امثلة على الشرك في الربوبية
تعريف الشرك في الربوبية
في اللغة العربية، الشرك يعني التخصيص، وفي القرآن الكريم، يشير مصطلح الشرك إلى عملية تخصيص شخص أو شيء ليصبح شريكا لله أو ما يعادله، ولذلك، فإن المتحدثون عندما ينأون بأنفسهم عن الشرك، فهم يلتزمون بالتوحيد الخالص، ويمكن تصنيف الشرك على نطاق واسع إلى الشرك العقائدي والشرك المتعلق بأعمال العبادة أو الطاعة
وفي الوقت الحاضر، نرى بعض الطوائف يسيئون استخدام مفهوم الشركة لتجاوز معتقدات الآخرين. وكلما فشلوا في إثبات ذلك، اتهموا الآخرين بالشركة. هذا السلوك غير إسلامي تماما وغير أخلاقي وغير لائق. ومع ذلك، قام علماء الإسلام فعلا برد على جميع أفكارهم المنحرفة وثورات الاتهام
إذا نظرنا إلى معنى الشرك في الربوبية، فإن الشريك يعتبر مشاركا مع الله سبحانه وتعالى في إدارة الكون، والفرق بين شرك الربوبية وشرك الألوهية هو أن شرك الألوهية يتمثل في إعطاء جزء من العبادة لغير الله، في حين يعد شرك الربوبية من الشرك الأكبر الذي يخرج المرء عن الملة، لأن الله وحده هو الذي يتحكم في الكون ويدير الأمور، مثل شروق وغروب الشمس وحركة القمر ونزول المطر ومنح الحياة والموت وتوزيع الرزق على العباد، وبما أن إدارة الكون وتنظيم شؤونه كلها بيد الله تعالى وحده، فإنه هو الذي يرفع ويخفض
الله هو الذي يحيي ويميت، وهو الذي يحرك الأفلاك والأجرام السماوية، سواء كانت قريبة أو بعيدة، صغيرة أو كبيرة، وهو مالك الملك، ولا يوجد شريك له في ذلك. ونحن نؤمن بذلك بمقتضى إيماننا بربوبيته العليا.
حيث قال الله تعالى في سورة فاطر الآية 2 (مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ)
وكذلك في سورة الزمر الآية 38 (قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ) وأيضاً في سورة يونس الآية 107 (وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ).
من أمثلة الشرك في الربوبية
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله: إن الله سبحانه هو الملك المدبر، المانع والمعطي، النافع والضار، الخافض والرافع، المعز والمذل، ومن شهد أن هناك من يعطي أو يمنع، أو يضر أو ينفع، أو يعز أو يذل غير الله، فقد أشرك في الربوبية
وقال في موضع آخر: أما الشرك الأول في الربوبية، فهو إثبات فاعل مستقل غير الله، مثل إحداث فعل الحيوان المستقل أو جعل الكواكب أو الأجسام الطبيعية أو العقول أو النفوس أو الملائكة أو غير ذلك مستقلة بأحداثمنفصلة، وهذه هي حقيقة قولهم: إعاقة الحوادث عن الفاعل
كما قال الله تعالى في سورة يونس الآية 31 (قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ۚ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ ۚ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ) وكذلك قال الله تعالى في سورة الرعد الآية 2 (اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ۖ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ ۖ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ۖ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُّسَمًّى ۚ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُم بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ).
ومن الأمثلة على الشرك في الربوبية:
- الاعتقاد بوجود خالق بجانب الله عز وجل.
- هو الاعتقاد بأن أحدًا من الخلق ليس لديه القدرة على التحكم في الكون.
- الاعتقاد بأن لا أحد لديه القدرة المطلقة على النفع والضرر إلا الله تعالى.
- الاعتقاد أنه لا يوجد من يعلم الغيب المطلق إلا الله تعالى.
- الاعتقاد بوجود شخص يمكنه شفاء الأمراض بدلاً من الله سبحانه وتعالى.
- الاعتقاد بوجود من يحيي ويميت مع الله تعالى بدون إذنه.
- الاعتقاد بوجود رازق للخلق غير الله سبحانه وتعالى.
من زعم أن أحداً غير الله له التصرف في الكون وتدبيره فقد أشرك حيث يعتقد بعض الغلاة أن لبعض الأولياء أو الصالحين أو الأئمة التصرف في الكون وتدبيره وهذا شرك أكبر في الربوبية فإن الذي يدبر الكون هو الله عز وجل في علاه فمن زعم أن أحداً يدبر الكون تدبيراً مطلقاً فقد ادعى شريكاً مع الله تعالى في ربوبيته وهذا من الشرك الأكبر المخرج عن ملة الإسلام والإنسان مهما كان لا يملك تدبير نفسه فكيف يملك تدبير الكون الفسيح.
- قال الله تعالى في سورة فاطر الآية 13 (يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى ۚ ذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ ۚ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ﴾.
- قال الله تعالى في سورة سبأ الآية 22 (قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ ۖ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ).
إقرار مشركي العرب بتوحيد الربوبية
كان معظم المشركين العرب يؤمنون بربوبية الله تعالى بسبب الفطرة المركوزة في أنفسهم، وكذلك يؤمنون ببقية دين إبراهيم عليه الصلاة والسلام، كما ذكر الله تعالى في آيات كثيرة
قال الله تعالى في سورة الزمر (وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ۚ قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ ۚ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ ۖ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ).
ذكر الله تعالى في سورة الزخرف: `ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله، فأنى يؤفكون`.
الإقرار بتوحيد الربوبية وحده لا يكفي ليعتبر شخصا مسلما، بل يجب أيضا الالتزام بعصمة الدم والمال والنجاة في يوم القيامة، وذلك بالإضافة إلى إقرار توحيد الألوهية وعبادة الله وحده دون شريك، وترك عبادة الآلهة الباطلة. فقد كان معظم المشركين في الجاهلية يعترفون بتوحيد الربوبية، ولكنهم لم يعترفوا بتوحيد الألوهية، لذلك بعث الله رسوله محمد ﷺ ليدعوهم إلى توحيد الألوهية، وجادلهم في هذا الأمر، وحاربهم بسبب رفضهم الالتزام به.
حسب رواية ابن عمر رضي الله عنه، قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: `أمرت بالقتال ضد الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤدوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك فإن دماؤهم وأموالهم تصبح حرامًا علينا وحسابهم على الله`
وعند الرجوع إلى سورة التوبة، يوجد آية في القرآن الكريم تؤكد على ما ذكر في الحديث، حيث يذكر في الآية الخامسة: `فإذا حلت الأشهر الحرم، فاقتلوا المشركين حيثما وجدتموهم، واخذوهم، واحصروهم، واقعدوا لهم كل مرصد، فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة، فاتركوا سبيلهم، إن الله غفور رحيم`.
هل يؤدي اعتراف الكفار بتوحيد الربوبية إلى دخولهم في الإسلام؟
ينبغي توحيد الإلهية وعبادة الله وحده، بدون شركاء، ليصبح المرء مسلمًا.