من ذكرها مباشرةً، ونرى في الآية تصريح من الله للمسلمين الراغبين في الزواج من النساء المطلقات أو من مات زوجها بألا يجوز أن يخطبوها إلا بعد انقضاء فترة العدة.
- قال تعالى: في آية (189) من سورة الأعراف، قال الله تعالى: (فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا)، وبهذا نلاحظ أن الله تعالى أشار إلى اللمس المباح والمس بدون ذكر صريح للفحشاء، مستخدمًا كلمات لائقة لا تخدش الحياء أو تثير الرغبة.
نرى أن الله سبحانه وتعالى استخدم الاستعارة المكنية أيضًا للتعبير عن الأفعال التي حرمها الله، مثل الزنى والفحشاء والمنكر، وذلك بدلاً من استخدام الألفاظ الصريحة.
- يقول تعالى في سورة النساء (24): (محصنين غير مسافحين)، والسفح لغويًا هو الدم الذي ينزف من الشاة عند ذبحها.
تاريخ الاستعارة المكنية وسر جمالها
يمكن تعريف الاستعارة على أنها تشبيه حيث يتم حذف أحد طرفي التشبيه وأداة التشبيه، على سبيل المثال “محمد بحر” حيث تم حذف وجه الشبه الأول وأداة التشبيه، ويجب التمييز بين الاستعارة التمثيلية والتشبيه التمثيلي
يمكننا استخدام التشبيه في القوة كاستعارة، ولكن بدلاً من قول “فلان كالأسد في القوة”، يمكننا حذف وجه الشبه باستثناء القوة، وبالتالي يصبح الجملة “فلان أسد.
الفرق بين الاستعارة المكنية والتصريحية والتمثيلية
مع اختلاف أنواع الاستعارة بين المكنية والتصريحية، يمكننا التمييز بينهما بوجود المشبه به، حيث إذا وجد المشبه به فإن الاستعارة تصبح تصريحية، وإذا حذف المشبه به واستخدمت الرمزية فإنها تصبح استعارة مكنية.
يتمثل سر جمال الاستعارة المكنية في توضيح المعنى وتأكيده حيث ما هي إلا الحقيقة مؤكدة بطريقة أخرى، وبالنظر إلى المعنى الحقيقي والمجازي للاستعارة المكنية نجد إنها حقيقة أيضًا ولا أحد يستعير شيئًا من أحد إلا إذ كان يجمعهما صلة معنوية، طبقًا للـ جاحظ الذي يُعد من أوائل البلاغيين الذي التفتوا إلى الاستعارة وقام بتعريفها باستخدام مثال واضح إلا وهو أبيات شعرية تتمثل في:
- يا دار قد غيرها بلاها كأنما بقلم محاها.
- عمران يدمرها بناؤها ويجعلها مستوطنة مهجورة.
- وطفقت سحابة تغشاها – تبكي على عراصها عيناه.
قام الجاحظ بـ استخدام صفة البكاء ونسبها إلى السحاب؛ وذلك باستخدام الاستعارة حيث سمى الشيء بغير مقامه، ونرى أيضًا إن الجاحظ عادةً ما يستخدم في تعليقاته الأدبية على النصوص والعبارات أسلوب الاستعارة بشكل التشبيه؛ وذلك لـ إيصال المعنى ونرى ذلك في ((على المثل))، ((على الاشتقاق)) ويُعني بذلك الاستعارة المجازية، وفي حالة إن كنت تظن إن الاستعارة هنا تشبيه فـ لا؛ وذلك لأنها استعارة تامة علاقتها المشابهة حيث حُذف أحد أطراف أدوات التشبيه مما يُسبب خلل في التشبيه.
ولم يتوقف علماء البلاغة عند الجاحظ، بل أضاف ابن المعتز في كتابه `البديع` أمثلة عن الاستعارة وقال: `إنما في أم الكتاب عندنا لعلي حكيم`، وموضحا أن استخدام الاستعارة يضيف جمالا فريدا إلى الجمل بدلا من استخدام الأساليب التقليدية. وهنا يمكننا أن نتعلم كيفية استخراج الاستعارة المكنية.
حل تمارين الاستعارة التصريحية والمكنية
ويستكمل بن جعفر مسيرة قدامة ابن المعتز حيث ذكر في كتابه نقد النثر بابًا كاملًا عن الاستعارة يتحدث فيه عن مفهومها لدى العرب مع العلم بأنه لم يكن يستخدم مصطلح الكناية، وذكر في حديثه عن الاستعارة إن استخدامها لدى العرب واجب؛ وذلك لأنهم يهتمون أكثر إلى الألفاظ لا المعاني ويهتمون بالتعبير عن الأشياء بأكثر من أسلوب وطريقة؛ لذلك استعاروا الكثير من الكلمات بهدف التوسع والمجاز حيث كان يرى إن الاستعارة المكنية ما هي إلا استعارة الألفاظ في غير محلُها، وذكر أيضًا مثال على ذلك في القرآن الكريم والشعر:
- يشير الله تعالى في قوله (يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد) إلى فكرة الحديث إلى الجهنم باستخدام استعارة مكنية.
- قال الله تعالى: `ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين`، وهنا يستخدم التشبيه المكنون في القول للسماء والأرض، وأيضا التفسير.
- توجد العديد من الأمثلة التي ذكرها الشعراء، مثل قولهم: (امتلأ الحوض وقال قطني)، ويمكن استخدام الاستعارة في هذه الحالة، لأن الحوض لم يكن لديه سعة كافية لاستيعاب المزيد من الماء.
ويتضح من تفسير الأمثلة السابقة أنها استعارة مكنية، حيث تم حذف المشابه للمعنى المراد واستخدام شيء آخر لتمثيله، وجميع الأمثلة السابقة استعارة مكنية باستثناء الإنسان الذي يتم الإشارة إليه أو منه، وبعض البلاغيين يرون أن الاستعارة المكنية تعد نوعا من التشخيص لأن الأشياء الجامدة أو المعاني يمكن أن تكتسب صفات الكائنات الحية.