كيفية استخراج الاستعارة المكنية
علم البلاغة هو أحد العلوم المهمة المتعلقة باللغة العربية. لقد ساهم هذا العلم في صياغة أجمل الجمل والعبارات التي تحمل معان عميقة جدا، نتيجة الاعتماد على العديد من صور التشبيه بين الأشياء، وبعضها قد يكون خياليا وغير تقليدي في بعض الأحيان. ومن أهم فروع علم البلاغة الاستعارة، التي تنقسم بدورها إلى استعارة مكنونة واستعارة صريحة .
تعريف الاستعارة
تعرف الاستعارة في اللغة على أنها أخذ أحد الأشياء من أحد الأشخاص بغرض ردها مرة أخرى، مثل استعارة المال أو الكتب أو الأغراض أو أي شيء آخر. وأما اصطلاحا، فقد تم تعريف الاستعارة على أنها استخدام بعض الألفاظ في غير المواضع المتعارف عليها، ولكن هذا الاستخدام ليس عشوائيا، ولكنه يستند إلى وجود علاقة محددة بين اللفظ الأساسي والمعنى الذي تم استخدامه للتعبير عن هذا اللفظ .
الاستعارة المكنية
الاستعارة المكنية هي نوع من أنواع التشبيه يتم فيه الإبقاء على المشبه وحذف المشبه به. يتم استخدام هذا النوع بشكل واسع في اللغة العربية. أحد أمثلتها هي عبارة `غضبت البحار غضب كبير`، حيث يتم حذف المشبه به الإنسان الغاضب ويتم التعبير عنه بصفة واحدة وهي الغضب، ويتم ذكر المشبه فقط وهو البحر .
استخراج الاستعارة المكنية
يمكن التعرف على طريقة استخدام الاستعارة المكنية في الجملة من خلال العديد من الأمثلة، مثل
-يقول الله تعالى في كتابه العزيز : في سورة الإسراء، { وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ } [الآية: 24]، حيث قام المولى سبحانه وتعالى بشبه الذل بإحدى الطيور التي تخفض جناحها، وتم الاستعارة بصفة الجناح من الطائر، وتم ذكر المشبه به فقط وهو الذل .
-وقوله تعالى : تُعد آية { وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ } من سورة التكوير [الآية: ١٨] مثالًا بلاغيًا وبيانيًا متميزًا، حيث تم تشبيه الصبح بشخص يتنفس، وتم ذكر صفة واحدة للمشبه به وهي التنفس، واستخدم المشبه الأصلي وهو الصبح .
في هذا المثال، تم تشبيه أشعة النجوم بسُلُّم يمكن للإنسان تسلقه للصعود إلى السماء. وتم حذف المفتاح المشبه به وهو السلم، وذكر إحدى صفاته الخاصة وهي التسلق، وتم الإبقاء على المشبه المستخدم وهو أشعة النجوم .
-قوله تعالى : { وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ } سورة الأعراف [ اية : 154 ] ، وهنا تأتي البلاغة بشكل أكثر من رائع ، حيث أن الله تعالى قد شبه الغضب بأنه إنسان يغضب ويسكت ، وقد تم الاكتفاء بذكر أحد صفات المشبه به وهو السكوت ، وتم أيضًا الاستبقاء على المشبه وهو الغضب .
في مثال “صفق المجد للمجتهدين”، المجد مشبه بأنه إنسان يصفق، ولم يتم ذكر المشبه به وهو الإنسان، بل تم الاكتفاء بذكر صفة واحدة فقط وهي التصفيق، مع ذكر المشبه به الذي هو المجد .
يعد عنوان قصيدة للشاعر المصري حافظ إبراهيم “مصر تتحدث عن نفسها” استخدامًا واضحًا للاستعارة المكنية، حيث تم تصوير مصر على أنها إنسان يتحدث، ولم يتم ذكر المشبه به وهو الإنسان، وإنما تم ذكر صفة واحدة فقط له وهي التحدث، وتم ذكر المشبه به وهو مصر .